من يهتم بمصير العام الدراسي المقبل بعد أقل من شهر؟

"من يهتم بمصير العام الدراسي المقبل بعد أقل من شهر؟ هل مَنْ يشرح لنا كيف سيدخل التلامذة إلى المدارس ومن سيدفع الأقساط؟ وماذا سيفعل الأهل والأساتذة والمدارس؟"

نستعير هذه الأسئلة من رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل والتي طرحها أمس بعد استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، لنوصّف حال الأهل والأساتذة والمدارس وهم على أبواب عام دراسي جديد يبدأ مطلع أيلول في المدارس الخاصة وفي أوائل تشرين الأول في المدارس الرسمية.

لقد رفع النائب سامي الجميّل الصوت كالعادة، فيما ينصرف أفرقاء السلطة عن الاهتمام بالقطاع التربوي لأنّهم "منهمكون في التسويات المقبلة" كما أكد رئيس الكتائب.

لقد مرّت ثلاث سنوات عاشت معها المدارس كوابيس عدة ألحقت ضررًا هائلًا بمستقبل الأجيال، بدأت في العام الدراسي 2019-2020 مع الإقفال الذي فرضته جائحة كورونا في لبنان، واستمرت في العام 2021- 2020 مع تفشي الفيروس، وصولًا إلى العام 2021-2022 الذي حفل بأزمات توزّعت بين استمرار كورونا وأزمة البنزين ومشهد الطوابير وتوجّت بأزمة الأزمات المتمثلة برواتب الأساتذة والتي دفع ضحيتها الأهل والتلامذة والأساتذة والمدارس على حد سواء.

خاض أساتذة التعليم الرسمي حربًا شعواء العام الماضي مع وزارة التربية وعقدت اجتماعات عدة إلى أن نجح وزير التربية في إيجاد صيغة لعودتهم، أما أساتذة التعليم الخاص فقد تخبّطوا بمفردهم مع إدارات مدارسهم التي وقعت بدورها في حرب مع الأهالي لرفع الأقساط وقد نجحت في رفعها وفرضت جزءًا منها بالفريش في العام المقبل والسؤال الأهم: "هل سيتمكن الأهل من دفع هذه النسبة بالفريش، وبالتالي هل ستتمكّن المدارس من دفع الرواتب التي وعدت بها، مع العلم أنها تعادل 10% أو 20% أو 30% من قيمة الرواتب التي كانوا يتقاضونها قبل الانهيار الكبير؟"

في هذا السياق تقول السيدة م. ج. لموقعنا: "قبل الحديث عن الأقساط، بدأ الهمّ يؤرّقنا لتأمين ثمن القرطاسية والكتب المدرسية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار، أما الأقساط المدرسية فلها قصة أخرى، إذ كيف سنتمكن من تسديدها وما زلنا نتقاضى رواتب بالكاد تكفينا لدفع فاتورة المولّد والمياه والهاتف والبنزين والطعام؟"

السيدة ب. م. وهي مُدرّسة وأم لولدين قالت بدورها: "إن ثمن كتاب اللغة الانكليزية فقط بلغ 1.312.500 ليرة لبنانية، موضحة أن المكتبات لا تراعي التخفيض في الأسعار لا بل تحتسب ثمن الكتب وفق سعر الصرف في السوق السوداء، وأكثر من ذلك فإننا ملزمون بشراء طبعة جديدة ما يعني عدم إمكانية شراء كتاب مستعمل أو استعارته من قريب أو أخ أو جار، هذا من دون أن نتحدث عن الزي المدرسي وسعره".

وانطلاقًا من هذه الصرخة سألت السيدة: "قبل الوصول إلى العام المقبل، هل سألت إدارات المدارس كيف يمضي بعض أساتذتها عطلتهم الصيفية، مشيرة إلى أن عددًا كبيرًا من المدارس دفعت الرواتب طيلة فصل الصيف بالليرة اللبنانية وفق العقود الموقّعة على سعر 1500 ليرة لبنانية من دون أن تراعي الأزمة الاقتصادية الضاغطة."

توازيًا، أعرب عضو في رابطة الأساتذة في إحدى المدارس الخاصة والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أعرب عن خشيته في ظل الأزمة الاقتصادية من عدم تمكن الأهالي من دفع الأقساط وبالتالي عدم تمكن المدارس من دفع الرواتب للأساتذة ما يعني العودة إلى الحلقة المفرغة وقوامها الأطراف الثلاثة: "الأهل والمدارس والأساتذة" والضحية دومًا الأجيال الصاعدة.

وسأل: "هل فكّر أفرقاء السلطة في الهموم الحياتية للمواطن؟ بالطبع لا، فهناك استحقاق أهمّ يشغل بالهم وهو الاتفاق على اسم رئيس الجمهورية المقبل، مُتناسين أن الصروح التربوية وحدها تُخرّج من سيتبوّأون المناصب العليا في الدولة ومن سيرفعون اسم وطنهم لبنان، هذا إن كانوا يسألون عن بلد الأرز الذي يصرخ من قعر جهنم ويقول أغيثوا أبنائي الذين ما عاد بإمكانهم التحمّل".

إنّها عيّنة مختصرة عن تخبّط القطاع التربوي، علّ أصحاب الضمائر يتحرّكون قبل فوات الأوان.