المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نايف عازار
الثلاثاء 17 حزيران 2025 07:30:04
تتواصل عملية "الأسد الصاعد" الإسرائيلية ضدّ "النمر الإيراني الجريح والنازف"، بعدما قلّمت الدولة العبرية في الأشهر الأخيرة أظافره من خلال إعطابها أذرعه تباعاً في المنطقة. وإذا كانت إسرائيل نجحت في تضليل إيران ومن ثمّ مباغتتها في الضربات الأولى للحرب فجر الجمعة الفائت، عندما تمكّنت من اصطياد عدد كبير من نخبة قادتها العسكريين وخبرائها النوويين، والذين يعدون مفخرة نظام الملالي، فإن الجمهورية الإسلامية تمكّنت لاحقاً من التقاط أنفاسها نسبياً واستيعاب هول الضربة الأولى، لتبدأ الرد على الهجوم الإسرائيلي، معتمدة رداً صاروخياً متدرّجاً، طال مدناً عدة في الدولة العبرية، وتسبّب بسقوط قتلى وجرحى، فضلاً عن إلحاقه أضراراً كبيرة، حيث بدا الدمار في المدن الرئيسة مهولاً، وهو مشهد غير معتاد في إسرائيل، وغير مسبوق منذ حرب عام 1973.
الضربات الإسرائيلية الموجعة الموجّهة للنظام الإيراني، وإن لم تكن بدعم أميركي مجاهَر به، إلّا أنها أعقبت اليوم الستين من المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران للتوصل إلى اتفاق في شأن برنامجها النووي المثير للجدل. ويبدو أن صنّاع القرار في إيران الذين كانوا يأملون في تمديد هذه المهلة، والمضي في سياسة المماطلة وكسب الوقت التي يبرعون فيها منذ سنوات، معتمدين على صبرهم الطويل المستمدّ من حياكة السجاد، نسوا أو تناسوا أنهم يتعاملون مع ترامب "رجل الأعمال المتسرّع والمتقلّب"، والذي ينفد صبره سريعاً حتى من أقرب حلفائه، فكيف إذا كان الأمر مع ألدّ خصومه.
ولا ريب في أن تل أبيب سارت في حربها على طهران بهدى ضوء أخضر أميركي لا لبس فيه، وبذلك يكون رأس الحكومة اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو نال مراده وحقق ما كان يرنو إليه منذ البداية، وهو المتوجّس من المفاوضات النووية بين "العمّ سام" ونظام الملالي، والذي لم يكن يفوّت فرصة لانتقادها ولحضّ واشنطن على الانسحاب منها، وتغليب الخيار العسكري على ذاك الدبلوماسي.
ورغم الانتقادات الداخلية اللاذعة لسياسة حكومة "بيبي" التي كانت تشنها المعارضة ضدّ ائتلافه الحكومي المترنّح، إلّا أن الحرب على إيران وحّدت المجتمع الإسرائيلي، والضربات القاصمة على "أذرع الأخطبوط" في غزة ولبنان وسوريا، كانت قوبلت ببعض الانتقادات، بيد أن الهجمات على "رأس الأخطبوط" أخيراً لاقت استحسان غالبية الإسرائيليين حتى الآن، وإن كان هذا الاستحسان آيلاً إلى التبدّد مع اتساع رقعة الدمار في قلب الدولة العبرية وسقوط مزيد من القتلى، في مشهد غير مألوف سيرفع حتماً منسوب النقمة على الحكومة وعلى تعاطيها مع الجبهة الداخلية.
نمر من ورق؟
الإعلام العبري إذاً يقف بمعظمه حتى الآن بجانب حكومته. المؤرّخ إيال زيسر كتب في "يسرائيل هيوم" أن إسرائيل نجحت في المفاجأة، ووجّهت ضربة استباقية قاسية ضد قدرات إيران، وقضت على عدد كبير من قادة الجيش و"الحرس الثوري"، معتبراً أن بلاده حصلت على ميزة استهلالية حاسمة في المواجهة مع إيران، تماماً مثلما حدث في عملية "موكيد" التي استهلّت بها إسرائيل حرب الأيام الستة عام 1967، والتي دُمّرت خلالها القوات الجوية في مصر وسوريا والأردن والعراق. وأضاف زيسر أن إيران بذلك تدخل في مواجهة مع إسرائيل، وهي أضعف وأكثر هشاشة، لكن ما زال من المبكر القول إن "النمر الإيراني" مجرّد نمر من ورق.
الكاتب راز تسيمت اعتبر لقناة N12 أن الهجوم الاستباقي الإسرائيلي على إيران يبشّر بنقطة تحوُّل في المعركة بين الدولتين وبداية مرحلة جديدة ذات طابع خطِر وغير مسبوق في الصراع بينهما. وأضاف أن الطموح إلى إسقاط النظام الإيراني من خلال توجيه ضربة، مهما كانت قاسية، إلى جزء من النخبة الأمنية والعسكرية، هو طموح غير واقعي، فالنخبة السياسية والأمنية في إيران واسعة ومتماسكة وملتزمة بالحفاظ على بقاء النظام.
مشاركة "حزب الله" في الحرب
الأقلام العبرية تناولت أيضاً مسألة إمكان مشاركة "حزب الله" في الحرب الدائرة. الباحثة في "معهد دراسات الأمن القومي" أورنا مزراحي رأت أن "الحزب" الذي رعته إيران طوال سنوات لمساعدتها في حال تعرُّضها لهجوم إسرائيلي، اضطرّ في هذه المرحلة إلى البقاء خارج دائرة القتال والالتزام، حتى الآن، باستراتيجية "الاحتواء" التي اعتمدها منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني عام 2024، مضيفة أن قرار "حزب الله" نابع من سلسلة من القيود، وعلى رأسها حال الضعف التي يعانيها من جرّاء هزيمته في الحرب، ورغبته في إيجاد هدوء ظاهري يمكّنه من إعادة بناء قدراته.
الباحثان في المعهد عينه ألداد شافيط وتشاك فرايليخ اعتبرا أنه منذ بدء العملية، يدعم ترامب إسرائيل بشكل علني، ولا يفوّت فرصة للتفاخر بنجاح التكنولوجيا الأميركية التي تم دمجها في العملية الإسرائيلية، رغم أن الإدارة تكرر أن هذه العملية كانت خطوة أحادية الجانب من إسرائيل، ولم يكن للولايات المتحدة دور عسكري مباشر فيها.