بري خلف ميقاتي في التشكيل والتوتر مع العهد إلى تصاعد

على حبال زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة اعتبارا من الغد، مُستهلا جولته من إسرائيل، وما قد تنتهي اليه من نتائج ، والقمة الروسية التركية- الايرانية التي اعلن عنها اليوم في طهران في 19 الجاري، اي بعيد انتهاء الجولة الاميركية ومشاركة بايدن في القمة الخليجية ، وافرازات المحطتين، يتأرجح الملف اللبناني حكوميا ورئاسياً. واذا كان التشكيل مجرد وهم يملأ الوقت الضائع حتى مطلع ايلول، فإن الاستحقاق الرئاسي هو الهدف واللبنة الاساسية في بناء انقاذ لبنان من جحيمه، وعلى هذه النتائج سيتحدد المصير وهوية شاغل قصر بعبدا للسنوات الست المقبلة، رئيس تحد ام تفاهم وتسوية.

 

في الداخل، ضبابية وغموض يلفان الرئاسة، وإن كانت في الخارج تجري "امتحانات" لمن يمكن ان يكونوا مؤهلين. فالتطورات المتسارعة من إخفاق المفاوضات النووية في فيينا الى محاولات احيائها في الدوحة، فانقسام المحاور دوليا بين واشنطن وموسكو واحتدام الصراع على المسرح الاقليمي، كلها عوامل جعلت المعركة اضخم وابعد من لاعبي الداخلي الذين بات دورهم شبه معدوم، حتى من يعتبرون انفسهم الاقوى، والاستحقاق الرئاسي لن يتبلور ما لم يرعه ويباركه تفاهم دولي-عربي غير متوفر حاليا في ظل انعدام التوازن ولا تكافؤ المعادلات الجديدة. فالى اين تتجه الاوضاع وكيف تدار المرحلة من دون حكومة فعلية وماذا لو لم يتم انتخاب رئيس جمهورية ودخلت البلاد مجددا اتون الفراغ الرئاسي الحارق في ظل وضع مهترئ وبلد منهار على كل الاصعدة ؟

تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، في انتظار تظهّر الصورة الدولية والاقليمية وانعكاسها على لبنان وتحديد تموضعه بين المحورين، يبقى الأهم الا يتفرج المسؤولون على ما يجري من دون ان يتحركوا، فواجب رئيس مجلس النواب نبيه بري يقضي ان يدعو الى جلسات متتالية وفي شكل يومي اعتبارا من مطلع ايلول المقبل الى حين انتخاب رئيس. وهو واذ اكد انه سيوجه الدعوة الى جلسة بداية ايلول تجاوبا مع دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي فنّد في عظته يوم الاحد الماضي المواصفات المفترض توافرها في من سيشغل كرسي بعبدا، غير ان  توجيهها في شكل يومي يبقى الاهم، لحث القوى السياسية على اداء هذا الواجب الدستوري وعدم التراخي في ظل الانهيار والازمات المتراكمة والمتناسلة، فالفراغ رئاسيا سيكون شديد الوطأة حتما وربما قاتلا.

 

وفي السياق، ينقل زوار عين التينه عن الرئيس نبيه بري قوله انه قادر على ملء الفراغ السياسي الحاصل من عدم تشكيل حكومة جديدة. ويعتبرون ان اجتماعه مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في عين التينة، وهو الاول منذ ثلاثة اشهر يؤكد استمرار التحالف بينهما، رغم التباين في موضوع تشكيل الحكومة. فالزعيم الاشتراكي مع استعجال تشكيل حكومة جديدة، الا ان رئيس المجلس لا يجاريه في موقفه هذا، نظرا لضيق الوقت، شهر ونصف، قبل بدء مهلة الشهرين لانتخاب رئيس جمهورية. ولا بد تاليا من الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي لانه المدخل لحل الازمة.

 

وترى المصادر السياسية في موقف بري انعكاسا للمواجهة الدائرة بينه وبين العهد وفريقه السياسي والاخذة في التصاعد، فـ "ميت بري لا يموت" و"الاستاذ" لا ينام على ضيم ولا يتساهل مع من اساء اليه، بدليل ما جرى في الانتخابات النيابية، فعلى رغم التحالف الانتخابي بين الثنائي حزب الله -أمل والتيار الوطني الحر، اكدت النتائج التي افرزتها صناديق الاقتراع ان مناصري الحركة لم يصوتوا لمرشحي التيار في كل المناطق. وتضيف: "ان علاقة بري برئيس التيار متوترة والمساعي التي بذلها الحزب لم تحقق اي تقدم، وبالتالي فإن بري يقف وراء ميقاتي في مواقفه من التشكيل، وهو ليس في وارد التساهل ابدا في الملف الرئاسي، حتى لو بلغت الامور حدها. وانتخاب النائب جبران باسيل رئيسا من سابع المستحيلات بالنسبة اليه، وادارة البلاد مع رئيس حكومة تصريف الاعمال افضل الف مرة بالنسبة اليه من وصول باسيل الى بعبدا وتكرار تجربة "العهد السيئ".