4 مرشحين للرئاسة في تركيا... ما السيناريوهات المتوقعة؟

بعدما تمكن سياسيان تركيان من جمع التوقيعات اللازمة للترشح لانتخابات الرئاسة، باتت المنافسة المنتظرة على هذا المنصب تدور بين 4 شخصيات، وليس فقط بين الرئيس رجب طيب إردوغان وزعيم المعارضة، كمال كلشدار أوغلو، بينما يتبقى على موعد الاقتراع أقل من 50 يوما.

هذان السياسيان هما زعيم "حزب البلد" محرم إينجه، وعضو "حزب النصر" سنان أوغان، ورغم أن القاعدة التصويتية لكل منهما لا تقارن بالقاعدة الخاصة بإردوغان وكلشدار أوغلو، إلا أن ترشحهما للرئاسة سيشكل أثرا ملموسا على صعيد ميزان الانتخابات، بحسب ما يقول مراقبون لموقع "الحرة".

ويتعلق هذا الأثر بالدور الذي سيحدثانه في عدم حسم الانتخابات من الجولة الأولى، وبالتالي ذهابها إلى الثانية، وهو الاحتمال الذي بات الأكثر ترجيحا، كما أنهما سيلعبان دورا في "زعزعة" أصوات التحالفات القائمة، بالأخص التابعة للمعارضة، وأبرزها "تحالف الأمة" ومرشحه كلشدار أوغلو.

وكان إينجه انشق عن "حزب الشعب الجمهوري" الذي يتزعمه كلشدار أوغلو، في فبراير 2021، بسبب خلافاته مع الأخير، وبعد خسارته أمام إردوغان في السباق الرئاسي، عام 2018، ليتجه بعد ذلك إلى تأسيس حزبه الخاص، وصولا إلى إعلان ترشحه للرئاسة بشكل مستقل ومنفرد.

أما سنان أوغان، الذي كان منضويا في السابق ضمن صفوف "حزب الحركة القومية"، حلفاء إردوغان الحاليين، فقد جاء ترشيحه للرئاسة عن "حزب النصر" المعادي للاجئين، بعدما انضم إليه مؤخرا، وفي أعقاب إعلان تأسيسه من السياسي المعارض المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ.

ووفقا لاستطلاعات الرأي للعديد من مؤسسات أبحاث الرأي العام، التي أجريت في شهر مارس الحالي، تبلغ أصوات إينجه المتوقعة حوالي 2 إلى 3 بالمئة في المتوسط، بينما أصوات أوغان حوالي 1 إلى 2 في المئة بالمتوسط.

وفي حين تبدو هذه النسب ضئيلة، إلا أنها "مهمة" بالنسبة لضفة المعارضة، في وقت يعتقد أن الأصوات تأتي لهاتين الشخصيتين على نحو أكبر من "تحالف الأمة" ومرشحه زعيم "حزب الشعب".

"المعارضة الأكثر تضررا"
ومن المقرر أن تجري انتخابات الرئاسة والبرلمان في تركيا في الرابع عشر من شهر مايو المقبل، بينما سيكون تاريخ 31 من شهر مارس الحالي موعد الانتهاء من قائمة المرشحين الرئاسيين بنشرها في الجريدة الرسمية.

بعد ذلك، وفي نفس اليوم، من المقرر أن يتم الانتقال إلى فترة الدعاية للانتخابات، والتي ستنتهي قبل يوم واحد من موعد الاقتراع.

ورغم أن ترشيح كل من محرم إينجه وسنان أوغان "سيؤثر على كلا الجانبين في ظل الظروف العادية"، بمعنى تحالف الحزب الحاكم والمعارضة، إلا أن الصحفي التركي، إبراهيم أباك يرى أن "كلشدار أوغلو سيكون الأكثر تضررا".

وعلى سبيل المثال يقول أباك لموقع "الحرة": "لا يمكن أن يحصل سنان أوغان على أصوات من تحالف الشعب (الحزب الحاكم)، بل من أصوات حزب الجيد"، وهو ذو الجذور القومية وأحد أركان "تحالف الأمة".

وفي المقابل يضيف أباك أن "المرشحين الثلاثة الآخرين يخاطبون ناخبي أحزاب تحالف الأمة"، وبالتالي لا يعتقد أن الأمر "سيؤثر سلبا على إردوغان".

من جهته يقول الكاتب التركي، محمد تازكان إن الأثر لكل من إينجه وأوغان لن يقتصر فقط على أصوات تحالف المعارضة، بل سينسحب أيضا إلى تحالف الحزب الحاكم.

"سيضرب إينجه حزب الشعب الجمهوري، وسنان أوغان حزب الحركة القومية"، الذي كان ضمن صفوفه في السابق، وفق تازكان.

ويوضح أن "الكتلة التي يرتكز عليها محرم إينجه هي اشتراكية ديمقراطية، بالإضافة إلى ناخبين قوميين، وأولئك المستائين من حزب الشعب الجمهوري، ويكرهون كلشدار أوغلو لسبب ما".

ويعتقد الكاتب أن "محرم إينجه، وفي حال واصل ترشيحه للرئاسة لن يكون منافسا لإردوغان بل لكلشدار أوغلو".

ولا تزال الكثير من التكهنات تثار بشأن المسار الذي سيمضي فيه إينجه خلال الأيام المتبقية على موعد الانتخابات، وما إذا كان سيتفاوض مع مرشح المعارضة كلشدار أوغلو لكي ينسحب، أم لا.

وكان إينجه قد قال، يوم الاثنين، للصحفي في جريدة "حرييت" عبد القادر سيلفي إن كلشدار أوغلو سيزوره، وأضاف: "إذا جاء السيد كمال سنتحدث، وأنا منفتح على التفاوض". 

من جانب آخر، يتعلق بالمرشح الرئاسي سنان أوغان، يشير الكاتب تازكان إلى أنه "شخصية مستاءة من حالة حزب الحركة القومية، وغاضبة من زعيمه دولت باهشتلي".

وبالتالي، يتوقع الكاتب أن يسحب أوغان جزءا من القاعدة التصويتية لحزب "الحركة القومية"، حليف الحزب الحاكم، ولاسيما أنه "وضع اسم له عند القوميين في السابق، وبات محبوبا من القاعدة الخاصة بهذه الفئة".

ومع ذلك "قد يكون أوغان العنوان الجديد أيضا للقوميين المتضررين الذين لا يريدون الذهاب لحزب الجيد"، أحد أركان تحالف الأمة المعارض، وفق ذات الكاتب.

جولة أولى أم ثانية؟
ويجب أن يحصل المرشح للرئاسة على نسبة "50+1" من الأصوات على الأقل ليتم انتخابه رئيسا، لكن وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية بعد 15 يوما، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات أولا.

وبعد ذلك سينتخب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة رئيسا.

وفي حين لا يعرف ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستحسم من الجولة الأولى أم من الثانية، يوضح مراقبون أنه ومع ترشح إينجه وأوغان للرئاسة، أصبحت الجولة الثانية من الانتخابات الآن "أكثر ترجيحا".

وبدوره يشير الصحفي إبراهيم أباك إلى أن "العواصف قد تندلع حتى يوم التاسع من شهر أبريل، وهو موعد إعلان وتقديم القوائم البرلمانية".

ويوضح: "في تحالف الأمة المعارض هناك مفاوضات بشأن نائب ووزارة ونائب رئيس، وقد يكون هناك توسع في المجموعات التي لديها تحالفات، ويمكن للأحزاب الجديدة الانضمام إلى التحالفات".

"24 ساعة في السياسة التركية وقت طويل"، حسب تعبير أباك، ويعتقد أن "ترشيح محرم إينجه سيؤدي إلى انقسام في جناح المعارضة".

وفي حين ليس من المتوقع أن يتجاوز كمال كلشدار أوغلو نسبة 50 في المئة في الجولة الأولى، "لأن الحساب السياسي والاجتماعي في تركيا لا يجعل ذلك ممكنا"، تشير التقديرات بحسب أباك إلى أن "إردوغان سيتجاوز هذه النسبة في الجولة الأولى".

"لو رشح حزب الرفاه الذي يتزعمه فاتح أربكان مرشحا مستقلا، لكان من الممكن أن يكون له تأثير خطير على إردوغان".

لكن أربكان كان قد أعلن تأييده لتحالف إردوغان قبل أيام، ومن المقرر أن يلتقيه الأخير في مكان إقامته يوم الثلاثاء. 

ومن جانب آخر "يبدو أن إعلان محرم إينجه عن ترشحه قد وضع المعارضة في مأزق"، وفق الصحفي التركي، وأنه "حتى لو تأهلت للجولة الثانية، فستظل المعادلة متغيرة، ولا سيما مع وجود ردات فعل على سنان أوغان من "حزب الجيد".

وذكر الصحفي تولغا شيرين في مقالة له على موقع "T24"، الثلاثاء، أنه وبينما تظهر استطلاعات الرأي تقدم كمال كلشدار أوغلو، إلا أنه "من المشكوك فيه ما إذا كان سيتجاوز 50 في المائة في الجولة الأولى".

ولذلك يقول الصحفي: "من الممكن أن نشهد الجولة الثانية من التصويت لأول مرة في تاريخ تركيا"، وإذا حدث ذلك "سيتواجه كل من كلشدار أوغلو وإردوغان".

ماذا لو دعم إينجه المعارضة؟
ويعتقد مراقبون أن ترشح إينجه للرئاسة، وإصراره على خوض السباق سيشكّل تحديا أمام كلشدار أوغلو، والحزب الذي يقوده، من زاوية ترجيحات استقطابه للأصوات الخاصة بـ"الشعب الجمهوري" علماني التوجه.

 كما يعتقدون أن إينجه، الماهر في التواصل، له صدى بين الناخبين الشباب، وهو ما اتضح خلال الفترة الأخيرة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما انتشرت له "رقصة انتخابية" نالت الكثير من التفاعل لدى فئة الشبان على الخصوص.

ومن المؤكد أن وجود أكثر من مرشح رئاسي ينتمي إلى المعارضة سيجعل من الصعب على كلشدار أوغلو الفوز، لكن إذا انتقلت الانتخابات إلى الجولة الثانية، وكان أنصار محرم إينجه يدعمون الأخير، فإن "الوضع سيكون مختلفا".

ومع ذلك، ووفق الصحفي إبراهيم أباك "يمكننا القول في الوقت الحالي إن ترشيح إينجه للرئاسة هي ضربة كبيرة لكلشدار أوغلو".

ولطالما انتقد السياسي إينجه حزبه السابق وكلشدار أوغلو، وعاد ليكرر ذلك قبل أيام، في أعقاب ترشحه لانتخابات الرئاسة، فيما اتجهت وسائل إعلام لاستضافته وقراءة الموقف الذي سيسلكه خلال المرحلة المقبلة.

وفي المقابل، لطالما انتقد الحزب الحاكم والرئيس إردوغان، لكن ضمن مستوى أقل، قياسا بذاك الخاص بانتقاد أحزاب المعارضة، سواء كلشدار أوغلو، أو "الطاولة السداسية" التي باتت تحالفا رسميا، قبل أشهر.