الكتائب تجابِه الحملات ولن تستكين والسقف السياسي إلى ارتفاع

يثابر حزب الكتائب تأكيداً على وجهة مواقفه السياسية الراسخة والمرسِّخة أهمية تحييد لبنان عن الأجيج الحربيّ وأولوية تجديد الاستقرار وتطبيق القرارات الدولية جنوب لبنان. ويهدف رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل إلى مخاطبة المواطنين الجنوبيين في تصريحاته على تنوّع انتماءاتهم ومشاربهم المتلاقية مع منهاجه السياسي أو المتعارضة معه على حدّ سواء، لأن يقول إنّ لبنان المفعم بالطموح إلى العيش الرغيد في انتظار جميع أبنائه.

يأتي ذلك في وقت يجابه الكتائب "حملة ممتعضة" من رئيسه نتيجة مشاركته في مقابلة تلفزيونية فرنسيّة ظهرت خلالها صحافية ومحلّلة سياسية تحمل الجنسية الاسرائيلية. ولم يكن من المكتب السياسي الكتائبي إلا أن شجب الاتهامات المغدقة على مواقع التواصل الاجتماعي من سياسيين أو مدوّنين موالين لمحور "الممانعة"، والتي منها اقترحت محاكمة سامي الجميّل أو إسقاط الهوية اللبنانية عنه. واتخذ الكتائبيون "محراباً هجومياً" ردّوا من خلاله على اتهامات استهدافية معتمدين نموذج الهجوم بعيداً عن خانة الدفاع. وثمة من لم يحبّذ الفحوى السياسيّ الذي يتحدّث به فتى الكتائب بالنسبة إلى ضرورة عدم إلحاق الجنوب اللبناني بالأوضاع الحربية في قطاع غزّة، ما فاقم الحملات التخوينية التي ليست بحديثة استناداً إلى قراءة المسؤولين الكتائبيين الذين يشيرون إلى أن الأدوات السياسية والأصوات الإعلامية "الممانعة" تعمد منذ سنوات إلى ضغط نفسي على القوى السيادية، ينتهي أحياناً في اللجوء إلى اغتيالات.

لن يستكين حزب الكتائب أمام ضجيج التخوين. ويعتبر أن أجواء الأحزاب السيادية معتادة هكذا أنماط من التعامل السياسي وتعلم جيّداً كيفيّة المجابهة. وكانت قوى "الممانعة" انتقدت تكتلات المعارضة الرافضة للمناوشات الحربية المندلعة على الحدود الجنوبية منذ فترة. وإذ يلفت الكتائب إلى أن رئيسه اتّخذ السقف الأعلى للمواجهة السياسية لأهداف متوخّية صون القضية اللبنانية خلال جولاته في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، فإنّه لن يتوانى عن تأكيد أهمية التوصل إلى الاستقرار اللبناني. ولن يمرّر حزب الكتائب الافتراءات وكأن حملاتٍ لم تكن خصوصاً بعد تهديداتٍ بإزهاق الروح. ذلك بعد انضمام جيوش محور "الممانعة" الالكترونية إلى عديد الإعلاميين الموالين لـ"حزب الله" زعماً للمطالبة في محاكمة رئيس الكتائب.

وإذ يرفض رئيس جهاز الإعلام في حزب الكتائب باتريك ريشا أن "يوجّه "حزب الله" الاتهامات إلى قوى وطنية لطالما دافعت عن سيادة لبنان وحماية أراضيه، في مقابل من يجاهر بوحدة الساحات ومفاقمة شتّى مخاطر الاندلاع الحربيّ الذي يتهدّد لبنان ما لا يجعل من "حزب الله" مرجعاً في إعطاء دروس وطنية"، يؤكد ريشا لـ"النهار" أن "الردّ سيكون في رفع السقف السياسي المناهض للاعتبارات التي يريد "حزب الله" من خلالها تحويل أرض لبنان وجهة للمآرب الإيرانية". ويدعو إلى "استطلاع حجم التضامن مع رئيس الكتائب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومدى الدعم المؤكّد على مبادئه السياسية. لا بدّ للذين يحاولون مضاعفة الانقسام في البلد تماشياً مع مرحلة السبعينات التي أودت إلى حرب أهلية أن يكفّوا عن حملاتهم التخوينية لمن يعارض آراءهم، بعدما طفح الكيل من أسلوب لا إمكان للسكوت عنه". وإذا تخطّت الحملات التخوينية السقف الممكن، "سيكون للكتائب كلام آخر بعيداً عن المهادنة أو تدارك الأوضاع. إذا سلّمنا جدلاً حيال بغضاء "الممانعين" للكتائب واتهاماتهم التخوينية، فلماذا يهدفون للتوصل إلى طاولة حوار مع أقطاب المعارضة إذا كانوا يحاولون دحض وطنية سامي الجميل؟".

استناداً إلى استنتاجات رئيس جهاز الإعلام في الكتائب، تبتغي الحملة على الجميّل "الصراع السياسي للإلهاء بما في ذلك اقتطاع أموال المواطنين من خلال الضرائب والرسوم التي نصّ عليها مشروع الموازنة، خصوصاً بعدما أغاظت نداءات الجميّل المتوجّهة إلى مناصري "حزب الله" للعيش اللائق بدلاً من هول الحرب، الساسة والمسؤولين في "حزب الله" الذين لم يتقبّلوا التوجه إلى بيئتهم الشعبية، ما يتشابه مع الحملات المنظّمة على لقمان سليم قبل استشهاده وعلى عدد من الإعلاميين". في التساؤلات التي يطرحها ريشا، علامات استفهام، كأن يسأل "لماذا يلوّح بعض مؤيدي "حزب الله" في تطبيق القرار الدولي 1701 ضماناً لما سمّوه أمن المستوطنات الاسرائيلية الشمالية وسكان القرى اللبنانية الجنوبية، إذا كانوا لا يستطيعون تحمّل تحليل سياسيّ رجّح من خلاله سامي الجميّل معالم المرحلة؟ وهل يصحّ الكيل بمكيالين بعدما عبّر مؤيدو محور "الممانعة" عن احتمال التوصل إلى خواتيم ترسيميّة للحدود البرية اللبنانية الاسرائيلية بعد اتفاق ترسيمي بحري مع إسرائيل عبر الوسيط آموس هوكشتاين الذي يحمل جنسية اسرائيلية، ثم يحاولون هدر وطنية سامي الجميل لمشاركته في حلقة تلفزيونية، ظهرت فيها محلّلة تحمل الجنسية الاسرائيلية من دون معرفة الجميّل المسبقة بذلك؟". إنّ ما حصل في الأيام الماضية بعد تصريح رئيس الكتائب، كان له في تأكيد ريشا أن "قلّص بعضاً من حاجز الخوف لدى الجنوبيين الذين لا يريدون الحرب. ولن تؤثر الحملة على السقف السياسي المتخذ، مع الاشارة إلى أنه لم يسبق أن تلقى سامي الجميّل تهديداً شخصياً حتى اللحظة. وإذا كانت المضايقات التي جابهها شهداء محور 14 آذار قد أدّت إلى اغتيالات أو تركيبٍ لملفات، فإن حزب الكتائب يدعّم الإجراءات الأمنية المتخذة لرئيسه في ظلّ بلد يفتقر للاستقرار الأمني".