أسواق بيروت إلى الحياة مجدّداً... و"الأمل لا يموت"

ثلاث سنوات مرّت على انفجار المرفأ لتعلن إدارة شركه "سوليدير" عن عودة أسواق بيروت العام المقبل بزخم. طيلة هذه السنوات، تلقّى الوسط التجاري للمدينة ضربة في الصميم شلّته، لكنّه لم يمت.

مدير عام شركة "سوليدير" أديب النقيب وفي حديثه لـ"النهار"، يورد أنّ أسواق بيروت عملياً لم تقفل أبوابها يوماً، لكن الضربة القاضية التي تلقتها كانت انفجار مرفأ بيروت، بسبب قرب موقع الأسواق من المرفأ، ما أدّى إلى تكبّدها أضراراً جسيمة في المحلات التجارية والمطاعم والأدراج والمصاعد، لكن حتى بعد الانفجار، استمرت بعض المحال بالعمل.

بعض أصحاب المحال لم يستطيعوا الاستثمار مجدداً بعد الانفجار كون شركات التأمين لم تعوّض لهم حتى اليوم، لكن هناك أصحاب محال استطاعوا تغطية أضرارها واستمرّوا لإيمانهم بموقع أسواق بيروت وتميّزه، يقول النقيب. ويؤكد "ألّا محلات أقفلت بسبب الأزمة، إنّما الانفجار هو ما أفرغ قلب العاصمة لاسيّما أسواق بيروت التجارية".

‏حالياً، تضمّ أسواق بيروت 40 محلاً تجارياً مفتوحاً يرتاده الناس، إلى جانب بعض المطاعم والسينما. وبحسب النقيب، هناك محال بقيت ومحال أخرى أقفلت و"كان إقفالها فرصة لتغيير العلامات التجارية والمؤسسات، ودخول أخرى إلى أسواق بيروت، وبذلك، استمرت سياستنا في تلبية جميع طبقات وشرائح المجتمع، وهي الرؤية التي نتبّعها، على عكس النظرة السائدة بأنّ أسواق بيروت تلبّي الطبقة المخملية فقط".

‏وفي حين تضمّ أسواق بيروت 200 محل تجاري، تعتزم المحلات فتح أبوابها تدريجياً من الآن وحتى صيف 2024. فإلى جانب الأربعين محلاً التي تعمل حالياً، هناك 120 محلاً ملتزِماً بعقود مع "سوليدير". وستكون المطاعم والمقاهي جاهزة لاستقبال الزبائن خلال فترة عيد الميلاد أي في أواخر شهر كانون الأول، ‏لكن المحلات التجارية قد يستغرق افتتاحها وقتاً أطول لما تحتاجه من أشغال أكثر.

‏ويؤكد النقيب أنّ "علامات تجارية عالمية فاخرة وأخرى ذات أسعار معقولة ستكون في أسواق بيروت".

‏وعن الثقة في الاستثمار في لبنان، يعلّق النقيب أنّ "الدولة في ميل والشعب في ميل آخر، فالقطاع الخاص بتكاتفه وتضافر جهوده خلال هذه الأزمة، استطاع تحدّي الصعاب منذ انتشار كورونا وانفجار المرفأ والأزمة الاقتصادية، وأثبت أنّ قلب العاصمة لا يموت. ‏ولدى إطلاقنا مبادرة إعادة افتتاح أسواق بيروت، معظم التجار وأصحاب المحلات والمؤسسات لاقونا في منتصف الطريق، وهم مشَجَّعون بقوة للعودة إلى الوسط التجاري، وقد قدمنا التسهيلات لهذه العودة، وتُرجمت هذه الحالة الإيجابية بنسبة إشغال حوالي 80 في المئة من أسواق بيروت التجارية".

‏وتعمّدت إدارة "سوليدير" ترك 20 في المئة من محالها فارغة دون تأجيرها أو الاستثمار فيها، "لكي تجذب العلامات التجارية المهمة التي لا تزال تتردّد أو تنجذب بخجل للعودة إلى الاستثمار في لبنان، وبذلك قد تتحمّس للعودة إذا ما رأت الحركة إيجابية وقوية تعود إلى الوسط التجاري لبيروت".

ومن المتوقَّع أن تفتح أسواق بيروت بشكل كامل بجميع محالها ومطاعمها التي التزمت حتى الآن مع "سوليدير"، ما بين شهري أيار وحزيران 2024.

 

أسواق بيروت هي نبض بيروت

‏صاحب مطعم "آملين" الذي فتح مؤخراً في أسواق بيروت، بلال حجار في حديثه لـ"النهار"، يؤكّد أنّ "الأمل لدينا في أنّ لبنان ولد من وسط بيروت الذي يستقطب جميع الشرائح والطبقات من مقيمين ومغتربين وسياح، والوسط التجاري هو الوجهة السياحية الأولى لأيّ سائح عادة، وأسواق بيروت من يوم يومها وقبل حلول الأزمات في لبنان هي منارة لبنان".

‏ووفق حجار، إنّ خطوة افتتاحه هذا المطعم تطلّبت جرأة لاسيّما في الأوضاع الاقتصادية الصعبة الراهنة، وأنّ أسواق بيروت كانت مقفَلة "لكن أملنا كان بأن يكون مطعمنا فاتحة خير لجميع المقاهي والمطاعم، وتشجّع مستثمرون في القطاع المطعميّ ليفتحوا في وسط بيروت بعدنا، وتوقّعاتنا كانت في مكانها وأكثر، وأسواق بيروت ستعود، فهنا الحياة".

‏أمّا صاحب شركة "Pearls brands" غسان الجسر، الذي يعمل في قطاع الألبسة ومستحضرات التجميل، وفي حديثه لـ"النهار"، يروي أنّ كانت لديه ثلاث محلات في أسواق بيروت، تدمّرت في الانفجار، و"بعد أسبوع على وقوع هذه الكارثة، كنّا أوّل مَن أصلح محلاته وفتح أبوابه، فأسواق بيروت تعني لي الكثير وهي صلة الوصل بين جميع اللبنانيين وكان لا بد أن نبعث الأمل فيها لإعادة أحيائها".

‏وفي حين لا تزال الحركة خفيفة مقارنة بما قبل الأزمة والانفجار، "لكنّنا مستمرّون في أسواق بيروت، فبمجرد أن تزيد أعداد المحال التجارية فيها، ستقوي هذه الحركة، وشركة "سوليدير" قامت بخطوات ومبادرات إيجابية جداً تجاه أصحاب المؤسسات التجارية لتشجيعهم للاستثمار مجدداً".

‏وفي خطوة تعكس الأمل بالاستثمار في أسواق بيروت، سيفتح الجسر ثمانية محلات تجارية إضافية جديدة فيها، و"نحن لا ينقصنا أيّ شيء ليعود الوسط التجاري كما كان عليه في السابق، فليعطونا الاستقرار وليأخذوا منّا ما يدهش العالم".