"مرحبا" انتخابات بلدية.. توقيع المرسوم لا يعني إجراءها

أمّا وقد وقّع وزير الداخلية بسام مولوي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات البلدية، محدداً موعدها يوم الأحد في 12 أيار المقبل، فإنه بهذه الخطوة لم يقطع الشك باليقين بإجراء الاستحقاق البلدي في موعده، بل على العكس تماماً، فإن أسهم التأجيل، للمرة الثالثة، لا تزال ترتفع، والمشوار نحو التمديد قد انطلق.

فتوقيع المرسوم أو دعوة الهيئات لا تشكل وحدها الممر الإلزامي لإجراء الانتخابات، فكما في المرات السابقة، كان وزير الداخلية يقدم على هذه الخطوة، من دون أن تُستتبع بخطوة إجراء الانتخابات. وفي المرة الثالثة، السيناريو ذاته سيرسم.

وكما هو مفروض قانوناً، فإن دعوة الهيئات الناخبة كان ينبغي أن تتم قبل 5 نيسان الجاري. وهذا ما فعله مولوي حين وقع المرسوم في 4 نيسان الجاري، محترماً بذلك المهل، شكلاً.

وبالتوازي، فإن الأجواء في ساحة النجمة، لا توحي بإجراء الاستحقاق في 12 أيار المقبل، لكون لجنة الداخلية والبلديات عقدت حتى اللحظة، سلسلة اجتماعات، كان آخرها اجتماع الأسبوع الفائت. وكل الأجواء التي سادت الاجتماعات توحي بقرب إعلان تأجيل الانتخابات، للمرة الثالثة.

عين التينة ... والنواب... وأكثر، فإن خطوة مولوي لم تأت إلا بعد تنسيق تام مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ قبل يوم واحد من توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، زار وزير الداخلية بري في عين التينة، وكان البحث الأساسي في بند الانتخابات البلدية، أو بالأحرى في الاتفاق على تأجيلها، على أن يكون مخرج التأجيل، مجدداً، اقتراح قانون يقرّه مجلس النواب قريباً.

كما في كل مرة، "بالتكافل والتضامن" "يُطبخ" سيناريو التمديد، و"يخرّج" في اللحظة المناسبة، أو بالأحرى في الدقيقة الأخيرة، في محاولة لامتصاص أي نقمة.

في الأساس، فإن مولوي، على الرغم من تأكيداته المستمرة والسابقة على جهوز وزارة الداخلية إجراء الاستحقاق، وتشديده على أن "الوزارة تعمل كما لو أن الاستحقاق جارٍ في موعده"، كان يتدارك دوماً: "إلا إذا قرر مجلس النواب عكس ذلك".

وهذا ما تمّ. كان رئيس لجنة الداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد الأكثر صراحة وعلنية، إذ صرّح بعيد اجتماع اللجنة الأخير بأن "حسم إجراء الانتخابات البلدية مع استثناء مناطق الجنوب، أو اتخاذ قرار بتأجيلها، يحتاج الى قانون في مجلس النواب".

وهذا ما يعني أن ثمة قانوناً يُحضّر له في الكواليس.

ولكن، إن كان مجلس النواب يأخذ في كل مرة "بصدره" سهام التمديد البلدي، فإن الحكومة هذه المرة لم تبرئ ذمّتها تماماً، لأنه في مشروع موازنة الـ2024 الأخير، لم تُلحظ أي أموال مرصودة لإجراء الانتخابات، كما لو أن الحكومة قرّرت سلفاً أن الاستحقاق لن يجرى، تاركة قواعد اللعبة لمجلس النواب.

وبعد، ماذا سيجري الآن داخل البرلمان؟

من الواضح أن كتل المعارضة لن تصوّت على أي اقتراح قانون للتمديد للمرة الثالثة.

ويقول عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب رازي الحاج لـ"النهار": "لن نصوّت على أي اقتراح للتمديد. وفي الأساس، فإن حجة الأوضاع الأمنية في الجنوب ساقطة وغير مبررة بالنسبة إلينا".

في الوقت نفسه، لم يُفاجأ الحاج بالأجواء التي بدأ التحضير لها داخل ساحة النجمة لإمرار التمديد للمرة الثالثة. ويكشف أنه "منذ أشهر، وليس الآن، بدأت العدة تُعدّ للتمديد. وقد لمسنا ذلك علناً داخل اجتماع لجنة البلديات النيابية، إذ كان ثمة تقاطع واضح بين نواب كتلتي "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" وتكتل "لبنان القوي" على عدم إجراء الاستحقاق في هذه الظروف. وحين اقترح أحد النواب تأجيل الاستحقاق في الجنوب، أو استثناء مناطق الجنوب، اعترض أحد نواب "حزب الله" معتبراً أنه لا يجوز ضرب مبدأ المساواة بين المواطنين اللبنانيين. إنه تواطؤ أركان السلطة على عدم إجراء الاستحقاق البلدي".

هكذا، أتت الأحداث في الجنوب "طبقاً ملائماً للتمديد الثالث"، ولم يجهد النواب أنفسهم في التفتيش عن حجة إضافية.

قيد التنفيذ

هكذا، بتنا في المرحلة الأخيرة قبل إعلان التمديد. يقول عضو كتلة "تحالف التغيير" النائب وضاح الصادق: "دخلنا مرحلة التنفيذ. إن قرار تأجيل الانتخابات البلدية المتخذ من أكثرية الكتل الممثّلة في الحكومة دخل مرحلة التنفيذ، والنقاش سينحصر في مدة التمديد".

ويتابع: "لم تلحظ الحكومة في الموازنة ميزانية للانتخابات البلدية، وعندما فاتحناهم بالموضوع في المجلس النيابي ادّعوا نسيانها فأُجبروا على إدخالها من جديد، خلال نقاشات لجنة المال والموازنة، ولاحقاً، لم تتم الدعوة إلى أي اجتماع تحضيري من أيّ نوع".

ويلفت الى أن "أركان التحالف الثلاثي ("أمل"، "حزب الله" و"التيار الوطني الحر")، لا يريدون إجراء الانتخابات، والقرار متخذ عندهم، منذ فترة، فالواقع الحالي يريحهم".

على الأرض، ثمة أكثر من 126 بلدية منحلة، وبالطبع، الرقم مرشح للارتفاع. هذا من دون أن تُرصد البلديات المشلولة، والتي لا تدخل رقمياً ضمن عدد البلديات المنحلة. معنى ذلك، أن الشلل البلدي العام بات شبه معمّم.

وعلمت "النهار" أنه بعد عطلة عيد الفطر، سينكب مجلس النواب على "تخريجة" قانون التمديد الجديد. وترسو النقاشات على مدة التأجيل، إذ ثمة اتجاه الى تأجيلها ستة أشهر، أو سنة حداً أقصى.

ووفق المعلومات، سيُقدَّم أكثر من اقتراح، بمهل زمنية متفاوتة للتمديد، على أن تُدمج في الآخر، وفق مهلة تراوح بين ستة أشهر وسنة كاملة.

مرة جديدة، "مرحبا" انتخابات بلدية... ففي الأساس، لمن نسي أو تناسى، فإن البلاد بلا رئيس للجمهورية، منذ نحو عامين، والانتخابات الرئاسية لم تجر بعد... فهل "ستغص" سلطة كهذه بعدم إجراء انتخابات بلدية؟!