إعادة تنظيم ترخيص السلاح لمنع الإفلات من العقاب

32 قطعة سلاح فردي لكل 100 شخص، أي حوالى مليوني قطعة سلاح في لبنان، مقابل 7 قتلى و15 جريح في السنة الواحدة منذ عام 2010 نتيجة الرصاص «الطائش» وفوضى السلاح الفردي المتفلّت من أي ضوابط. بقي العدد الأكبر من مطلقي النار القاتل، عن قصد أو غير قصد، من دون ملاحقة قضائية جدّية حتى اليوم. النقص في التدقيق والتنظيم لدى منح رخص السلاح يصعّبان التحقيق الجنائي. فهل يمكن إعادة تنظيم إصدار رخص السلاح في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مؤسسات الدولة؟ علماً أن نسبة الجرائم المسلّحة ترتفع في ظل انتشار واسع للفقر والحرمان.

خلال جنازة شاب توفي نتيجة رصاصة طائشة، أطلق أهالي المغدور النار في الهواء، فأصابت إحدى الرصاصات الطائشة رأس ولد كان على شرفة منزله، وأردته قتيلاً، والحلقة تتكرر. ظاهرة إطلاق النار في الهواء منتشرة خلال الجنائز والأعراس والنجاح في الامتحانات الرسمية. وتماشياً مع هذا كله، نجد مشهداً اعتاد عليه الشعب اللبناني، وهو إطلاق النار ابتهاجاً بعد كل خطاب سياسي بالرغم من مناشدة رؤساء الأحزاب لإدانة هذا الفعل ولعدم تكراره، كأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال خطاباته عام 2007 و2008 و2013 و2015 و2016 ولكن لا حياة لمن تنادي.

تيونا الصراف البالغة من العمر سبعة أعوام ضحية رصاصة طائشة بعد احتفال تخرج ضابط من الكلية الحربية في عكار. حدث هذا في آب 2021، فتحت الضابطة العدلية تحقيقاً في الحادث، ولكن لم تتوصل إلى مطلق النار حتى اللحظة.
أحمد الكردي البالغ من العمر سبعة أعوام ضحية رصاصة طائشة في حارة الناعمة، تموز 2017 وما تزال القوى الأمنية تبحث في ملابسات الجريمة.
ياسين سيروان البالغ من العمر ستة أعوام ضحية إطلاق نار من سلاح صيد في الهرمل عن طريق الخطأ عام 2016. ألقت القوى الأمنية القبض على القاتل.
محمد عزالدين البالغ من العمر ثمانية أعوام ضحية رصاصة طائشة في الرأس، وذلك في منطقة النويري في بيروت، عقب إطلاق النار الذي جاء احتفالاً بصدور نتائج الشهادة الثانوية. لم تفتح القوى الأمنية تحقيقاً في الجريمة لأسباب مجهولة.
طلال إبراهيم ابن الثمانية أعوام ضحية رصاصة طائشة جراء إطلاق النار خلال إشكال وقع في الميناء، تموز 2020.
يبلغ المتوسط السنوي لعدد جرائم القتل في لبنان 232 جريمة، من ضمنها القتل نتيجة إطلاق النار في الهواء. عندئذ يتم المباشرة بالتحقيق من أجل إلقاء القبض على الفاعل، ولكن بالنسبة إلى استقصاء الضابطة العدلية في القتل نتيجة الرصاص الطائش فهي غالباً ما تكون بلا جدوى. تُقام عشرات التحقيقات في حق مجهولين، فالفاعل إما منتسب ومسؤول حزبي لا يمكن التبليغ عنه خوفاً على سلامة المشتكي، أو هو أحد أقربائهم. كما أن الضابطة العدلية لا تمتلك قاعدة معلومات لازمة لمعرفة المجرم، كما في حالات إطلاق الرصاص في الهواء خلال حفلة رأس السنة من قبل عدة أشخاص في المكان ذاته.

«بكل بيت في سلاح»
يردد كل من يمتلك قطعة سلاح في لبنان لتبرير حيازته على مسدس أو بندقية بمقولة «بكل بيت في سلاح».
«عادي ليش أنا ما بدي حط مسدس عندي بالبيت، صار ما صار ما بتعرف». فريد، ابن المصيطبة، الذي يحتفظ بمسدس وبكلاشنيكوف في شقته، اشترى تلك الأسلحة لأن جميع من يسكن في منطقته يقتني قطعة سلاح. اشترى ابن الخامسة والثلاثين أسلحته من دون حصوله على رخصة، عبر تاجر لا يمتلك رخصة بيع أسلحة، «لشو الرخصة مين بيسأل عنها أو بيسترجي يسأل عنها؟».
أما عامر الذي يهوى السلاح من أيام طفولته، يشتري ويبيع الأسلحة منذ سنوات. «كل فترة بحب اشتري سلاح جديد. المفضل عندي هو غلوك وHS2000 وأكيد الكلاشينكوف من بعد ما «نغله» ويصير لونه أسود مع كعبه الخشبي، بصير بياخد العقل، لوحة فنية». وعند سؤاله عن رخصة السلاح، رد عامر بسخرية: «لك روح يا عمي، الأسلحة منحذف منها الرقم والكل بيشتري وببيع عادي. لبنان من أيام الحرب الأهلية لليوم الكل معه سلاح، وين المشكلة شو وقفت عليي؟»