إطار الاتفاق مع صندوق النقد أُنجِز والهدف تحميل أقل خسارة ممكنة للمودِعين

تستكمل بعثة صندوق النقد الدولي لقاءاتها في الساعات الـ48 قبل أن تغادر لبنان غداً الجمعة حاملة نتائج لقاءاتها إلى طاولة مجلس إدارة الصندوق... على وقع تداعيات تصريح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي أعلن فيه إفلاس الدولة ومصرف لبنان.

مصادر حكومية تؤكد لـ"المركزية" أن إطار الاتفاق مع صندوق النقد قد أنجِز، لكن المفاوضات لا تزال قائمة حول بعض النقاط. وتقول "عندما نتوصّل مع الفريق المفاوِض الممثَل بموظفي صندوق النقد، إلى اتفاق حول المسائل التقنية والأرقام، سننقل ورقة الاتفاق إلى مجلس الوزراء ليوافق بدوره عليها. إنما كي ينقل فريق صندوق النقد ورقة الاتفاق إلى مجلس إدارته للغاية ذاتها، يجب أن تكون مُرفقة بشروط أربعة مُسبَقة، وهي:

1- تصويت مجلس النواب على مشروع موازنة 2022.

2– تصويت مجلس النواب على تعديل قانون السريّة المصرفيّة.

3– تصويت مجلس النواب على مشروع قانون الـ"كابيتال كونترول".

4– تصويت مجلس النواب على مشروع قانون إطار إعادة هيكلة القطاع المصرفي.

وتُشير في السياق، إلى أن "المشاريع الثلاثة الأولى قيد البحث في مجلس النواب ويُفترض أن يصوّت عليها لاحقاً، فيما يطالب صندوق النقد بأن يكون مشروع قانون إطار إعادة هيكلة المصارف قد صوّت عليه مجلس النواب، في حين أننا لا نضمن ضمن أي مدة سيُصدر البرلمان مشروع قانون إطار إعادة هيكلة المصارف، لكن ما نستطيع أن نضمنه هو موافقة مجلس الوزراء على هذا المشروع القانون وإحالته إلى مجلس النواب...

وإذ تؤكد أن "المفاوضات لا تزال جارية مع الصندوق حول هذا الموضوع"، تقول المصادر: إن إطار الاتفاق مُنجَز، والمفاوضات تجري الآن على محاور عديدة كالمصارف والمالية العامة والكهرباء وهيكلة القطاع العام...، إنما هناك بعض النقاط لا تزال قيد البحث وتبادل الآراء... على سبيل المثال، يقترح الجانب اللبناني أن هذا المؤشر لا يمكن إنجازه في حزيران 2023 إنما في كانون الأول 2023.

وتلفت إلى "مؤشرات عديدة على الدولة اللبنانية الالتزام بها، وتتم مراجعتها كل ثلاثة أشهر، وفي حال تأكدت المؤسسة الدولية من التزام لبنان بها تُعطيه قسماً من الأموال المُخصَصة له. فالدفع إذاً يحصل على حقبات وفي مواعيد محددة تتزامن مع تطبيق الالتزامات المطلوبة من الدولة".

وتُضيف في السياق: وضعنا برنامج "خطة التعافي" ونناقش مع صندوق النقد على أساسه، علماً أن لدى بعثة الصندوق اقتراحات وآراء عدة مختلفة، على سبيل المثال، في حال وُقِّع الاتفاق في شهر حزيران يَفترِض الصندوق أن يتراجع العجز نهاية 2022 بمعدّل 3%، في حين أنه لا يمكننا خفضه إلى هذا المستوى بل بمعدَّل 2%، فالمفاوضات تجري حول هذه المواضيع. طُرح العلاج ضمن خطة الدولة... والبرنامج سيُطبَّق على مدى 4 سنوات وعلى مراحل متتالية. وفي كل منها على الدولة أن تُحقق بعض الإنجازات والإصلاحات.

أين المحاسبة...؟

ورداً على سؤال عن سبب تعويض الخسائر من أموال المودِعين وترك مَن عبَثَ بالمال العام فساداً وهدراً طوال سنوات، تُجيب المصادر: لا علاقة لصندوق النقد بمحاسبة الفاسدين وناهِبي المال العام، إنما ذلك من مسؤولية الددولة اللبنانية وحدها... فالبحث مع صندوق النقد يقتصر على إيجاد علاج للأزمة المالية والاقتصادية التي يرزح لبنان تحتها.

وفيما تعتبر أن أموال المصارف لا تنحصر فقط بأموال المودِعين "بل هناك رؤوس أموال أصحاب المصارف وأموال مالكي الأسهم... وأخيراً الودائع"، تُفنّد توزيع الخسائر على النحو الآتي: إن حقوق المودِعين في المصارف التجارية تبلغ 103 مليارات دولار، فيما هناك 86 مليار دولار أقرضتها المصارف لمصرف لبنان الذي بدوره استعمل هذا المبلغ في دعم الليرة وقروض السكن والتكنولوجيا... ودعم استيراد المواد الأساسية كالفيول أويل للكهرباء والمازوت والقمح... كذلك استعملها لشراء سندات الخزينة الـ"يوروبوند" بقيمة 5 مليارات دولار... فوقع في خسارة مالية.

وتتابع: كما أن الدولة بقدر ما زادت في معدّل التوظيف في القطاع العام، ورفعت سقف الاستدانة إلى حدّ لم تعُد قادرة على إيفائه، وقعت تحت ضغط مالي هائل. والآن الدولة مجبرة على إعادة هيكلتها وهيكلة مصرف لبنان كونه ملك الحكومة.

كذلك المصارف، بحسب المصادر، "قد موَّلَت الدولة وساهمت بـ 16 مليار دولار في سندات الـ"يوروبوند" لكنها خسرتها بفعل تعثّر الدولة عن سداد ديونها".

وتخلص إلى أن "الخسارة تتحمّلها الفئات الأربع مجتمعةً، إنما هدف برنامج خطة التعافي هو تحميل أقل خسارة ممكنة للمودِعين الذين لديهم حتى الآن حقوق بما يفوق الـ100 مليار دولار، لكنها لم تعُد موجودة في المصارف... فالخسارة وقعت وصاحب الوديعة الأكبر سيتحمّل الجزء الأكبر منها.

وتقول: وصلنا إلى حالة لا يمكن الاستمرار فيها... لقد تزعزعت أعمدة الهيكل كلها، أكان لجهة انهيار سعر العملة أو تعثّر القطاع المصرفي وتجميد الودائع، كذلك تأثّر المالية العامة هبوطاً فتعثرت الدولة عن تسديد ديونها... وزادت ديونها طوال 20 سنة بفعل السياسات الخاطئة، حتى رزحت الدولة تحت وزر ديون ثقيلة لم تتمكّن من تسديدها. إضافة إلى تردّي البنى التحتية كافة من كهرباء وطرقات... إلخ. وصولاً إلى موضوع الحوكمة والفساد...