الكهرباء تُتعب ميقاتي والرحلة طويلة مع صندوق النقد

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وانهماك الافرقاء في سباق حجز أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، تواصل الحكومة متابعة مجموعة من الملفات ابرزها ما ستنتهي اليه مع صندوق النقد الدولي، مع تركيزها على تنفيذ خطة التعافي واجراء الانتخابات في موعدها. وتقول مصادر وزارية ان العلاقات بين الجهات الممثَّلة في الحكومة تعمل بأكبر قدر من التناغم. ويعود هذا الامر اولاً الى مقاربة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يستمع الى مختلف وجهات النظر ثم يعمل على اجتراح مخارج تكون محل قبول الجميع قدر الامكان. ولا يمكن في الوقت نفسه القفز فوق التباعد الواضح بين الوزراء المحسوبين على حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر". ولا يقلل هنا وزير متابع من خطورة مساحة التنافر الوزاري بين فريقين اساسيين. واكثر ما يتمثل خلافهما في موضوع خطة الكهرباء وكيفية التعاطي مع مصرف لبنان، الى التشكيلات الديبلوماسية وغيرها، ومع ذلك سيكون الطرفان على لوائح انتخابية مشتركة في اكثر من دائرة.

 

وفي رأي اكثر من وزير ان ثمة أولويات يجب ان تتقدم على ملفات يطرحها البعض، اي بمعنى ان لا فائدة من طرح البتّ بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل التوصل الى حسم النقاط الرئيسية في المفاوضات مع صندوق النقد الذي تبدي بعثته في بيروت ارتياحها الى حصول تقدم في مشروع "الكابيتال كونترول" الذي يُنتظر بتّه في مجلس النواب. وفي حال عدم اقرار هذا المشروع فإنه يهدد كل ما تم التوصل اليه مع الصندوق. وينبغي ان يترافق هذا الامر مع التوصل الى وضع خطة للاصلاح المصرفي، مع التشديد على مسلّمة حفظ اموال المودعين وحقوقهم في المصارف، وعلى مسألة الحفاظ على الاقتصاد الحر. ويشكل مشروع "الكابيتال كونترول" مفتاح الدخول الى "الصندوق"، وقد اصبح في عهدة البرلمان الذي سيقوم بدرسه تمهيداً لمناقشته في لجنة المال والموازنة، على ان يرسله الرئيس نبيه بري الى الهيئة العامة وفقا للاصول المتّبعة. ولا يعترض ميقاتي هنا على إقدام النواب على تعديل ما يريدونه. وتفيد اوساط رئيس الحكومة بأن المفاوضات مع الصندوق "ليست ضربة وننتهي منها بل هي مسار طويل. واذا تم الاتفاق على الخطوط العريضة فسيصار بعد ذلك الى الدخول في التفاصيل، والامور تسير نحن الافضل. ويقدّر الصندوق عمل الحكومة التي تبادله الموقف نفسه مع التوقف عند تعاون البعثة ومرونتها". ولا يحدد ميقاتي موعداً لابرام الاتفاق النهائي انطلاقاً من تعلّمه في لبنان عدم وضع تاريخ خشية الوقوع في أزمات تعرقل مسار المفاوضات القائمة. ولذلك يجري قطع شوط وراء آخر. ولا يمكن طمأنة اللبنانيين الى ان الاتصالات الدائرة قد وصلت الى الشاطىء السليم.

 

أما في مسألة بدء ميقاتي رحلة التفتيش عن اسم بديل من سلامة فذلك "غير دقيق"، إذ تفيد المصادر الوزارية ان "هذا الموضوع يتطلب وفاقاً محلياً في الدرجة الاولى وتوافر تغطية دولية، وان الحاكم ليس لعبة" ليجري التعاطي مع منصبه وفقاً لمصالح سياسية تخص هذا الفريق او ذاك، ولا سيما قبيل الانتخابات النيابية. وفي حال تم الاتفاق على بديل مناسب من سلامة سيناقش ميقاتي الموضوع. وبحسب اوساط رئيس الحكومة انه "من غير المنطقي توجيه الضربات الى الحاكم حيث سيتضرر البنك المركزي والبلد كله، بينما المطلوب حماية المؤسسة. ولا تستقيم المسائل عند تحميل المسؤولية والاخطاء التي وقعت ووضعها كلها على ظهر سلامة، وانما الطبقة السياسية هي المسؤولة".

 

واذا كان صندوق النقد يحظى بالمتابعة المطلوبة عند ميقاتي، فإن ملف الكهرباء يتعبه كثيراً لكنه يواصل العمل عليه لايجاد الحلول المطلوبة بغية التخفيف من الاعباء التي يتكبدها المواطنون. وثمة ملاحظات على اداء وزير الطاقة وليد فياض في هذا القطاع من أكثر من جهة. وكان ميقاتي والوفد الوزاري المرافق قد عاد من قطر بعد مشاركته في "منتدى الدوحة" بحصيلة معطيات ايجابية سمعها من أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني فضلاً عن مسؤولين عرب واجانب آخرين عبّروا عن كامل استعداداتهم لدعم لبنان، مع ملاحظة تبدل التعاطي الخليجي مع لبنان بعد الازمات الاخيرة، حيث يسجَّل هنا ان التدخل الفرنسي من جانب الرئيس ايمانويل ماكرون قد فعل فعله الايجابي، في انتظار ترجمة الوعود على الارض اللبنانية لأن المؤسسات لم تعد قادرة على امتصاص هذه الصدمات السياسية والقضائية غير المدروسة.