المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: ميريام بلعة
الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025 14:43:42
منذ عام بالتمام والكمال أي في تشرين الأول 2024، عمدت "مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب" إلى وضع لبنان على "اللائحة الرماديّة" بسبب ثغرات شابت هذا الملف، وجاء هذا القرار بعدما أعدّت تقريراً بـ360 صفحة حول تقييمها لأداء لبنان في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. تبعها الاتحاد الأوروبي في حزيران من العام 2025 حيث وضع لبنان على "لائحة البلدان المرتفعة المخاطر" بسبب هشاشة نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وعلى رغم الجهود الحثيثة والخطوات الإجرائية التي يتخذها مصرف لبنان لتصويب المسار وتصحيح الشوائب، أثيرت في الأيام الأخيرة معلومات حول تمرير أموال لـ"حزب الله" عبر مجموعة أفراد يحوّلون أموالهم من الخارج إلى حساباتهم الخاصة من خلال شركات مختصة بالتحاويل المالية، وتعود هذه الأموال لصالح الحزب، في خطوة تمويهيّة نتجت عن إقفال كل السبل والأبواب التمويلية الأخرى التي كانت تدرّه بالمال.
كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يشير عبر"المركزية"، إلى "اقتصاد الظل الذي لا يزال حاضراً في لبنان والذي أدّى في نهاية الأمر إلى وضع لبنان على اللائحة الرمادية، وتحديداً الاقتصاد المالي غير الشرعي الذي لا يخضع لرقابة مصرف لبنان ولا إلى لجنة الرقابة على المصارف. في حين قدّرت شركة التدقيق والاستشارات العالمية "أرنست أند يونغ" حجم اقتصاد الظل في لبنان بـ20% من الناتج المحلي أي ما يقارب 6 مليارات دولار وهو يتضمّن كل ما يشمله "اقتصاد الظل" من التهرّب الضريبي إلى إنتاج وتصدير الممنوعات... وما بين البينَين".
ويتابع: عندما نرى الوضع القائم في البلاد حيث الحجم اللافت لـ"اقتصاد الظل"، معطوفاً على وضع لبنان على "اللائحة الرمادية" و"لائحة البلدان المرتفعة المخاطر"، بالطبع سيصبح لبنان عرضةً لهكذا اتهامات المنوَّه عنها آنفاً. وهنا على السلطات اللبنانية المضيّ قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع إسم لبنان عن هاتين اللائحتَين والاستمرار في هذه الإجراءات وإعطاء هذه المسألة أولوية قصوى، لأنه طالما لبنان على هاتين اللائحتين، سيكون من الصعب استقطاب مساعدات مالية أو استثمارات عربية وأجنبية، أو إعادة تفعيل العمل المصرفي.
"الموضوع لا ينحصر فقط بمصرف لبنان فحسب بل يشمل السلطات كافة: التشريعية والتنفيذية والنقدية، كما الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني" يقول غبريل، "الجميع معني بهذا الموضوع... يشكّل أولوية قصوى لدى السلطات اللبنانية، ويجب أن يبقى كذلك، كون الموضوع يضرّ بصورة لبنان وسمعته الخارجية ويُبقيه على اللائحتين المذكورتين، إضافةً إلى إضاعة مزيد من الفرص للاقتصاد اللبناني".
ويختم: السؤال الأساس هنا: أي اقتصاد نريد؟ أي هوية نريدها له؟ هل نريد اقتصاداً شرعياً شفافاً منخرطاً في النظام المالي والمصرفي والتجاري العالمي؟ أم نريد اقتصاداً يبقى على هامش هذا النظام ويحافظ على اقتصاد ظل بهذا الحجم ويبقى أرضاً خصبة لعمليات التبييض؟