اليسوعية تكرّم خرّيجين قضوا في انفجار المرفأ...والبروفسور توتل يكشف ماذا حصل في صباح الخامس من آب

كرّمت جامعة القديس يوسف في بيروت خريجيها ضحايا انفجار 4 آب 2020: كريستال العضم، خليل عون مجاعص، سيريل كنعان، نيكول حلو، أرليت قطاع، كلوديا اللقيس، إيلي نوفل وأرماند برنارد تيان، بتركيب لوحة تذكارية من الزجاج الملون بعنوان "تشظي الأنوار"، بحضور رئيس الجامعة ونوابه وعمداء ومديرين من الجامعة، وأهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت من أسرة الجامعة.

وقد صمّمت هذه اللوحة الزجاجية الملونة انطلاقا من حطام زجاج كنيسة مار يوسف للآباء اليسوعيين في شارع مونو، وهو زجاج ملون يعود إلى القرن التاسع عشر. وتعود هذه المبادرة إلى كل من رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش، رئيس قسم التاريخ والعلاقات الدولية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة البروفسور كريستيان توتل والمرشد العام في الجامعة الأب جاد شبلي.

توتل

وأكد توتل على "الأهمية التاريخية للنوافذ الزجاجية الملونة في كنيسة مار يوسف وارتباطها الرمزي بالأرواح التي فقدت خلال هذه المأساة"، مذكرا بـ"الجهود الكبيرة التي بذلت في عملية الترميم بين عامي 2008 و2010 ثم الخسارة التي لا تقدر بثمن في 4 آب 2020".

وقال: "في الرابع من آب فقد كل منا شخصا ما، أو جزءا منا. على أي حال، على مثال بيروت، فقدت كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين أيضا نوافذها الزجاجية الملونة. خلال الحرب الأهلية اللبنانية، تحطمت النوافذ الزجاجية الملونة الـ 39، وتحطمت واختفت، وذلك بسبب القصف. وفي 4 آب 2020، دمرت هذه النوافذ الزجاجية الملونة مرة جديدة".

اضاف: "صباح الخامس من آب ذهبت إلى الكنيسة ورأيت أنه لم يتبق من الزجاج الملون سوى حطام على الأرض، فبادرت برفعه وعلى الفور اتصلت، وعلى الرغم من كل المصائب التي ألمّت بنا، بالصديقة ناديا الحاج وهي فنانة متخصصة بالزجاج الملون، التي اتصلت بدورها لاحقا بكاثرين نصر وهي أيضا فنانة زجاج ملون، وعندما اتضحت خريطة المشروع، نلنا مباركة البروفسور دكاش وتشجيع الأب شبلي ودعم الأب دينيس ماير الذي سمح بإعادة تشكيل نتاج فني من هذا الحطام".

وتابع: "ان تدشين هذا النصب التذكاري لم يكن ممكنا لولا مشاركة إليو جبرائيل الذي قدم لنا الإطار الحديدي الذي يحتوي على هذا العمل ويحميه".

دكاش

أما رئيس الجامعة فقال: "أحمق وغير ذي قلب من يعتقد أننا سوف ننسى أنه في ذلك اليوم، الرابع من آب، حصل انفجار في مرفأ بيروت لا بل انفجار في بيروت ذاتها حاصدا مئات الشهداء والجرحى من كل حدب وصوب. اندمجت في ذلك اليوم دماء الشهداء من مختلف الأعمار والجماعات والعائلات، فتوحد اللبنانيون مقدمين دماء واحدة على مذبح الوطن".

اضاف: "الأحمق لا يريد أن يعترف بأن خطيئة ارتكبت بحق الأبرياء، الشهداء الذين رحلوا والشهداء الأحياء في أوجاعهم ونكبتهم فهو يخاف كل مرة يلتقي اللبناني بأخيه اللبناني حتى ولو على مستوى وحدة التضحية والدمار. نحن اجتمعنا اليوم لا لندشن معلما فقط يحمل معاني الرابع من شهر آب ۲۰۲۰، بل اجتمعنا لنقول إننا لا ولن ننسى أحباءنا جميعا المئتين والستة والثلاثين وخصوصا أولئك الذين عاشوا في حضن هذه الأم المعطاء، جامعة القديس يوسف في بيروت".

الخوري

من جهتها، قالت كاثرين نصر الخوري: "كانت تلك اللحظة التي شعرنا فيها بقلوبنا، أو جزء منا، يتحطم إلى 1000 قطعة: قطع تطايرت بعيدا ثم استقرت على أرض مليئة بالغبار والحطام والدم. لقد استغرقنا الكثير من الوقت والكثير من الشجاعة وكل إيماننا بالله لالتقاط هذه القطع، لصنع جزء جديد من شأنه أن يملأ هذا الفراغ الكبير فينا. وهذا يشبه إلى حد ما الطريقة التي تم بها جمع حطام النوافذ الزجاجية الملونة لكنيسة القديس يوسف ووصولها إلى الورشة لتعيش حياة جديدة في لوحة زجاجية ملونة جديدة. وأردنا من خلال تركيبة اللوحة أن نسلط الضوء على هذه القطع الثمينة للغاية والتي تستذكر في الوقت نفسه لحظة الانفجار".

الحاج

أما نادية الحاج فقالت: "أثناء تصميم هذه اللوحة الزجاجية الملونة، وطوال فترة العمل، تراءت لي أوجه التشابه باستمرار. أول تشابه تبادر إلى ذهني هو أن القرن التاسع عشر مثل العصر الذهبي للزجاج الملون. وحمل هذه القطع الثمينة المدمرة بين يدي أعاد إلى ذهني الأرواح الثمينة التي زهقت في 4 آب 2020".

أضافت: "التشابه الثاني يتعلق بواقع أنه من الناحية الأكاديمية في عالم الزجاج الملون، عندما نقوم بترميم عمل مدمر أو تالف، عادة يتم ملء الفجوات من خلال إعادة إنتاج تقنية وأسلوب العمل بأمانة قدر الإمكان. لإخفاء الفراغات وإعادة الزجاج الملون إلى كامل مظهره كما في القطع الأصلية. وهذا أمر مستحيل مع الأرواح المفقودة والتي لا يمكن تعويضها. هنا، في هذا العمل، لم يتم ملء الفراغ، بل بقي لنشعر به ولنحافظ على ذكرى الضحايا من خلال هذه القطع التي تم الحفاظ عليها".

وتابعت: "التشابه الثالث، وهو ما أذهلني أكثر، حقيقة أن معظم القطع التي أعطيت لنا كانت مكسورة، في حين أن الزهور كانت القطع الوحيدة التي أغلبيتها كاملة. وكأنني أحمل بين يدي تجليا ماديا لأرواح الضحايا وذكراهم التي ستبقى حية في قلوب أهلهم وأحبائهم إلى الأبد، كما ستظل هذه الزهور محفوظة إلى الأبد".

أهالي الضحايا

وتحدث الدكتور نزيه العضم والد كريستل العضم باسم أهالي الضحايا، مشيرا الى أن "هذه اللوحة الزجاجية الملونة تمثل قلوب الضحايا المكسورة"، مؤكدا "إصرار الأهالي على مواصلة النضال لتحقيق العدالة".

وقال: "نعيش حاليا في أرض الظلم والعذاب. الظلم الذي أدى إلى ألم مبرح والذي قد يتكرر في أي وقت. وسننظر في أعينهم دائما لنجعلهم يتحمّلون وطأة هذه الجريمة. جريمة الصمت، جريمة إجبارنا على الصمت. لن نصمت أبدا، وسوف نلاحقهم حتى نهاية الوقت. وإذا متنا وتبعنا ضحايانا، سيكون أبناؤنا وأحفادنا هنا لمواصلة النضال. لقد أصبح كفاحا من أجل الحرية بالنسبة لنا".