أعراض أوميركون مختلفة عن دلتا: هل يكون تحوّر الفيروس قد أضعف حدّته؟

بعد أن دق ناقوس الخطر لاكتشاف المتحور الجديد "أوميكرون" بدأ الحديث عن عوارض مختلفة ترافق هذا المتحور مقارنة بالسلالات السابقة. ولقد أحدث تصريح الدكتورة Angelique Coetzee تساؤلات كثيرة حول ما توصلت إليه من معايناتها السريرية وما قد يحمله ذلك من نتائج علمية قد لا تكون مخيفة أو مقلقة كما يتخوف البعض.

نعرف في علم الأوبئة أن الفيروسات في تطور مستمر، فبعض التحورات يزيد من حدّة الفيروس فيما البعض الآخر قد يضعفه. ماذا لو كان "اوميركون" النسخة الأضعف وليس الأقوى برغم سرعة انتشاره وقدرته على نقل العدوى؟ ماذا لو بتنا قريبين من تحوله إلى فيروس موسمي كما هي الحال مع الإنفلونزا؟

كان تصريح الدكتورة Coetze لصحيفة "التلغراف" البريطانية بأن "أعراض كورونا المعروفة، لم تظهر على أي من المرضى الذين قدموا إلى العيادة، مثيراً للاهتمام والأمل في الوقت نفسه. صحيح أنه من السابق لآوانه معرفة ما قد يحمله هذا المتحور من مفاجأة لكن هل يمكن اعتبار هذه العلامات نقطة ايجابية؟

برأي Coetze لم "يعانِ أي من المرضى المصابين بمتحور أوميكرون من فقدان لحاستيّ الشمّ والذوق. في المقابل كانت معظم العوارض مشتركة عند غالبية المرضى وهي كناية عن تعب شديد وآلام بالعضلات وسعال جاف وحكة بالحلق مع حرارة معتدلة، وفق ما نشر موقع independent".
ولاحظت أن الأعراض الجديدة "كانت خفيفة ومعتدلة" وأن جميع المرضى الذين كانت تعالجهم تعافوا بشكل جيد، علماً أن نصف المرضى كانوا من الرجال الأصحاء ومن غير الملقحين. وعليه كانت عوارض "أوميركون" مختلفة عن عوارض الدلتا المتعارف عليها بالإستناد إلى الحالات التي تمّ اكتشافها والإبلاغ عنها في جنوب أفريقيا.
وفي ظل متابعة وتقصي الحالات، ما زال من المبكر الحديث عن مدى خطورة هذا المتحور وما اذا كان يتسبب في مرض أشد.

وهذا ما أعربت عنه منظمة الصحة العالمية بعد ظهور "أوميركون" في عدد من الدول ومواصلة انتشاره المستمر، مؤكدة أن "البيانات الأولية تشير إلى أن هناك معدلات متزايدة من دخول المستشفيات في جنوب أفريقيا، لكن قد يكون ذلك بسبب زيادة الأعداد الإجمالية للمصابين وليس نتيجة إصابتهم بشكل محدد بمتحور أوميكرون". مضيفةً أن "الإصابات الأولية المسجلة في دراسات جامعية تفيد بأن إصابة الأفراد الأصغر سناً بالمرض تميل إلى الاعتدال أكثر، لكن فهم مستوى شدة متغير "أوميكرون" سيستغرق أياماً أو عدة أسابيع".

لكن كيف ظهرت هذه التغيرات؟
توضح الدكتورة Coetze وهي عضو في اللجنة الاستشارية الوزارية للقاحات في جنوب أفريقيا أنها "عندما لاحظت على الحالات السبع الأولى التي قدمت إلى العيادة نتيجة معاناتها من تعب شديد وعوارض أخرى مختلفة عن المتعارف عليه، أبلغت بالنتائج إلى المجلس الاستشاري للقاح في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الذي أبلغ بدوره السلطات المحلية ومنظمة الصحة العالمية للتنبه ومتابعة الموضوع".

وتقول لـ"رويترز": "كانت الأعراض في تلك المرحلة قريبة جداً من العدوى الفيروسية الطبيعية، ولأننا لم نشهد كوفيد_19 منذ 8 إلى 10 أسابيع قررنا إجراء اختبار للتأكد أكثر. لقد رأينا الكثير من مرضى "الدلتا" في الموجة الثالثة إلا أن الصورة السريرية مختلفة تماماً. غالبية الحالات كانت بسيطة.
وبالتالي لم يبلغ المرضى عن أي فقدان لحاستي الشمّ والتذوق ولا حتى عن انخفاض في نسبة الأوكسجين كما كانت الحالة مع متحور "دلتا"، وأن جميع الحالات قابلة لتلقي العلاج في المنزل من دون الحاجة إلى دخول المستشفى".
في المقابل، تحدث الدكتور Unben Pillay عن عوارض "أوميركون" والتي تمثلت بسعال جاف، تعرق ليليّ وآلام في الجسم مع حرارة بعد معاينته للمرضى. وقد شهدنا زيادة في الحالات في الأيام العشرة الماضية.
وهذه الزيادة هي التي دفعت ببعض الأطباء إلى رفع الصوت ودق ناقوس الخطر للتشديد على الاجراءات الوقائية. إذ أكد الاختصاصي في علم الأوبئة الدكتور سليم عبدالكريم أن "زيادة في القدرة على الانتشار والعدوى، ما سيجعلنا نشهد على ارتفاع في الحالات أكثر، وبدأنا نلمس ذلك".

وهذه الحقيقة دفعت بالمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وهو الوكالة المعنية بالصحة العامة في الاتحاد الأوروبي، بالقول: "إن سلالة أوميكرون المتحورة قد تسبب أكثر من نصف إصابات كوفيد-19 في أوروبا خلال بضعة أشهر".

وقد ذكر تقرير نُشر في صحيفة هندية أن السلطات الصحية في نيودلهي قد تحدثت مع جنوب أفريقيا حول المتحور الجديد، وقيل لها أن المناطق التي رصد فيها أوميكرون سجلت نسبة دخول متدنية إلى المستشفيات بسبب المتحور، حتى لم يُسجل حتى الساعة أي حالة وفاة مرتبطة به".

وحتى اللحظة يبدو أن العوارض بسيطة تتمثل بالتعب الشديد وتهيج في الحلق وفق ما أكده مصدر هندي لـ"انديان اكسبرس".

وقد ظهر المتحور الجديد في أكثر من 23 دولة حتى اليوم، في حين أنه يُرجح أن يكون موجوداً في دول أخرى ستكشف النتائج والفحوص المخبرية ذلك في الأيام المقبلة. وبينما سارعت بعض الدول إلى إغلاق حدودها والتشديد على السفر، أكدت منظمة الصحة العالمية أن "الأهم هو الاستعداد لهذا المتحور ذات القابلية العالية للانتشار. حتى الآن تشير المعلومات المتاحة إلى أنه لا يتعين علينا تغيير نهجنا".