"اتفاق جديد" وتمرد سببه "الغباء".. دلالات لقاء بوتين و35 من قادة فاغنر

أعلن الكرملين، الاثنين، عن لقاء جمع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بقادة مجموعة فاغنر العسكرية وعلى رأسهم قائد التمرد يفغيني بريغوجين، في 29 حزيران الماضي.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن اللقاء استمر لمدة 3 ساعات واستعرض فيه بوتين مع القادة البالغ عددهم 35 شخصا، التمرد المسلح والقتال الدائر في أوكرانيا.

وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" فإن الاجتماع أضاف المزيد من الغموض على وضع بريغوجين واستمرار وجوده في روسيا رغم التمرد.

وقال بيسكوف: "عرض القادة روايتهم لما حدث في 24 حزيران، وأكدوا أنهم مؤيدون بشدة لرئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنهم جنوده الذين يواصلون القتال من أجل الوطن".

واعتبر التقرير أن ظهور بريغوجين وقادة فاغنر على طاولة واحدة مع بوتين وعقدهما مناقشات، بعد أيام من التمرد الفاشل، يتعارض مع الصورة الشهيرة للرئيس الروسي التي تظهره بأنه "الحاكم الاستبدادي الذي لا يرحم والخبير في سحق التهديدات التي تواجه حكمه".

وأضاف التقرير أن "الاجتماع يدل على أن حسابات الكرملين تتجنب القضاء بشكل كامل على مجموعة مقاتلة ذات خبرة كبيرة في ظل تورط روسيا في الحرب الحالية مع أوكرانيا".

اتفاق جديد؟

ويرى محللون تحدثوا للصحيفة أن "الرئيس الروسي رأى أن التمرد المسلح الأخير كان مجرد صراع بين فصيلين خرجا من تحت سيطرة بريغوجين الذي كان يسعى فقط للإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية لا حكم بوتين".

وفي أعقاب التمرد الفاشل الشهر الماضي، وصف بوتين ما قامت به مجموعة فاغنر بأنه "خيانة"، متوعدا بمحاسبة أي شخص يحمل السلاح ضد الجيش الروسي.

وأضاف بوتين، في أول خطاب له بعد هذه الأحداث، أن التمرد "طعنة في الظهر"، واتهم قائد مجموعة فاغنر بـ"خيانة" روسيا بدافع "طموحات شخصية"، مؤكدا أن هذا التحرك هو "تهديد قاتل" للدولة الروسية.

 

بدوره، اعتبر خبير الخدمات الاستراتيجية الروسي، أندريه سولداتوف، أن حديث بوتين الغاضب عن الخيانة كان يهدف بشكل أساسي إلى منع جنود الجيش من الانضمام للتمرد، مضيفا أنه بعد ذلك عقد مع بريغوجين "اتفاقا آخرا".

وأضاف: "لا نعرف تفاصيل الاتفاق، لكن من الواضح أن التعاون المشترك  لا يزال ممكنا بين الطرفين".

فرصة للنجاة

أما تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة مركز " R.Politik" للاستشارات السياسية، فترى أن الكرملين ربما قرر الإفصاح عن تفاصيل لقاء بوتين وقادة فاغنر لتهدئة النخبة الروسية التي تظل مرتبكة فيما يتعلق ببريغوجين وعما إذا كان من الممكن اعتباره خائنا أم لا.

وأوضحت أن ما حدث إشارة إلى أن قائد فاغنر "ارتكب أخطاء بالفعل، وهذه جريمة كبيرة، لكن في ظل الأوضاع الفريدة، سيمنحه بوتين الفرصة للنجاة".

وأضافت أن الوضع بالنسبة لبوتين يمكن وصفه بأنه "بريغوجين خائن بالفعل، لكنه خائن موال له (..) هو شخص ارتكب خطأ بسبب الغباء وليس بسبب الشر".

نُزع فتيل التمرد القصير الذي قاده بريغوجين وسيطر خلاله مقاتلو فاغنر على مدينة روستوف جنوب روسيا وإحدى مقرات الجيش عبر اتفاق توسط به رئيس بيلاروس، ألكسندر لوكاشينكو.

وشبّه بوتين الأحداث بالاضطرابات التي اجتاحت روسيا في الفترة التي سبقت ثورة عام 1917، وشكر الجيش والأجهزة الأمنية على تفادي الفوضى والحرب الأهلية.

وقال بريغوجين آنذاك، إن التمرد لم يكن يهدف إلى الإطاحة بالحكومة، بل إلى "محاكمة" قادة الجيش وكبار مسؤولي الدفاع على ما قال إنها أخطاء فادحة وتصرفات غير مهنية في أوكرانيا.

وكان من المفترض وفق الاتفاق المعلن أن ينتقل بريغوجين ومقاتليه إلى بيلاروس، لكن لوكاشينكو قال الأسبوع الماضي إن قائد فاغنر عاد إلى روسيا وإن مقاتلي المجموعة لم يقبلوا بعد عرض الانتقال إلى مينسك.