أعداد المهاجرين الى تصاعد... إيطاليا هي الوجهة المفضّلة

لا تملك الجهات الأمنية إحصاءات دقيقة عن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يبحرون من لبنان وتحديداً من منطقة الشمال، فيما تبقى إيطاليا وجهة المهاجرين المفضّلة بعد تعقيدات طلب اللجوء في قبرص واليونان.

لا يكاد يمر أسبوع من دون الإعلان إما عن توقيف مركب ينقل مهاجرين غير شرعيين أو نجاح مركب آخر في الوصول الى الشواطئ اليونانية أو الإيطالية. فالاطلاع على الرحلات "الناجية من الموت غرقاً" غالباً ما يكون من خلال مشاهد يرسلها المهاجرون الى ذويهم ومعارفهم في لبنان.

بيد أن تلك المشاهد قد تحمل أحياناً الكثير من المآسي والآلام كموت طفلة لم تتجاوز الأربع سنوات بعد معاناتها مع عائلتها على متن مركب قبالة السواحل اليونانية.

أما عدد نقاط الانطلاق من الشواطئ شمال لبنان فتزيد عن عشر، بدءاً من العريضة وصولاً الى كفرعبيدا في البترون مروراً بالعبدة والميناء، ويجري شراء المراكب الكبيرة من بعض تلك المناطق وسط عدم قدرة القوى الأمنية على مراقبتها الكاملة، علماً بأن حركة توقيف المهاجرين غير الشرعيين تتواصل وآخرها في آب الفائت لفلسطينيين عندما أوقف 113 مهاجراً قرب المينا.

أما عن أعداد المهاجرين الذين غادروا لبنان منذ عام 2020 حتى عام 2022 فيشير الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين إلى أنه يصل الى 1700 مهاجر من الشواطئ اللبنانية فيما يفوق العدد الآلاف عبر تركيا، وغالبيتهم سوريون من غير النازحين إضافة الى فلسطينيين، على اعتبار أن حصولهم على اللجوء أسهل بكثير من اللبنانيين. ويلفت الى أن "هناك مهاجرين لبنانيين غير شرعيين انطلاقاً من تركيا حيث يدخل اللبناني من دون تاشيرة، وكذلك من قبرص". ويُذكر أن وجهات الهجرة غير الشرعية وصلت الى إندونيسيا وأستراليا.

إيطاليا الوجهة المفضّلة

يتطلع المهاجرون غير الشرعيين للوصول الى إيطاليا ولا سيّما أن تجارب طلب اللجوء في دول أوروبية على ساحل المتوسّط ليست مشجّعة وخصوصاً في اليونان وقبرص.

وعلى الرغم من بعد المسافة عن لبنان والمخاطر الجمّة على متن زوارق ومراكب غير مجهّزة للإبحار لمسافات طويلة وكذلك لا تستطيع نقل الأعداد الكبيرة، يفضّل المهاجرون المغامرة إلى إيطاليا لأنه في قبرص على سبيل المثال، إذا أفلِتوا من التوقيف في معسكرات بريطانية على غرار ما حصل عام 2015 مع مركبين أبحرا من لبنان، فإن قبرص تعيدهم الى لبنان بعد الاتفاق بين سلطات الجزيرة وبيروت على إعادة المهاجرين الواصلين إلى سواحلها.

أما اليونان فتتعامل بشدّة مع المهاجرين بعدما أغرقتها تركيا بآلاف المهاجرين في الأعوام الفائتة في سياق شد الحبال والابتزاز بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وكادت تلك الطريقة اليونانية تودي بحياة 60 مهاجراً لبنانياً وسورياً وفلسطينياً بعد رفض البحرية اليونانية الاستجابة لنداءات الاستغاثة المتكررة من مركبهم، وجاء إنقاذهم في اللحظات الأخيرة بعد جهود ديبلوماسية لبنانية مكثّفة ودور لافت للهيئة العليا للإغاثة.

تلك الأسباب تجعل وجهة المهاجرين إيطاليا ومنها يحاولون الوصول الى ألمانيا التي تمثّل تاريخياً قبلة المهاجرين من مختلف دول العالم الثالث.

أعداد المهاجرين... ارتفاع في شهري آب وأيلول

ليس لدى الجهات الرسمية اللبنانية إحصاء دقيق لأعداد المهاجرين غير الشرعيين، فبعض المهرّبين يلجأون الى الاحتيال من خلال استخدام مراكب مسجّلة باسم أحد الركّاب الهاربين، بحيث تُحدَّد نقطة التقاء على الشاطئ لنقل بقية المهاجرين الذين عادة ما يراوح عددهم بين 70 و100 شخص، بحسب سعة المركب المستخدم. وبحسب متابعي الهجرة غير الشرعية فإن أعداد المراكب تزداد بدءاً من شهر نيسان حتى منتصف أيلول وتصل الى الذروة بدءاً من مطلع آب حيث الطقس يسمح بالإبحار بأقل المخاطر، وبعد غرق "مركب الموت" في نيسان الفائت ارتفعت وتيرة الهجرة غير الشرعية الى أن عادت القوى الأمنية الى التشدد في مراقبة حركة المراكب غير الشرعية ونجحت في توقيف عدد من المهربين والمهاجرين غير الشرعيين.

ويسجّل عادة إبحار اكثر من 10 مراكب في فترة الذروة أي بين منتصف آب ومنتصف أيلول وعلى متن كل مركب في معدّل وسطي 50 راكباً، وقد يرتفع العدد الى أكثر من 100 على المراكب الكبيرة وإن كان عدد تلك المراكب قليلاً جداً.

وبحسب بعض الإحصاءات فإن الفترة ما بين تمّوز وأيلول من عام 2020 سجّلت إبحار 21 رحلة مقابل 17 رحلة خلال عام 2019.

هذه الوتيرة تصاعدت تباعاً لتتجاوز في الأشهر الثمانية من العام الحالي نحو 30 رحلة، ولكن لم يُكتب لجميعها الإفلات من القوى الأمنية.

الهجرة غير الشرعية تزداد ولا سيما بعد فقدان الثقة بالسلطة العاجزة عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة لغالبية اللبنانيين، علماً بأن الهجرة غير الشرعية ظاهرة قديمة سواء عبر البحر أو بالوصول الى دولة تستقبل اللبنانييين من دون تأشيرات كتركيا أو بيلاروسيا.

وسابقاً كانت هناك محاولات عبر دول بعيدة ومنها إندونيسيا وكانت النهاية مأساوية وكارثية عام 2013 حيث تُوفي 30 لبنانياً خلال محاولتهم الوصول الى أستراليا.