أميركا ماضية في الانسحاب من العراق..وخططها "متوترة"

قبل شهر من الموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية من مناطق سيطرة الحكومة العراقية، من المقرر بحسب اتفاق العام الماضي أن تحتفظ الولايات المتحدة ببعض القوات في إقليم كردستان لعام إضافي، وتتابع مهمة مكافحة تنظيم داعش.

في حين أكد مصدر موثوق لـ "العربية.نت/الحدث.نت" أن العسكريين الاميركيين وكبار الموظفين في وزارة الدفاع لا يريدون هذا الانسحاب". ونقلا لمصدر عن موظفين كبار قولهم "إن تقديراتهم تشير إلى أن العراق غير مستقرّ"
إلاان هذا الكلام لا يعني أن الأوضاع الحالية في العراق تشهد اضطراباً بقدر ما يعني ان البلاد معرّضة لضغوطات كثيرة الآن وفي الأشهر المقبلة ما يجعل الأوضاع غير مستقرة.


"الأوضاع غير مستقرّة"
إلى ذلك، تعتبر الجهات العسكرية الأميركية، بالإضافة الى أجهزة الاستخبارات ومسؤولي التخطيط الأميركيين "ان العراق معرّض للاضطرابات بسبب الأوضاع الداخلية، فداعش ما زال يحاول العمل على الأرض ، وهناك ميليشيات تعمل تحت تأثيرات سياسية خارجية مثل التأثير الإيراني، كما ان الأوضاع غير مستقرّة بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان."

كما يشير الأميركيون الى تأثيرات الأوضاع في سوريا، حيث لا يزال الحكم السوري الجديد في مرحلة انتقالية "، كما أن هناك مشاكل أمنية وسياسية في جنوب وشمال شرق سوريا.
وما يزيد الأمور تعقيداً في الشمال هو الدور التركي المعادي للأكراد وتنظيم "قسد" الذي تصفه أنقرة بالإرهابي.

قرار الانسحاب لم يتغير
ولعل من المفارقات أن الحكومة العراقية أشارت الى هذه المخاطر، خصوصاً الناشئة في سوريا خلال التخاطب مع الإدارة الأميركية، والعسكريون الاميركيون بالإضافة الى أجهزة الاستخبارات يوافقون على هذا التقييم "العراقي" لكن القرار السياسي بشأن الانسحاب لم يتغيّر.

وفي السياق، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، البنتاغون، في تصريحات للعربية.نت/الحدث.نت "اننا ملتزمون كما أعلنا سابقاً بإنهاء مهمة التحالف العسكري داخل العراق بمهلة شهر سبتمبر 2025 وسنتابع دعم جهود هزيمة داعش في سوريا من قواعد في العراق حتى شهر سبتمبر 2026"

فيما يعكس هذا التأكيد خلافاً في طريقة التعاطي مع الأوضاع في العراق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبار المسؤولين من جهة، والعسكريين الأميركيين وأجهزة الاستخبارات من جهة أخرى. فالعسكريون لا يريدون تكرار سيناريو الخروج من العراق عام 2011 ثم العودة على وجه السرعة لأن الأوضاع انهارت، لكنهم يعرفون ان القرار لا يعود إليهم، بل للرئيس الأميركي.

النفط والدولار والسلاح
إلى ذلك، أوضح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية للعربية.نت/الحدث.نت أن " الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بشركائها في العراق الذين يعملون على بناء بلد مستقرّ واتحادي ويتمتّع بالسيادة". وأضاف ان المسؤولين الاميركيين على اتصال مستمر بالشركاء في الحكومة العراقية.

لكن هذا التأكيد الأميركي يبقي الأبواب مفتوحة على مصراعيها بشأن الكثير من القضايا المعلّقة بين بغداد وواشنطن، فالولايات المتحدة لا تريد أن يكون العراق باباً لتهريب النفط الإيراني، أو لتهريب الدولار الأميركي إلى إيران، أو حتى في دائرة النفوذ الإيراني.
في المقابل، شدد مصدر كبير في الحكومة العراقية على انه "لا يوجد أي تهريب للنفط من الموانئ العراقية، وانما هناك بيع للنفط الأسود من مصانع عراقية". وأضاف "ان الحكومة العراقية تتحدى الخزانة والفدرالي أن يثبتا تهريب دولار واحد الى إيران"، في إشارة إلى أن الحكومة العراقية تقوم بكل الإجراءات الضرورية وأنها نجحت بالفعل في ذلك.

فيما أشار مصدر عراقي رفيع الى ان "الاتهامات بتهريب النفط والأموال وحتى الأسلحة، يجب أن نكون موجّهة لحكومة الإقليم والقوى المنتشرة هناك لأن أي تهريب إيراني إنما يحصل عن طريق الإقليم، وليس عن طريق بغداد ومناطق سيطرة الحكومة "

التشدّد الاميركي
إلا ان الإدارة الأميركية تريد أن تبقي بعيدة عن الجدل في أمور التهريب. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية "نتابع استهداف مصادر طهران للتمويل، ونزيد الضغط الاقتصادي لمنع النظام من الوصول الى المصادر المالية التي تموّل النشاطات المزعزعة للاستقرار كماأاننا نعمل على قطع طرق التسليح من إيران الى الميليشيات الموالية لها"
أما المسألة الوحيدة التي لا يوارب الاميركيون في التحدّث عنها، فهي مسألة قانون الحشد، وقد اتصل وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو مرّتين برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وذكر بيان وزارة الخارجية الاميركية انه تناول هذه القضية. وقد أكد مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية أن روبيو "عبّر عن قلق بلاده الجدّي تجاه مشروع قانون الحشد وشدّد على أن أي تشريع من هذا النوع سيجعل النفوذ الإيراني جزءاً من المؤسسات وسيجعل المجموعات المسلحة تمسّ بسيادة العراق"

توترات العام 2026
يبقى الأكيد ان هناك الكثير من التحديات أمام الطرفين، العراقي والأميركي، وسيحتاج الجانبان اإى الكثير من العمل للتفاهم على ما يريده كل طرف.
وربما يكون التحدّي الأكبر بحسب أحد مصادر العربية.نت/الحدث.نت في العاصمة واشنطن، والمهتمّ بشؤون العراق هو أنسنزع خروج القوات الأميركية عن العراق نوعاً من غطاء سياسي وأمني ويجعل الأجواء، وربما الأرض العراقية ساحة نزاع بين أطراف إقليمية عديدة، فيما سيكون على الحكومة العراقية حماية الاستقرار بذاتها من دون أي مساعدة"