"إذا لم تجدْ عدواً.. إخترعه.."

كتب المحامي انطوان القاصوف :
من وحْي الكاتب الروسي ليو تولستوي، نروي:

"قال الأرنب يوماً للكلبِ المطارِد ِ : لِمَ تنبح عندما تطاردنا؟ لو لحقتَ بنا دون نباح ٍ لأمسكتَ بنا بسرعةٍ أكبر، فنباحك لا ينالُكَ منه شيء سوى أنّك تدفعنا نحو الصيّاد فيعلم من أينَ نمُرُّ ويركض نحونا وبندقيته بيده فيقتلنا ولا يُعطيكَ شيئاً ..؟!
أجاب الكلبُ : إني لا أنبحُ لأُوجهَكَ نحو الصّياد وإنما انبحُ لأنني حين أشمُّ رائحتَكَ ينتابُني الهياجُ والفرحُ إذْ أتصورُ أنني سأقبضُ عليك بعد ثانية ولستُ أعلمُ أنا نفسي لماذا يجب أن أنبح... " ؟!


ما أكثرَ الكلاب النّابحة في "غابتنا" فهي لا تعرفُ لماذا هي "كلاب نابحة" ولا تدري سبب "نباحها" بل جُلَّ ما في الأمرِ أنّها تستلذُّ بنباحها بالفطرة..وما أكثر "الأرانب الضحايا " التي لا خيارَ لها ، فإمّأ ينهشُها الكلبُ وإمّأ يصطادها الصيّاد وما أكثر الصّيادين مُستغلّي الظروف وقنّاصي الفرص...!!

..وتبقى المعادلة المأساوية :" الكلبُ ينبحُ ، الأرنبُ يُذبحُ والصيّادُ يربحُ ".
وقياساً : المواطن ُ إمّأ ينهشُهُ سياسيٌّ مُتسلطٌ أو يُطاردُهُ تاجرٌ فاجرٌ وهو على الدوام في خيارٍ تعجيزيٍّ : إذا أتت "نقشة" فأنت في عِهدةِ "المُتسلّط" وإذا أتت "طُرّة" فأنت في قبضة "الفاجر"..والنجاة من سابع المستحيلات؟!
" الأرنب " اللبناني ، سأل الكلب والصيّاد :
في الذكرى الرابعة للإنهيار المالي وما تبعه من كوارث إقتصادية ومعيشية وصحية وثقافية وسياحية وأمنية... هل كان كلّ ذلك "بالفطرة " أم بالتخطيط؟!
كيف " تدهورت "العملة الوطنية وإحتلت صدارة قائمة العملات الأسوأ؟
كيف إنهار القطاع المصرفي؟
كيف " طاوعكم " ضميركم(...) بالسطو على أموال المودعين؟
كيف أنفقتم مال الإحتياط ؟
كيف سمحتم بالإستيراد والدّعم لمصلحة دولتكم وشقيقتها؟
كيف تخلفتم عن دفع سندات " اليوروبوند "؟
كيف "أطحتم " بالثقة الدولية التي كنّأ نتمتع بها؟
كيف جعلتمونا شعباً يعيش على الإعاشة؟
كيف أوصلتم البلد إلى " مهوار" الإفلاس؟

سُئلَ نبيٌّ : متى تقوم القيامة؟
أجاب: عندما تُوْكَلُ الأمورُ إلى غيرِ أهلها..فكيف إذا كانوا بدون أهلية وغير مؤهَلين ؟؟!!والفاشلون يعيدون أنفسَهم ومَنْ أوقعنا في "الحفرة" ما زال يُتابعُ "الحفر"..وفي كلِّ مرّةٍ ومن باب "التخدير" يطرحون حلولهم الفاشلة وهي تشبه مَنْ يذهبُ باكراً إلى السرير كي يُوفّرَ الكهرباء ، ثُمّ ،يَتمُّ إنجاب توأمين...؟؟!!
ومع ذلك ، فالكل"كإمرأة القيصر" فوق الشبهات :
بتاريخ٢٠٢٤/٣/٥ تقدّم رئيس وزراء "البيرو" النافذ البرتو اوتارولا باستقالته من منصبه وسط "مزاعم" باستغلاله نفوذه لمساعدة شابة قيل أنه وجّهَ لها عبارات ٍ غرامية في تسجيلاتٍ نشرتها وسائلُ إعلام ..وقال اوتارولا للصحافة في "ليما" إنه في حديث مع رئيسة الجمهورية :أعلنت قراري التقدم باستقالتي .

يبقى السؤال : لماذا يستقيل المسؤول في الخارج بسبب "مزاعم مخالفة "مهما كانت درجتها ، والمسؤول عندنا لا "يتزحزح" ، هل لأنّ جرائمه محمية ومحصنة فلا يخضعُ لقانون العقوبات ولا أصول المحاكمات الجزائية تلاحقه ولا الضمير يعاقبه..؟؟!!


تقول التراجيديا الآغريقية :إرتكب رجلٌ جريمة قتل فطارده أهلُ القتيل..ركض هارباً إلى النهر لكنه واجه ذئباً ، خاف فتسلق شجرةً متدليةً فوق النهر واختبأ لكنه رأى ثعباناً يتأرجحُ هناك فألقى بنفسه في الماء فطارده تمساحٌ وافترسه ..تظهرُ الحكاية أنه بالنسبة لكل مجرمٍ ملطّخٍ بدماء الجريمة لن يكونَ له ملجأٌ لا على الأرضِ ولا مع الهواء ولا في الماء ...!

...وتبقى المأساة مستمرة:
قبل أن تنحرف "قواعد الإشتباك " وننتقل من "المشاغلة والمساندة" إلى الحرب المدمرة ، يقدّر المسؤولون غير المسؤولين، أنّ في الجنوب أعداداً هائلة من الوحدات السكنية والتجارية والصناعية والسياحية قد تدمرت كلياً أو جزئياً والقطاع الزراعي أُصيبَ بأضرار كبيرة والمؤسسات أُقفلت والعائلات هجّرت والخسائر تفوق قدرة التعويض أمّأ الضحايا الذين سقطوا أو الشهداء الذين إرتقوا فخسارتهم لا تُقَدَرُ بثمن ..؟!

يموت المقاتلُ فيرتقي شهيداً فيما يحيا قائدُهُ بمواجهةٍ دائمة مع عدوه وله مصلحة على الدوام بالإبقاء على العدو حيّاً وكلّ عدوٍ للعدو حياة..؟!


بمناسبة إنهيار الإتحاد السوفياتي، خاطب الكسندر أوربانوف المستشار الدبلوماسي لآخر رئيس سوفياتي ميخائيل غورباتشوف، المعسكر الغربي قائلاً :"سنقدم لكم أسوأَ خدمةٍ سنحرمكم من العدو..."
في لبنان ، يبدو أنه بات من الصعوبة تَصَوُر وجود "هويّة" عند البعض بدون أعداء حقيقين أو متخيلين ...؟! لذلك سنبقى ضحية إعتماد قانون السياسة الأخطر :
"إذا لم تجد عدواً..إخترعه"