إيفان هاسيك: اسمٌ كبير ومهمةٌ شاقة لمدرب لبنان

هو الاسم الأكبر منذ استقدام الفرنسي ريشار تاردي للإشراف على منتخبنا في عام 2002. إيفان هاسيك هو الاسم المختار لقيادة لبنان في المرحلة النهائية من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2022 ونهائيات كأس آسيا 2023 وبطولة كأس العرب 2021.

 

اسمٌ فاجأ به الاتحاد اللبناني لكرة القدم الجميع، إذ لم يتوقّع أحدٌ أن يذهب اختياره إلى هذا المستوى بحُكم أن مدرباً صاحب اسمٍ كبير سيكلّف مبلغاً كبيراً في ظل أوضاع ماليةٍ عامة صعبة. لكن الواضح أن الاتحاد يعرف حجم مسؤولية التأهل إلى الدور الحاسم للتصفيات المونديالية، ويعرف مدى حجم التحديات التي تنتظر «رجال الأرز» في الأشهر القريبة المقبلة. كما يعلم أن الرأي العام لم يعد يتقبّل فكرة التراجع، بالتالي كان الذهاب نحو اسمٍ يلتقي مع التطلعات الرسمية والجماهيرية.


بطبيعة الحال اختيار هاسيك كان مفاجأة بحق، إذ إن اسمه لم يتمّ تداوله في الإعلام أو في الوسط الكروي، حيث تركّز الحديث على أسماء أخرى آخرها كان مدرب الأنصار السابق والوحدات الحالي الأردني عبدالله أبو زمع، وأوّلها الكرواتي دراغان تالاييتش الفائز مع اتحاد جدة السعودي بلقب دوري أبطال آسيا عام 2005، والذي كان يمكن أن يحصل على المنصب بحُكم أنه كان الأقرب إلى صورة المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش بحسب أحد المقرّبين منه، وذلك لناحية واقعيته في حسابات التعامل مع الإمكانات المتاحة أمامه في كل فريقٍ أشرف عليه.

 

مسيرة مهمة لاعباً ومدرباً
هاسيك الذي سيبلغ الـ 58 من العمر في 6 أيلول المقبل هو لاعب وسط سابق لعب 11 عاماً مع فريق سبارتا براغ في بلاده حيث خاض أكثر من 300 مباراة رسمية (لعب 396 مباراة مسجلاً 132 هدفاً)، وهو مثّل منتخب تشيكوسلوفاكيا (55 مباراة دولية سجل خلالها 5 أهداف) في مونديال 1990 بعدما بدأ مسيرةً دولية معه عام 1984 واستمرت حتى عام 1993، قبل انفصال البلدين حيث لعب أيضاً بقميص المنتخب التشيكي. وهذه المحطة المونديالية كانت الأبرز له بلا شك فهو حمل شارة قيادة منتخبه الذي بلغ الدور ربع النهائي قبل أن يخرج أمام ألمانيا الغربية البطلة (0-1)، علماً أنه سجل الهدف الثالث خلال الفوز الكبير على الولايات المتحدة 5-1 في الدور الأول، ليخرج بعبارةٍ ساخرة بعد المباراة قائلاً: «نحن آسفون بسبب هذه النتيجة». تصريحٌ يعكس شخصية قوية لرجلٍ امتدت مسيرته 21 عاماً بدأها وأنهاها مع سبارتا براغ الفائز معه بلقب الدوري 5 مرات، والكأس 3 مرات، وتخللها محطات أخرى مع ستراسبور الفرنسي، وهيروشيما وإيشيهارا اليابانيين.

 

شخصية ترجمها عندما تبوأ رئاسة الاتحاد التشيكي بين حزيران 2009 وحزيران 2011 قبل أن يستقيل ليعود إلى عالم التدريب. وقتذاك وبعد شهرٍ على ترؤسه الاتحاد أعلن أنه سيتولى الإشراف على المنتخب حتى نهاية تصفيات مونديال 2010، قبل أن يستقيل من المنصب الفني بعد أشهرٍ قليلة.


أفضل لاعب في تشيكوسلوفاكيا عامي 1987 و1988، أشرف على تدريب أندية أوروبية وآسيوية مختلفة، فكانت البداية مع فريقه الأم ليقوده إلى لقبين متتاليين في الدوري منذ أوّل مهمةٍ له معه عام 1999. بعدها سار على نفس الخطى التي عرفها لاعباً فدرّب ستراسبور ثم فيسل كوبي الياباني، قبل أن يمرّ لتدريب منتخب الغابون، والوصل الإماراتي وسانت اتيان الفرنسي، وبعدها الأهلي الإماراتي محققاً معه لقب دوري المحترفين والكأس السوبر. مشوارٌ ناجح نقله إلى الهلال السعودي ليحرز معه كأس ولي العهد، فحطّ بعدها في نادي قطر، قبل أن يعود إلى الإمارات للإشراف على الفجيرة والوصل الذي كان آخر محطة له العام الماضي.

 

ذكي وصاحب شخصية قوية
الأكيد أن اسم لبنان ليس غريباً عن هاسيك، فهو عند عمله في الأهلي الإماراتي كان ضمن تشكيلته المدافع الدولي السابق والمستشار الفني الحالي للمنتخب الوطني يوسف محمد «دودو» الذي لم يكن يعلم بتوجّه الاتحاد لتعيين مدربه السابق على رأس الجهاز الفني، وهو رحّب في اتصالٍ مع «الأخبار» بهذه الخطوة، واصفاً هاسيك بالجدّي إلى أبعد الحدود «فهو صاحب شخصية قوية، لكنه في الوقت نفسه يبدو مقرّباً من اللاعبين ويعاملهم بطريقةٍ جيّدة». أما حول أسلوب لعبه فيقول «دودو»: «استراتيجياً كان يأخذ كل مباراة وفق حسابات خاصة، لكنه عامةً يلعب كرة قدم متطوّرة ويكمن ذكاؤه في عمله ضمن الإمكانات الموجودة بين يديه، وهو ما أقدم عليه مع الأهلي فكانت النتيجة الفوز بلقب الدوري».


دور «دودو» قد يكون مهماً أكثر من أي وقتٍ مضى في المرحلة المقبلة كون هاسيك الذي سيستقدم معه مواطنه ياروسلاف فيسلي كمساعدٍ له، سيحتاج إلى شخصٍ يثق برأيه ونظرته للتعرّف إلى اللاعبين اللبنانيين وجوانب الكرة اللبنانية عامةً.


لكن «دودو» ليس الوحيد هنا الذي يعرفه هاسيك فهو قضى موسماً في الإمارات مدرباً لقائد المنتخب حسن معتوق في الفجيرة، وقد وصف الأخير تعيين التشيكي بالخيار الجيّد «لأنه يملك خبرةً كبيرة في الكرة العربية والآسيوية، والأهم أنه قضى سنوات طويلة يجمع الخبرة في ملاعب العالم». ويضيف معتوق لـ «الأخبار»: «شخصيته القوية هي ما نحتاج إليه، وهو تمكن من الاستفادة من خبرته لنقل الفجيرة من مكانٍ إلى آخر وتحقيق نتائج جيّدة». ويختم: «يحب اللعب الهجومي وغالباً ما لجأ إلى استراتيجية 4-3-3، ولو أنه استخدم أحياناً استراتيجية 4-4-2 بسبب وجود المهاجمَين الجزائري حسان يبدة والسنغالي أبو بكر سانوغو».


إذاً يعود لبنان إلى المدرسة الأوروبية الشرقية التي كان أول الواصلين منها اليوغوسلافي ليوبيتسا بروشيتش عام 1956، وبعده كان الكرواتي يوسيب سكوبلار عام 2000 قبل أن يطلّ رادولوفيتش وبعده الروماني ليفيو تشوبوتاريو. لكن بلا شك سيكون هاسيك أمام المهمة الأصعب، خصوصاً أن الاستحقاقات كثيرة والمتطلبات كبيرة.