الأبيض: تغييرات إيجابية قريباً لتوفير الأدوية وخفض أسعارها

تشهد سوق الأدوية في لبنان تغيّرات إيجابية على مستوى الأسعار والأصناف المتوفرة، قد يلمسها المرضى في الأيام القليلة المقبلة، بالنسبة إلى أسعار الأدوية العادية والمزمنة من جهة، وبالنسبة إلى توفر أدوية الأمراض السرطانية وبأسعار تقل عما كانت عليه، بعد عدة أسابيع، من جهة أخرى.

وحسب عدد من الصيدليات، فإن شريحة واسعة من الأدوية يجري تعديل أسعارها من قبل الموزعين، منها ما يتعلّق بأمراض القلب والضغط والصرع والمسكنات وغير ذلك، كأدوية Depakine وDefal وCordarone وCoversyl وbipreterax وسواها عشرات الأصناف. أما التغييرات، حسب الصيادلة، فإنها تتجه إلى خفض الأسعار بنحو 20 في المئة مما هي عليه اليوم.

وبالنظر إلى استقرار سعر صرف الدولار منذ أشهر، فما صحة الحديث عن خفض أسعار الأدوية غير المدعومة؟ وهل من تغييرات ستطال أسعار الأدوية السرطانية المدعومة؟ وهل ستتوفر بالأسواق في وقت قريب؟

أسعار الأدوية إلى انخفاض
يوضح وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، في حديث إلى "المدن"، أن الوزارة تقوم ببعض الإجراءات التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على سوق الأدوية، لجهة أسعارها وتوفرها. ومن تلك الإجراءات "نقوم بعملية إعادة تسعير الأدوية Repricing حسب القوانين المرعية. وهذه العملية تطال الأدوية التي تم دخولها إلى لبنان منذ مدة محددة. فحسب القانون، يحق للوزارة إعادة تسعيرها وخفض أسعارها تلقائياً بعد وجودها في السوق بفترات معينة. وعندما يُخفّض سعر الدواء الأصيل brand ينخفض معه سعر الدواء البديل الـ"Generic"، يقول الأبيض.
وحسب الأبيض أيضاً، فإن هذا الإجراء ورغم إدراجه بالقانون، إلا أن تنفيذه لطالما كان يتأجل لأسباب مختلفة، بينها سوء الأوضاع وشح الأدوية وغير ذلك. ما حصل اليوم، هو أن الوزارة تصر على تطبيقه، خصوصاً أنه لم يعد هناك من أدوية حصرية بالسوق. إذ تتوفر البدائل للغالبية الساحقة من الأدوية. وبالتالي، لم يعد بإمكان التجار والشركات أن تهدّد بعدم ضخ دواء معيّن بالسوق.

وحسب أحد الصيادلة، فإن التجار والموزعين يجففون السوق من العديد من الأدوية، بهدف ممارسة الضغط على الوزارة للتراجع عن إعادة التسعير، ولعدم خفض الأسعار، حتى أن بعض الشركات التي تعترض على خفض الأسعار، تلوّح بعدم ضخ بعض الأصناف من الأدوية بالسوق، تحت ذريعة أن الارباح باتت ضئيلة جداً.

إجراءات جديدة لخفض الأسعار
وإضافة إلى إعادة تسعير الأدوية، تقوم وزارة الصحة حديثاً بما يسمى HTA(Health technology assessment) وهو أمر مستجد، عبارة عن عملية تفاوض مع الشركات العالمية التي تقوم بتسجيل دواء جديد في البلد: "إذ لدينا فرصة ذهبية بأن نفاوض على السعر على غرار باقي الدول. فيقوم البلد المستهدف من قبل الشركات بتحديد مدى أهمية دخول الدواء وخصائصه وغيرها من المعايير، التي تسمح لنا بالتفاوض على سعره وخفضه"، يقول الأبيض ويضيف: "فبعض الدول تضع شروطاً على شركات الأدوية بأن يكون دفع ثمن الدواء مربوطاً باستفادة المريض منه، ومدى فعاليته. أما في لبنان، فلطالما كانت الأدوية تدخل مباشرة من دون استغلال هذه الخاصية". مؤكداً قيام الوزارة اليوم بهذه العملية HTA بالتعاون مع صندوق الضمان الاجتماعي والجيش، بهدف خفض الأسعار.

ولفت وزير الصحة إلى تمكن الوزارة من تأمين أصناف عديد من الأدوية، للحدّ من عمليات الاحتكار. ويوضح: "كنا قد اعتمدنا سابقاً مسألة التسجيل المبدئي للدواء، تجاوزاً لإحدى أكبر العوائق أمام استيراد الأدوية، ألا وهي عملية التسجيل. فإدخال الدواء إلى لبنان يستلزم عملية تسجيل تصل مدتها أحياناً إلى نحو سنتين ونصف السنة أو 3 سنوات. ما قامت به الوزارة هو قبول تسجيل أي دواء يتمتع بمواصفات معينة كشهادة من WTO أو وكالة الأدوية الأوروبية EMA وغيرها من الوكالات الموثوقة عالمياً، على أن يبدأ بإدخال الدواء إلى البلد بموجب تسجيل مبدئي، ريثما يتم تسجيله رسمياً". هذا الأمر خلق منافسة سريعة بالسوق، حيث لم يعد ممكناً لأي من الشركات ممارسة الضغوط على الوزارة، لجهة عدم إدخال دواء معين أو احتكاره. إذ باتت الأدوية المتنافسة متوفرة، ولم يعد بإمكان أي كان أن يقطع الدواء من السوق.
ويؤكد الأبيض أن كل هذه الأمور تكسر عمليات الاحتكار، التي خلقت بموجب ممارسات الشركات وليس القانون.

استغلال المرضى
وبموازاة إجراءات وزارة الصحة، الهادفة إلى تأمين الأدوية وخفض أسعارها، كشفت معلومات أن بعض الصيادلة والتجار يقومون باستغلال شحّ بعض الأصناف، فيقومون بتخزينها ومن ثم ضخها بالأسواق على أساس أنها من مصادر أخرى. هذا الأمر يفسر سبب اعتراض الكثيرين من الصيادلة على مسألة تتبع الدواء من قبل الوزارة. علماً أن الأخيرة يحق لها تتبع مسار ووجهة كل علبة دواء في البلد.

من جهته، ينفي نقيب الشركات المستوردة للأدوية جوزيف غريب، في حديث لـ"المدن"، انقطاع بعض الأدوية من السوق، ويقول إن غالبية الأدوية التي تسلم إلى الصيدليات متوفرة، باستثناء الشركات التي لم تجد حلاً حتى اليوم بموضوع المتأخرات المالية العالقة لدى مصرف لبنان، والبالغة نحو 185 مليون دولار.
ويعتبر غريب أن مسألة إعادة تسعير الدواء من شأنها أن تخفض الأسعار. لافتاً إلى أنها تتم من خلال العودة إلى الأسعار في البلدان المرجعية ومقارنتها ببلدان الجوار، ليتم اعتماد السعر الأدنى. ويجزم غريب بأن سوق الأدوية حالياً بالمقارنة مع السنوات السابقة يعد الأفضل لجهة توفر الأدوية والأسعار.

الأدوية السرطانية
أما لجهة الأدوية السرطانية، فيذكّر الأبيض بأنه بموجب المناقصة التي تم طرحها مؤخراً، سيتم توفير الأدوية في السوق بعد نحو شهر، وبأسعار أفضل وكميات أكبر. ويقول "إن المناقصة المشتركة التي أطلقناها بمشاركة الضمان وتعاونية موظفي الدولة والأجهزة الطبية لدى القوى الأمنية، ستكسر الأسعار. كما أنها ستخفض قيمة الفاتورة الدوائية بشكل ملحوظ"، وأي شركة لم تشارك بالمناقصة تُعد قد خرجت من السوق نهائياً. فهذا النوع من المناقصات -حسب الأبيض- تحصل للمرة الأولى بمشاركة الضمان وكافة الجهات الضامنة. ما يعني أن الشركات التي لا يتم شراء الأدوية منها لن تجد مَن تبيع لهم أدويتها.