أوروبا تدخل الحرب "بشكل مغاير".. 7 مليارات دولار لدعم أوكرانيا بالمسيّرات

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي سيقدّم «مقدمًا» نحو 6 مليارات يورو، ما يقارب 7 مليارات دولار، لصناعة الطائرات المسيرة في أوكرانيا، في تحوّل ملموس نحو دعم الإنتاج الضخم لمنصات قتالية أصبحت علامة بارزة في الحرب الأوكرانية. 

جاء الإعلان استجابة للحاجة الملّحة التي حدّدها وزير الدفاع الأوكراني، الذي قدر أن كييف بحاجة إلى نحو 6 مليارات دولار لتغطية إنتاج الطائرات المسيرة لعام واحد، من طائرات FPV الهجومية إلى المنصات الاعتراضية والبعيدة المدى والصواريخ. 

ومع أن المبلغ يُراد أن يُسدّد من فوائد الأصول الروسية المجمدة، فإن غموض توفر السيولة الفعلية يخلّف تساؤلات حول توقيت وفاعلية التمويل.
الرهان الأوروبي واضح: ما تفتقده أوكرانيا ليس الإبداع التقني — فقد أثبتت الشركات المحلية والوحدات العسكرية قدرة لافتة على الابتكار — بل «الحجم».

إذ تُستخدم الطائرات المسيرة الأوكرانية بكثافة ضد الذخائر والمخازن ومرافق الإنتاج الروسية، وتُسهم بنحو 23% من خسائر المعدات الروسية، وفق تصريحات فون دير لاين، فيما تنسب السلطات الأوكرانية 70% من الضربات المبلغ عنها إلى طائرات مسيرة. 

لذا، فإن ضخّ قدرات الإنتاج الكبيرة قد يحوّل التكتيكات المتهدّدة إلى استراتيجيات مستدامة قادرة على إحداث فرق ميداني حاسم.

من الابتكار إلى التصنيع
تتربع صناعة الطائرات المسيرة المحلية في أوكرانيا على شبكة من مصنّعين متنوّعين ووحدات عسكرية مستقلة، لكن الكثير من هذه الجهات يعتمد على التبرعات والتمويل الجماعي لتحديث منصاته وضمان الاستمرارية. 

وقدّر الرئيس الأوكراني قدرة بلاده على إنتاج 8 ملايين طائرة سنويًا، رقم طموح يواجه عقبة أساسية هي التمويل والقدرة الصناعية الحقيقية. 

وهنا يظهر ثقل قرار الاتحاد الأوروبي، حيث إن تحويل الابتكار إلى طاقة إنتاجية صناعية على نطاق واسع يتطلب سلاسل توريد مستقرة، وخطوط إنتاج قابلة للتوسعة، ومراقبة صارمة لتوجيه الموارد نحو أنظمة قابلة للصناعة والتصعيد.
كما تواجه الخطة تحديات محورية، أولًا، غموض مصادر الأموال الفعلية من العوائد على الأصول الروسية المجمدة، خصوصًا أن العوائد المتوقعة قد لا تُغطي كامل المبلغ المعلن. 

وثانيًا، الحاجة إلى آليات رقابة ومتابعة واضحة لصرف الأموال وضمان وصولها إلى المنشآت المنتجة وليس إلى حلقات وسيطة. 

أما ثالثًا، التحديات اللوجستية المرتبطة بتحويل أفكار ومشروعات صغيرة إلى تصنيع جماعي يتطلب دعمًا صناعيًا وتقنيًا من شركاء دوليين.

تأثير ميداني واستراتيجي
تتجاوز القيمة التكتيكية للمنصات المسيرة الأوكرانية كونها مجرد أدوات اقتصادية رخيصة الثمن: إنها تبدّل موازين القدرة على الإضرار بمصادر القوة التقليدية للعدو، وتتيح الضغط على خطوط الإمداد ومواقع الرقابة والإنتاج من مسافات بعيدة. 

وتسمح الطائرات الاعتراضية والطائرات بعيدة المدى والمنصات المجنّحة لقيادة العمليات بتوظيف موجات هجمات متكررة تبطئ التقدم أو تستنزف القدرات المعادية؛ وهذه المرونة التكتيكية تفسّر سعي الاتحاد الأوروبي إلى «تمكين الحجم» كما وصفت فون دير لاين.

إن التصنيع المكثّف قد يجعل صناعة الطائرات المسيرة هدفًا استراتيجيًا لعمليات تجسسية أو ضربات معادية، كما أن الاعتماد الكبير على نوع واحد من الأسلحة قد يخلق نقاط ضعف أمام تطوير مضادات فعّالة. 
ولذلك، فإن التمويل الأوروبي لا يمثل نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة تتطلب تخطيطًا لوجستيًا، وأمنًا صناعيًا، وتنويعًا تقنيًا لضمان أن تصبح الطائرات المسيرة قوة مستدامة على ساحة المعركة، وليست مجرد دفعة مؤقتة في سباق تسليحي سريع التغيّر.

يُعد إعلان الـ7 مليارات دولار هو محاولة لتجسير الفجوة بين براعة أوكرانية في الابتكار والحاجة إلى إنتاج ضخم مستدام.

وإذا تحقّق التمويل الفعلي وترافق مع حوكمة لائقة وسلاسل إنتاجية قوية، فقد تتحول المنصات المسيرة إلى رافعة استراتيجية لجيش أوكرانيا؛ أما إن ظلّ التمويل غامضًا والتحديات الصناعية قائمة، فستبقى الطائرات المسيرة رهانًا تكتيكيًا محدود التأثير على المدى الطويل.