الطحين يا معالي الوزير

في لبنان التاريخ دائما يعيد نفسه تختلف الاسماء والوجوه وكأن القدر اراد لهذا الشعب الا يتعلم من تجاربه المريرة فترى الاخطاء عينها تتكرر ولو مر عليها قرون.

بعد نفي الامير بشير الشهابي الكبير عيّن الصدر الاعظم الامير بشير الشهابي الثالث حاكما على امارة جبل لبنان فلقبه ابناء رعيته "بأبو طحين" لانه كان يملك عدة مطاحن قمح والتي كانت توصف في تلك المرحلة "المطحنة مزراب ذهب"، اشتهر الامير بإحتكاره لمادة الطحين وارتفاع اسعارها علما انه كان الامير وعليه السهر على تلبية مستلزمات الحياة اليومية.

في لبنان اليوم يبحث وزير الاقتصاد امين سلام عن 45 الف طن من القمح "تبخرت" في رحلتها من المطاحن الى الافران، وفي معلومات خاصة لموقعنا المادة لم "تتبخر" بل تم توضيبها بأكياس الطحين "الاكسترا" في الافران لماذا؟

الطحين العادي مدعوم فيما الطحين "الاكسترا" غير مدعوم وهو يستعمل في صناعة الحلويات والخبز الاجنبي، لذلك عمدت الافران الى استبدال الطحين في الاكياس من مدعوم الى غير مدعوم، وبإضافة بعض المواد على الطحين المدعوم تتمكن الافران من صناعة الحلويات والخبز الاجنبي.

احد الافران الكبرى في منطقة كسروان والتي يربطها عقد مع شركة "ماكدونالدز" لتأمين خبز "الهامبرغر" تعمد الى استعمال الطحين المدعوم من اموالنا لتصنيع خبز "هامبرغر" في حين تبيعه الى الشركة المذكورة بالدولار "فريش"، معالي الوزير اهلا وسهلا بك الى مغارة علي بابا، والسؤال الاساسي هل بإمكان المختبرات اللبنانية اجراء الفحوصات الضرورية للتمييز بين الطحين المدعوم والطحين "الاكسترا"؟

 

كان النائب والوزير السابق علي بزي يتغنى في مجالسه بأبيات من الزجل لشاعر جنوبي ابرز ما ردده:

لبناني واضعْ قانونْ بيصونْ حقوق الإنسانْ

والإنسان اللبناني ببلادو، مْبهدلْ مِنهانْ

بدنا نعرف هالقانون بيعرف شو صار بلبنانْ

 أو ناسي! أو متناسي!  إنو اللبناني إنسانْ

 

حكم ابو طحين امارة جبل لبنان من 1840 حتى 1842، لم يذكر كل المؤرخين اي انجاز في عهده بل اشتهر بالسخرية والروايات المضحكة وما اشبه اليوم بالامس ومن اشهر ما وصف به عهد الامير الذي كان مولعا بتربية الحمام  ولازمه مرض في المسالك البولية ما اجبره على التردد الى الحمام بشكل دائم:

الأمير بشير التالت بشو قام؟ عمّر ششما و برج للحمام.