المصدر: المدن
الاثنين 25 آب 2025 22:13:15
أشار تقرير نشره موقع "أكسيوس" الأميركيّ إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، وعلى الرغم من فشلها حتى الآن في إنهاء الحرب في غزّة، تحقّق "نجاحًا بطيئًا لكنّه ثابت" على مسارين آخرين في الشرق الأوسط: سوريا ولبنان. ووفق التقرير، فإن هذه الجهود الّتي "لم تحظَ باهتمام يُذكر في واشنطن أو في دورة الأخبار" تحمل إمكانية تطورات "تاريخيّة" حقيقية.
يرى مسؤول أميركيّ أنّ ثمة نمطًا واضحًا في الأسلوب المتّبع: التقدّم يتحقق من دون تدخّل شخصي كبير من ترامب، بل عبر مبعوثين "يستحضرون اسمه ويقنعون الدول بأنها سترفع من مكانتها عبر عقد اتفاق". وبحسب قوله: "عام 2025 هو عام الفرص لترامب لصنع السلام، لأن القادة حول العالم يرونه قويًا للغاية، ويريدون أن يكونوا في صفه. الآن، يستطيع ترامب أن يكون الأكثر فاعلية في دبلوماسيته. لكن مع مرور كل يوم، تتضاءل هذه القوة العظمى"، وفق ما نقل الموقع.
يضع التقرير التحركات ضمن سلسلة "اختراقات دبلوماسيّة منخفضة الظهور"، من بينها اتفاق السّلام بين أرمينيا وأذربيجان الذي وُقّع في واشنطن قبل ثلاثة أسابيع، في وقت يكافح فيه ترامب لإبرام اتفاق في أوكرانيا وغزّة.
سوريا: مسار تفاوضي غير مسبوق منذ عام 2000
وفق التقرير تتدرج الخطوات المُتخذّة تجاه سوريا ضمن مساراتٍ متعدّدة:
بدايةً، قرّر فريق ترامب منح دعم قويّ لزعيمين جديدين في المنطقة، أحدهما في سوريا حيث بات أحمد الشرع رئيسًا للبلاد بعد سقوط بشار الأسد. ثمّ أعلن ترامب في أيّار رفع العقوبات الأميركيّة عن سوريا بشكل مفاجئ، وعيّن السفير الأميركي لدى تركيا، توم باراك -"صديقه المقرّب منذ 40 عامًا"- مبعوثًا إلى سوريا. وأوكلت إلى باراك مهام إعادة بناء العلاقات الأميركيّة-السّوريّة، واستقرار الأوضاع، والعمل على اتفاق سلام محتمل بين سوريا وإسرائيل.
وبحسب التقرير، ازدادت الصعوبة حين قصفت إسرائيل دمشق في تموز الفائت، ووقع احتكاك قرب السويداء جنوب البلاد. وتمكّن باراك ووزير الخارجيّة ماركو روبيو من "احتواء الأزمة" عبر كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو والتوسّط لوقف إطلاق نار هشّ.
وبعد أسابيع، عقد باراك اجتماعًا ثلاثيًّا في باريس مع وزير الشؤون الاستراتيجيّة الإسرائيليّ رون ديرمر ووزير الخارجيّة السّوريّ أسعد الشيباني لبحث وضع السويداء ومسار سلام أعمق. ويُعدّ ذلك أول اجتماع دبلوماسيّ رفيع بين البلدين منذ رعاية بيل كلينتون محادثات عام 2000. وبعد اجتماع ثلاثي ثانٍ "الثلاثاء الماضي"، نشرت وكالة الأنباء السّوريّة تقريرًا موجزًا عنه، في أوّل اعتراف علنيّ من دمشق بالتواصل مع إسرائيل منذ أكثر من 25 عامًا.
ما الذي نوقش؟
بحسب مسؤول أميركيّ لـ"أكسيوس"، ناقش الجانبان إنشاء ممرّ إنسانيّ إلى السويداء لإيصال المساعدات من إسرائيل إلى الطائفة الدرزيّة، وبحثا كذلك "اتفاقًا أمنيًّا جديدًا" يحلّ مكان اتفاق فصل القوّات لعام 1974 كخطوة أولى نحو التطبيع. وأضاف المسؤول: "الاجتماع كان جيدًا وبنّاءً ومحترمًا... ما زال هناك عمل يجب إنجازه، لكن لا توجد عداوة أو غضب، وكلاهما يريد الوصول إلى تفاهمات".
لبنان: نحو نزع سلاح "حزب الله" ومسار تهدئة
وفي موازاة المسار الدبلوماسيّ مع سوريّا، أشار التقرير إلى الجهود الأميركيّة المبذولة في لبنان حيث أُوكل إلى باراك قبل شهرين أيضًا ملف لبنان، بهدف تعزيز الحكومة الجديدة، ودفعها نحو نزع سلاح "حزب الله"، ووضع أسس لتطبيع مستقبلي مع إسرائيل. ليقدّم المبعوث الأميركي مقترحًا لإنهاء الحرب مع إسرائيل بشكل دائم، بعدما لم يُنفَّذ بالكامل وقف إطلاق النار المتّفق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. وأشار التقرير إلى أنّه وقبل ثلاثة أسابيع، أطلقت الحكومة اللبنانية عملية لمعالجة المطلب الأميركي الأساسي. وحتى الآن "طلب مجلس الوزراء فقط من الجيش وضع خطة لنزع سلاح الجماعات المسلحة"، وهي خطوة غير مسبوقة في بلد يُعدّ فيه "حزب الله" قوّة عسكريّة وسياسيّة رئيسية.
ضغط متبادل وتحركات ميدانية
ووفق "أكسيوس"، يطالب باراك والدبلوماسيّة الأميركيّة مورغان أورتاغوس، إسرائيلَ الآن بخفض ضرباتها في لبنان وبدء انسحاب تدريجي لقواتها المتبقية من الجنوب. وزار الدبلوماسيان تل أبيب الأحد والتقيا نتنياهو وديرمر ووزيري الدفاع والخارجية. وبحسب مسؤول إسرائيلي، شدّد الجانب الأميركي على ضرورة "خلق زخم إيجابي". وأبدت إسرائيل استعدادًا لاتخاذ بعض الخطوات المطلوبة، لكنها ربطت التقدّم بقدرة الجيش اللبناني على كبح جماح "حزب الله".
وفي موازاة ذلك، ناقش باراك مع نتنياهو مسار التفاوض مع سوريا حول "اتفاق أمنيّ". ثم توجّه باراك وأورتاغوس الاثنين إلى بيروت للقاء مسؤولين لبنانيين. وقبيل وصولهما، أشاد نتنياهو بما وصفه خطوة الحكومة اللبنانية نحو نزع سلاح "حزب الله" بحلول نهاية 2025، واصفًا إياها بأنها "قرار تاريخي". وقال: "في ضوء هذا التطور المهم، تقف إسرائيل على أهبة الاستعداد لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح حزب الله والعمل معًا نحو مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا للبلدين". وأضاف: "إذا اتخذت القوات المسلحة اللبنانية الخطوات اللازمة لتنفيذ نزع سلاح حزب الله، فستقوم إسرائيل بإجراءات متبادلة، بما في ذلك خفض تدريجي لوجود الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع آلية أمنية تقودها الولايات المتحدة".
لا يزال المساران السوري واللبناني بعيدين عن الاكتمال. لكنّ، وبحسب "أكسيوس"، فإن التقدّم المبكر -رغم قلّة الاهتمام الدوليّ- يكشف "نفوذًا" يتمتع به ترامب لدى عدد من المسؤولين في المنطقة، وقد يفتح الباب أمام تحوّلات دبلوماسية أوسع إذا تواصلت المحادثات وجرى تثبيت إجراءات التهدئة على الأرض.