المصدر: المدن
الخميس 19 حزيران 2025 13:27:00
عاد الإيراني فتاح (اسم مستعار) إلى بلده من طريق معبر باشماخ الحدودي من إقليم كردستان بشمال العراق، محملاً بأكياس من الأرز والسكر والشاي، مشيراً الى أن عائلته تعاني انقطاع المواد الغذائية جراء الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران منذ أيام.
ورفض أكثر من 30 إيرانياً قابلتهم وكالة "فرانس برس" على الطريق الرابط بين محافظة السليمانية في كردستان العراق ومحافظة كردستان الإيرانية، التحدث أمام الكاميرا، خوفاً من تداعيات التعبير عن رأيهم اليوم أكثر من أي وقت مضى، في بلدهم الذي يشهد تصعيداً عسكرياً مع إسرائيل، أما القلائل الذين وافقوا على رواية يوميات الحرب، فطلبوا عدم الكشف عن هويتهم واستخدموا أسماء مستعارة.
وعلى بعد عشرات الأمتار من معبر باشماخ في الجانب العراقي، تقف على جانب الطريق عشرات شاحنات نقل البضائع الثقيلة التي تحمل لوحات إيرانية، محملة بمعظمها بالأسفلت، في انتظار دخول إيران.
ويستعد فتاح (40 عاماً) للسفر مسافة أكثر من 1700 كلم إلى مدينة بندر عباس في أقصى جنوب إيران لتسليم شحنة من الأسفلت، ثم العودة إلى قضاء ميروان بمحافظة كردستان للقاء عائلته. وقال بصوت مرتجف: "يمر طريقنا بالقرب من منشأة نطنز النووية".
وأشار الرجل الذي ارتدى سروالاً فضفاضاً وزياً كردياً تقليدياً، إلى أن "هناك مشكلة في تعبئة الديزل والوقود حالياً. في السابق كان يمكن التعبئة في أي وقت، لكن الآن هناك ازدحام شديد على محطات الوقود وارتفاع بالأسعار". وغادر السائق العراق ومعه، على غرار سائقين آخرين، مؤن، لأن هناك في إيران "نقصاً في المواد الغذائية مثل الأرز والخبز والسكر والشاي".
بالقرب منه، اتصل آرام (28 عاماً) الذي وصل قبل ثلاثة أيام إلى كردستان العراق، بزوجته باستمرار للاطمئان على أحوال العائلة المقيمة في مدينة سنندج، مركز محافظة كردستان الإيرانية. وقال الأب لطفلين: "يقع بيتنا قرب ثكنة عسكرية تعرضت للقصف. العائلة بخير لكنها انتقلت إلى بيت أقاربنا في قرية" قريبة من المدينة.
وأشار آرام إلى أن زوجته أخبرته أن عائلات مقيمة قرب ثكنات عسكرية فعلت الشيء نفسه، حيث "وجدت ملجأ مؤقتاً في قرى محيطة آمنة، بعيداً من المناطق العسكرية". وعزا النقص في المواد الغذائية إلى "شراء المواطنين كميات كبيرة من المواد الغذائية من أجل تخزينها في البيوت"، تحسباً لنزاع طويل.
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوماً واسع النطاق طال خصوصاً مواقع عسكرية ونووية في إيران التي ردت بعد ساعات بضربات صاروخية وبمسيرات. ويتواصل تبادل إطلاق النار بين البلدين ويتوسع منذ ستة أيام. وفي إيران، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 224 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين، بحسب حصيلة رسمية صدرت الأحد الماضي. وأسفرت الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية رداً على الهجمات الإسرائيلية عن مقتل 24 شخصاً على الأقل في إسرائيل.
وروى شوان الذي يعمل تاجراً للسيارات في مدينة بوكان بمحافظة أذربيجان الغربية في شمال غرب إيران، أن طائرات قصفت مواقع عسكرية مرات عديدة في منطقته. وأكمل في رسالة صوتية تمكن بصعوبة من إرسالها عبر تطبيق مراسلة بسبب قطع السلطات للإنترنت بين الحين والآخر: "الناس في حالة صدمة وذهول ولا يعرفون ما يجب فعله".
وأضاف الشاب: "الوضع الاقتصادي سيء جداً. هناك مشكلة كبيرة تتمثل بقلة الخبز، فالناس يتجمعون بأعداد كبيرة أمام المخابز وفي بعض الأحيان يجوب ما يصل إلى أربعة أفراد من العائلة الواحدة، المخابز للحصول على ما يكفي من الخبز"، متحدثاً عن "صعوبة في الحصول على مواد غذائية مثل الأرز والزيت" ومشيراً إلى أن "الموظفين الحكوميين كان يجب أن يتسلموا رواتبهم قبل أيام، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن".
وقالت الخياطة أفين (38 عاما)ً المتحدرة من مدينة سقز: "اندلاع القتال أثار حالة من الخوف بين السكان"، مشيرة الى أن منطقتها لم تستهدف لحسن الحظ. وأضافت في رسالة صوتية: "بعض العائلات التي لديها أطفال صغار لجأت إلى قرى قريبة خارج المدينة خوفاً من نيران الحرب" مشيرة إلى صعوبة في الحصول على المواد الأساسية "لأن غالبيتها تأتي عادة من طهران، وبسبب ذلك أصبح السوق في مدينتنا شبه معطل".