هل من نتائج للإجراءات التي اتخذتها البلديات لتقليص أعداد النازحين؟

قبل أكثر من سنة عمّمت وزارة الداخلية والبلديات على المحافظين بضرورة اجراء مسح شامل لأعداد النازحين السوريين وكذلك لأعداد المخيمات واحصاء السوريين الذين يستأجرون شققاً سكنية ضمن نطاق البلديات. فهل من نتائج واضحة لتلك الاجراءات؟

تحاول بلديات لبنان احصاء النازحين السوريين المقيمين ضمن نطاقها الاداري للوقوف على حقيقة أعدادهم والعمل على تقليصها من خلال إبقاء مَن تنطبق عليه صفة نازح.

لكن يبدو ان تلك العملية المعقدة لم تساهم في تخفيف أعداد النازحين لسبب بسيط يكمن في ان من تطلب منه البلدية مغادرة نطاقها الاداري ينتقل الى نطاق بلدية اخرى ولا يغادر الاراضي اللبنانية طالما ان لا قرار بترحيل النازحين، مع الاشارة الى ان ثمة بلديات طبقت الاجراءات واستطاعت احصاء أعداد النازحين.

وفي السياق، يؤكد رئيس اتحاد بلديات القيطع عبد الإله زكريا لـ"النهار" ان "أعداد النازحين السوريين ضمن الاتحاد لا تتجاوز الـ 600 ألف، ومعظم هؤلاء نزحوا من ريف دمشق ومنطقة الزبداني وبالتالي ظلت أعدادهم تحت السيطرة".

ويعزو زكريا ذلك الى عدم التواصل الجغرافي بين نطاق اتحاد بلديات القيطع ومناطق النزوح سواء من تلكلخ أو من حمص، ما ساعد في عدم تدفق النازحين على عكس بلديات اخرى متاخمة للحدود ومنها منطقة وادي خالد.

عكار: كثافة النزوح وضعف الامكانات

تتركز كثافة أعداد النازحين السوريين في مناطق عكار المتاخمة للحدود السورية وكذلك في منطقة البقاع الشمالي فضلاً عن البقاع الاوسط.

وبحسب رئيس اتحاد بلديات الدريب الاوسط عبود مرعب ان هناك نحو 32 ألف نازح سوري في مقابل 22 ألف لبناني في تلك البلديات.

وتكفي هذه المقارنة لمعرفة الواقع، ويشير مرعب الى انه قبل عامين كان العدد 27 الفاً، ونسبة الولادات تصل الى 22 في المئة. ويعطي مثالاً عن احد مستشفيات المنطقة ان هناك 250 ولادة سورية، وهذا المستشفى معتمد من المفوضية الاممية.

ويلفت الى ان "معظم النازحين هم من تلكلخ والقصير وزاره وكل سكان تلك البلدات نزحوا الى منطقتنا، وخلال العودة الطوعية كنا نقوم بتسجيل الاسماء ولكن لم يغادر احد". اما عن الاجراءات بشأن المحال التجارية فقد افاد رئيس الاتحاد ان هناك 40 محلاً من اصل 220 يجب اقفالها "لكن النتيجة انه لم يتم اقفال اي محل، والسبب بسيط وهو أن لا امكانية لدينا لاقفال تلك المحال وليس لدينا عناصر شرطة بلدية ولا قوة على الارض تستطيع تنفيذ تلك الاجراءات، ويجب على وزارة الداخلية ان تساعد بهذا السياق". ويوضح ان "كل الاحصاءات التي اجريناها بقيت من دون اي نتائج". ويختصر الوضع بكلمتين: "لا جدوى من تلك الاجراءات والوضع لن يتغير".

"اعطونا الامكانات والعناصر الامنية لتنفيذ القرار"

رئيس اتحاد بلديات وادي خالد علي السعيد يقول لـ"النهار" ان البلديات تقوم باحصاء أعداد النازحين في 7 بلديات، وان الرقم التقريبي كان نحو 50 ألف نازح، "لكن الاشكالية تكمن في أن الاعداد تتغير لا سيما ان حركة التنقل لا يمكن ضبطها". ويلفت الى ان "لا اجابة لدى المسؤولين عن كيفية تخفيف الاعداد وكذلك لا قدرة لدينا على اقفال المحال التجارية، عدا ان الشرطة البلدية لا تستطيع القيام بعملها خصوصاً ان رواتب العناصر لا تزال وفق سعر 1500 ليرة للدولار، وفي الخلاصة لا قدرة للبلدية على ان تقوم بما طلبته منها الداخلية طالما ان الوزارة لا توفر العناصر الامنية لتنفيذ اي قرار بلدي بإبعاد من لا تنطبق عليهم شروط النزوح".

اما رئيس بلدية القبيات عبدو عبدو فيشير الى ان أعداد النازحين ضمن نطاق اتحاد بلديات القبيات قليلة جدا وهي بالعشرات، وهم من العمال والمزارعين وليس هناك تواجد لافت للنازحين في تلك المنطقة.

محافظ عكار عماد اللبكي يشير الى ان التعميم طلب تطبيق قرارات وزير الداخلية، وان عكار من المناطق التي فيها كثافة نزوح، وان 158 بلدة تستقبل النازحين وكل رئيس بلدية يتخذ الاجراءات ويجري الاحصاءات.

والسؤال: ماذا بعد الاحصاءات وهل تحل الازمة؟

الاجابة بديهية ومفادها ان لا حل طالما ان لا قرار بترحيل النازحين الذين لا تنطبق عليهم شروط النزوح. ففي منطقة تستقبل اكثر من 150 الف نازح ليس هناك من خطوات عملية لاعادتهم الى بلادهم، وان تحميل البلديات المسؤولية في غير محله لان الامر يتطلب قرارات سياسية على مستوى الدولة وليس على مستوى السلطات المحلية.

واضافة الى غياب ذلك القرار فإن الصعوبات المالية التي تواجهها البلديات تمنع تحقيق اي تقدم لتخفيف اعداد النازحين. والمثال على عجز البلديات عدم توافر الموظفين وكذلك عناصر الشرطة للقيام بالاعمال العادية للبلدية، فكيف هي الحال عندما يُطلب من البلديات القيام بمهام تفوق قدراتها؟