أبرشية البترون المارونية أحيت الذكرى الأربعين لرحيل المطران بولس اميل سعاده

أحيت أبرشية البترون المارونية ذكرى مرور أربعين يوما على رحيل المثلث الرحمة المطران بولس اميل سعاده وأقامت قداسا لراحة نفسه في كاتدرائية مار إسطفان البترون، ترأسه راعي أبرشية البترون المطران منير خيرالله وعاونه خادم رعية البترون الخوري بيار صعب، الخوري أنطوان الأهل. وشارك في القداس راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون ولفيف من الكهنة والرهبان في حضور النائب غياث يزبك، قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جاك يعقوب إلى جانب عائلة الراحل وحشد من أبناء زغرتا والبترون. 

 العظة 

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة بعنوان «هوذا الزارع خرج ليزرع» وقال فيها: "في أربعين المطران بولس آميل سعاده نستلهم المعلم الإلهي يسوع المسيح لنؤدي شهادة في من كان الخادم الأمين والراعي الصالح. ولم يكن يسوع يكلّمهم إلاّ بالأمثال: لأنهم ينظرون ولا يبصرون، ولأنهم يسمعون ولا يسمعون ولا هم يفهمون (متى 13/13).  الزارع هو يسوع المسيح ابن الله الذي صار إنسانًا ليخلّص الإنسان. راح يعلّم في كل مكان ويبشر بالملكوت داعيًا إلى التوبة ومناديًا: توبوا، قد اقترب ملكوت السماوات(متى 3/17). جاء يزرع كلمة الله في قلب كل إنسان ويدعوه إلى أن يتحمّل مسؤولية نشر الملكوت كي يقبل الكلمة ويصبح من ثمّ بدوره زارعًا. ومن يسمعْ هذه الكلمة ويفهمْها ويعملْ بها يكنْ كالقمح الذي وقع في الأرض الجيّدة وأثمر بعضه مائه، وبعضه ستين وبعضه ثلاثين(متى 13/8)".  

وأضاف: "زرع يسوع المسيح كلمة الملكوت في أرض إهدن الطيّبة، وفي عائلة كهنوتية تحمل إرث الإيمان والعنفوان والكرامة. فكان أن لبّى أحد أبنائها، آميل، الدعوة بعد جدّه ووالده، فقبل الكلمة وأثمر مائة ضعفٍ، وأصبح في خدمته الكهنوتية ثم الأسقفية زارعًا لكلمة الملكوت في أرض إهدن-زغرتا المعطاء وأرض البترون الطيّبة، ومعلِّمًا على مثال المسيح". 

ولدى رسامته الأسقفية قال: "إننا على خطى السيد المسيح المعلّم الإلهي نسير".  

ولدى تسلّمه رعاية أبرشية البترون، في 6 تشرين الثاني 1999، عشية الاحتفال بالسنة المقدسة في مناسبة اليوبيل الألفي الثاني لتجسّد الرب يسوع المسيح قال: "لا يَخفَى علينا وعليكم المهام والأعمال التي تنتظرنا، لذا فإننا سنسير على خطى السيد المسيح المعلم الإلهي، وعلى خطى الأساقفة الذين أنبتتهم هذه الأبرشية، وسنستلهم تعاليم الكنيسة والآباء والباباوات والبطاركة، وبخاصة البطريرك الأول مار يوحنا مارون والبطريرك الكبير الياس الحويك والبطريرك مار نصرالله بطرس صفير لما يرمز إليه على الصعيدين الكنسي والديني كما على الصعيدين الوطني والاجتماعي.  

أما كلمات الرب للنبيّ إرميا: أعطيكم رعاة على وفق قلبي، فترسم لمستقبل أبرشيتنا هدفًا ونهجًا لرسالة نتّبعها بوفاء وشكر ومحبة لنكون أسقفًا ومدبّرًا وراعيًا. لنا معكم صفةُ الأبوة والرعاية، وهدفُنا أن نخدمكم وننشر معكم رسالة البشارة الجديدة، رسالة الرجاء الخلاصي والسلام والمحبة لجميع أبناء الأبرشية".  

وأضاف مستوحيًا من الإرشاد الرسولي للقديس البابا يوحنا بولس الثاني « رجاء جديد للبنان »، الذي نحتفل بيوبيله الفضي هذه السنة (1997-2022): "نسعى حثيثًا بإيمان وثقة إلى تعزيز الحياة الروحية والإنسانية لدى أبنائنا لنبني حضارة العدالة والمحبة والقيم الأدبية بهدف التصدّي لحضارة مادية باتت تشكّل خطرًا على تراثنا الديني والوطني والاجتماعي.

وبعد مسيرة ثمان وعشرين سنة في الخدمة الكهنوتية وست وعشرين سنة في الخدمة الأسقفية، زرع في خلالها الخوري ثم المطران بولس آميل سعاده كلمة الملكوت وأثمر خدمةً وعطاءً ومحبةً وعمرانًا، نشهد أنه كان وفيًا ومخلصًا للرسالة التي حملها من الرب يسوع وللنهج الذي وضعه في السير على خطاه.  

أيها الراعي الصالح المطران بولس آميل، إنك لم تغادرْنا، بل أنت باقٍ معنا وبيننا بروحك وبكل ما زرعته في قلوبنا من إيمان ومحبة وصلاح وتعلّقٍ بكنيستنا وبأرضنا المقدسة وبوطننا لبنان الرسالة. وحياتُك تبقى لنا قدوةً وشهادة تحثّنا على الرجاء. نشهد لك نحن إخوتُك الكهنة، وأنا خليفتُك في أبرشية البترون، أنك كنت لنا الأب الحنون والراعي الصالح والموجِّه الحكيم. يشهد لك المثلث الرحمة البطريرك نصرالله صفير أنك كنت رجل الكدّ والعمل. ويشهد لك غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، رفيقُك في الأسقفية، أن الله اختارك وقدّسك وأرسلك. فلبّيت الدعوة والرسالة بالأمانة والإخلاص والالتزام. يشهد لك الدكتور نبيل خليفه أنك رجل الأصالة، وأن أسقفيتك كانت أسقفية المهمات الصعبة. ويشهد لك الدكتور سهيل مطر قائلاً:  إن هذا الزغرتاوي الأصيل ما دعا يومًا لفُرقةٍ، وما آمن إلا بالسلام، وما أسهم إلا بصلحة ووفاق، ووراء الأحمر الدامي في اللباس قلبٌ هو للبياض مغارةٌ ميلادية ومحبة".  

وأضاف: "وفيما نحن على وشك الدخول في الزمن الميلادي، نجدّد الوعد لك ونعاهدك أننا على خطى المسيح المعلّم الإلهي نسير، وسنحافظ على الإرث الذي تركته لنا، فنعمل معًا على إنماء منطقتنا، وعلى تلبية دعوة الله لنا إلى القداسة في أبرشية القداسة والقديسين. ومعك ومع أمنا مريم العذراء نرفع إلى الله نشيد الشكر مرنّمين: تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلّصي"..