إمتحانٌ جديد للتغيير "لَبَطَهُ" المعارضون في زمن البدل عن ضائع قُبيل عودة عون إلى الرابية

استفاق اللبنانيون أمس الخميس على استشاراتٍ نيابيةٍ مُلزمة من أجل تكليف رئيس جديد لحكومة "البدل عن ضائع" قُبيل الإنتخابات الرئاسية المُرتقبة مع قرب انتهاء عهد الرئيس عون الذي بدأ بالتعطيل وعلى الأرجح ينتهي بالتعطيل المُميت، فأمام مشهد "القتال" للحصول على ربطة خبز، وأمام طوابير الذلّ للتزوّد بالوقود، وأمام أزمة الثقة بين المواطن والمصرف، كان مشهداً جديداً ولو بات قديماً في تكليف رئيس مجلس الوزراء كونها المرّة الأولى التي يتنافس بها شخص من خارج التركيبة السياسية وهو السفير نواف سلام مع جزء لا يتجزّأ من منظومة المافيا والميليشيا ذات القرار "الطهراني" في لبنان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، النزال الدستوري إذاً حمل دلالات عديدة لمن سمّى ميقاتي، من اختار سلام ومن لم يُسمِّ أحداً، لتُشرّع الأبواب على مصراعيها أمام تساؤلاتٍ عديدة، فهل أن موقف اللاموقف هو موقف؟ أم أن اللاموقف هو موقف اللاموقف؟

 

قراءة في الأرقام

كُلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد نجيب عزمي ميقاتي لتشكيل حكومةٍ مُدّتها 4 أشهر بعددِ أصواتٍ هزيل ألا وهو 54، وسمّاه تكتّلا ثنائي أمل وحزب الله بالإضافة إلى نواب الأرمن التي تدور في فلك التكتل "الباسيلي"، التكتل الوطني المُستقلّ الذي جمع بين ميشال الياس المرّ، طوني فرنجية، ملحم طوق وفريد هيكل الخازن، كتلة جمعية المشاريع (الأحباش)، تكتّل الإعتدال الوطني، كتلة الجماعة الإسلامية، وكلّ من النواب نبيل بدر، جان طالوزيان، فراس السلوم، بلال الحشيمي، عبد الكريم كبّارة، جميل عبود، حسن مراد ومحمد يحيى، أمّا في المقلب الآخر تبنّت كتلة الكتائب النيابية تسمية سفير لبنان في الأمم المتحدة سابقاً القاضي نواف سلام كونه البديل الكفؤ والمُستقلّ عن الطبقة السياسية، والتزم بتسميته أيضاً كتلة شمال المواجهة، تكتّل اللقاء الديمقراطي، 10 نواب من التغييريين، والنائب غسان سكاف ليصبح المجموع النهائي لسلام 25 صوتاً، أمّا نجم الإستشارات فكان "اللا تسمية" بـ46 صوتاً أبرزها من تكتل الجمهورية القوية "المعارض"، تكتل لبنان القوي "غير المعارض"، ونوّاب مستقلّون على غرار نعمة افرام، عبد الرحمن البزري، أسامة سعد، فؤاد مخزومي، ميشال ضاهر، جميل السّيد، شربل مسعد ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، مع مقاطعة النائب أشرف ريفي وتسمية النائب جهاد الصمد لسعد الحريري المُبتعد عن السياسية ومفاجأة لا مكان لها في إعراب السياسة الراهنة فجّرها النائب إيهاب مطر عندما سمّى روعة الحلّاب.


اللا تنسيق بات واضحاً ضمن الصفّ المُعارض الذي ادّعى حصده الأكثرية في 16 أيّار حيث من المُفترض أن يضمّ بالرغم من تنوّعه واختلافه 68 نائباً لديهم القُدرة على سحب الشرعية من تحت بساط الممانعة والإلتقاء كحدٍّ أدنى على اسمٍ موحّد لرئاسة الحكومة وبالتالي إسم منطقي لرئاسة الجمهورية، لكن الإمتحان الثالث بعد رئاسة مجلس النواب واللجان كان راسباً وعاد ميقاتي إلى السراي بمُهمّةٍ أقصاها 16 أسبوعاً قد يستغرقها كاملةً عن قصدٍ أو غير قصد التشكيل والمحاصصة لضمان حقائب من المُفترض أن تكون مُمتلئة بملفّاتِ الإنقاذ لا بملذّات المكاسب والحسابات الحزبية الفارغة.

 

من هنا من سمّى ميقاتي كان واضحاً بأنه لن يتنازل عن "التوقيع الثالث" وما اكستبه من 7 أيّار، إلى اتّفاق الدوحة وإيصال عون رئيساً في الوقت بدل عن ضائع قبل استحقاق الرئاسة، ومن لم يُسمِّهِ ساهم بنيّةٍ حسنة أو غير حسنة ببقاء "رجل البريد" ليخبرنا بأبياته الشعرية أن "نتحمّل بعضنا"، أمام فُرصةٍ سانحة لتجربة شخصيةٍ جديدة قد تعود بخيرٍ على البلاد، من هنا أيضاً تزداد الشكوك حول هذه الخطوة من مُنطلق أن الحصص ستوزّع على كلّ الشركاء في العلن والخفاء.


لا ينتهِ هذا الإستحقاق هنا في عام الإستحقاقات، فالكرّة ستعود قريباً، إذاً هل من امتنع عن التسمية حفظ ماء وجهه مع "الزّمرةِ" قبل الرئاسة؟ أم أنه فعلاً لا حلّ إلّا برحيل عون؟