أدوات حادة ورذاذ حارق.. اللبنانية لارا ضحية كمين نصبه زوجها

كمين بكل ما للكلمة من معنى، نصبه زوج لزوجته أثناء توجهها إلى عملها، بسبب خلاف بينهما، حيث ضربها بأداة حادة "بوكس حديدي" على رأسها، ثم بدأ بتوجيه الطعنات لها في جسدها، ما استلزم نقلها إلى العناية الفائقة بحالة صحية حرجة جدا.

هو مشهد جديد من مسلسل العنف ضد النساء في لبنان، ضحيته هذه المرة الشابة لارا. ش، أم لطفلة لم تتجاوز السنتين من عمرها، تعمل ممرضة في مستشفى سيدة لبنان في منطقة الحازمية.

تربص بها زوجها س.س عند مدخل منزل أهلها، حيث لجأت لارا بعد رحيلها عن منزلها الزوجي مع ابنتها قبل أكثر من سنة، ورفعت دعوى شرعية ضد زوجها الذي يرفض منحها الطلاق، تطالب فيها بتأمين نفقتها وابنتها التي تصرف عليها وحيدة، بحسب ما يؤكد محامي لارا، جعفر شحيمي لموقع "الحرة"، في حين أن الزوج قد رد بدعوى "إطاعة ومساكنة" لإجبارها على العودة إليه.

رذاذ حارق وعصا كهربائية

يتابع شحيمي "عند حوالي الساعة السادسة والنصف صباحا، وأثناء توجهها إلى عملها، تربص الزوج بها عند المدخل في منطقة حي السلم بالضاحية الجنوبية لبيروت، وباستخدام رذاذ حارق وعصا كهربائية إضافة إلى "بوكس حديدي" وسكين كبير، حاول س.س قتل لارا بضربات على رأسها وطعنات في بطنها وصدرها، طالت كبدها ورئتيها، كما وجه لها ضربات على وجهها لتشويهه".

لارا لا تزال في حالة حرجة فاقدة للوعي في غرفة العناية الفائقة، وتقرير الطبيبين الشرعيين، أحمد المقداد، وحسيين شحرور، يؤكد أن لارا تعاني من جروح نتيجة طعنات في منطقة الإبط الأيسر والأيمن، وفي أعلى الكتف الأيسر وفي ظهرها وقفصها الصدري وفي الكبد أيضا.

يذكر أن لارا هي الضحية الخامسة للعنف الأسري ضد النساء في لبنان، حيث شهدت البلاد أربع جرائم قتل تعرضن لها نساء لبنانيات منذ مطلع العام الحالي، أي على مدى شهر و10 أيام فقط، آخرها كان قضية مقتل الشابة زينة كنجو، و"هذا رقم مرعب"، بحسب ما تؤكد الناشطة النسوية، عليا عواضة، لموقع "الحرة"، مشيرة إلى أن "نسب العنف الأسري، والعنف ضد النساء ارتفعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة".

يؤكد المحامي أن "القضية مرفوعة على أنها محاولة قتل، كما هو واضح، وقد جرى توقيف الزوج في مخفر المريجة بناء لإشارة القضاء المختص، ومن المفترض أن يعرض غدا على قاضي التحقيق، كما رفعت دعوى طلاق في المحكمة الشرعية، وعلى هذا الأساس نطالب القضاء بإنصاف هذه الشابة، ومن بعدها تعديل قوانين العنف الأسري الصادر عام 2014، وجعله أكثر حزما في النص والتطبيق واخراجه من قبضة رجال الدين لكل طائفة في لبنان وصولا إلى قانون موحد للأحوال الشخصية لجميع اللبنانيين.

ترى الناشطة في الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية، زينة إبراهيم، أن الرجل "لا يمكنه ان يتصرف بذهنية الزوج المتسلط المطالب بالطاعة، لو لم يكن هناك قانون يشرع له ذلك ويحميه، ومع ذلك لا يمكننا اليوم في هذه الجريمة تحميل المحاكم الشرعية مسؤولية لجوء الزوج لمحاولة القتل والعنف".

لكنها تؤكد أن "دور المحكمة اليوم يكون بإنصاف لارا خاصة بعدما جرى معها، ومطلبنا هو استجابة المحكمة لدعوى الطلاق الحاكم التي تقدم بها محاميها، والتعجيل ببتها فهذا النوع من القضايا يمتد على 5 أو 6 سنوات في المحاكم الشرعية، وهذا ليس مقبولا اليوم في هذه القضية، إضافة إلى منح الأم حق الحضانة حتى بعد عمر 7 سنوات الذي يفرضه القانون الشرعي، بناء على ثبوت عدم أهلية الأب بطريقة لا تقبل النقاش".

وتشرح المديرة التنفيذية بالشراكة في منظمة fe-male ، عليا عواضة، الأسباب التي تكمن خلف ارتفاع عدد ضحايا العنف الأسري من النساء في لبنان مؤخرا،  وترى أنه "ناتج بالدرجة الأولى عن الحجر المنزلي المفروض في لبنان بسبب جائحة كورونا وتداعياته النفسية، إضافة إلى كون النساء المهددات بالعنف لا يستطعن الخروج أو الهروب من المنزل".

تضيف عواضة "عدم الجدية من قبل السلطات اللبنانية في تطبيق قوانين الحماية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف وقانون العنف الأسري، يؤثر سلبا من خلال عدم أداء القوانين لدورها الرادع، ما يسهل على المجرم فعلته، ويدفع النساء للتردد في التبليغ وتقديم الشكاوى، فيما القضاء اللبناني من جهته، يماطل بدوره في إصدار القرارات والمحاكمات في هذه القضايا"

وتنتقد عواضة "تعامل الإعلام اللبناني مع هذه القضايا، بحيث نجد فيها مادة للأخذ والرد وإفساح المجال أمام المجرمين لتبرير جرائمهم وإثارة الجدل والتأثير على الرأي العام لقلب الأدوار بين الضحية والمجرم، كما حصل فمؤخرا في قضية الشابة زينة كنجو الذي ظهر زوجها على الإعلام ليتحدث عن جريمته رغم أنه مطلوب للقضاء اللبناني".

وبشن استجابة القوى الأمنية للتبليغات عن العنف الأسري، تختم عواضة، يابقول إنه "من دون أدنى شك فإن القوى الأمنية تتعاون وتتجاوب في هذا المجال، والخط الساخن يتلقى الكثير من الشكاوى يوميا، ولكن بسبب خصوصية المرحلة في البلاد من أزمة صحية وأمنية واقتصادية، فإن مستوى الاستجابة، بعد تلقي لتلك الشكاوى والتبليغات، لا يزال أقل مما يفرضه التحدي وكأننا لا زلنا عام 2018 او 2019، حيث لا جهوزية مرصودة للتعامل مع الحالات الواردة بعد التبليغ عنها، والإرتفاع الكبير فيها، خاصة أنه وفي ظل الإغلاق العام للبلاد".

وترى غواضة أن المنظمات النسائية العاملة على حماية النساء المعنفات، "لا تستطيع العمل على الأرض، وتقديم طاقاتها الكاملة، وبالتالي فإن القوى الأمنية هم خط الدفاع الأول اليوم عن النساء المعنفات، وعليهم تأدية هذا الدور بكل الإمكانات المتاحة".