الاتفاق اللبناني - القبرصي يستعجل الترسيم البحري مع سوريا

قبيل استقباله البابا لاوون الرابع عشر بأيام، شهد قصر بعبدا توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص في حضور رئيسَيّ البلدين.

حدث اقتصادي - سيادي بامتياز! إنما وُضع على ميزان التقييم الرسمي والشعبي... ولكن ماذا في قراءة خبراء النفط لهذا الاتفاق ومستقبله؟!

"يحقق المصلحة العليا للبنان ويحفظ حقوقه" هكذا علّق خبير الطاقة الدولي رودي بارودي على هذا الحدث "الاقتصادي" في مضمونه و"الرسمي" في إطاره... إذ بحسب المعايير المعتمدة في قانون البحار الموقَّع عليه بين لبنان وقبرص، "تم اعتماد خط وسطي واضح المعالم بين البلدين (الخط الأحمر المبيَّن في الخريطة أدناه التي أعدّها بارودي)، وهذا الأمر يُعّدّ خطوة مهمة للغاية تشكّل أساساً واضحاً لترسيم مستقر وعادل بين لبنان وقبرص" على حدّ تأكيده.

كما تُظهر الخريطة اعتماداً على الأقمار الصناعية، أن "خط الحدود البحرية مرسوم بوضوح بين البلدين". فهو يعطي أفضلية واضحة للبنان الذي كسب، وفق بارودي، حوالي 10200 متر من الجهة الغربية، مقابل حوالي 2760 متراً لصالح قبرص.

ويؤكد بارودي في السياق، أن "هذا الاتفاق سيُزيل التداخل بين البلوكات البحرية اللبنانية وتلك العائدة إلى قبرص"، مشيراً إلى أن "الفائدة الأهم لكلا البلدين تكمن في  تسهيل تحديد نقاط التلاقي الثلاثية بين لبنان وإسرائيل ما يساعد تلقائياً على إعادة تثبيت إحداثيات كل من قبرص وسوريا ولبنان وفقاً لاتفاقية قانون البحار".

ويتمنى أن يكون هذا لاتفاق "فاتحة خير لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا نظراً إلى أهميّته الاقتصادية من جهة، وتعزيز العلاقة بين البلدين من جهة أخرى".

أبي حيدر: لتجنّب العرقلة

أما الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر فتتلاقى مع إيجابيّة بارودي، لكن مع بعض التحفظات! فهي تثمّن هذه الخطوة لكون "كل ترسيم بحري يكون إيجابياً للبنان"، وتقول لـ"المركزية": لقد تأخّر لبنان كثيراً عن قطار النفط العالمي، لذلك كل ترسيم بحري ينجزه لبنان يحفّز شركات النفط العالمية على التزام البلوكات الحدودية خصوصاً أنها بلوكات واعدة. فاستناداً إلى الترسيم البحري مع قبرص لم تعد البلوكات متداخلة ببعضها، ما يساعد على تسهيل مهمة الاستكشاف والتنقيب في كلا البلدين.

ولكن.. هل اتفاق الترسيم البحري مع قبرص مثالياً؟ فتُجيب أبي حيدر: في نهاية المطاف، كل اتفاق دونه تسوية محدّدة. من هنا، يمكن تصنيف هذا الاتفاق بـ"الجيّد". ففي العام 2007 تمّ ترسيم حدودنا البحرية مع قبرص، وكانت آنذاك مُغبِنة في حق لبنان، إنما لحسن الحظ لم تكن نهائية لأنها لم تمرّ في مجلس النواب. الأمر الذي سنح للبنان أن يُجري ترسيماً جديداً معدَّلاً.

ولكن.. "العِبرة في التنفيذ" تجزم أبي حيدر، "من الناحية القانونية، سيمرّ الاتفاق في مجلس النواب كي يصبح نافذاً، وإلا يبقى ناقصاً".

وعما إذا كان هناك احتمال بعرقلة الاتفاق في أروقة البرلمان، تقول: لا يُفترض ذلك. فلبنان هو الطرف الوحيد في المنطقة، المتأخّر عن السباق النفطي العالمي وبالتالي إنه الطرف الأضعف. فقبرص وإسرائيل وحتى سوريا تحلّق عالياً في قطاع النفط، وكذلك مصر واليونان... أين لبنان من ذاك؟! هذا الواقع يحتّم الإسراع في هذا الملف من الداخل اللبناني وتسهيل مساره لا عرقلته.

وإذ تأمل في ألا يؤثّر التدخّل التركي في تأخير مسار الترسيم البحري، تستعجل أبي حيدر الترسيم مع سوريا، لتعلن أن "الباب مفتوح أمام انطلاق الترسيم لبحري بين لبنان وسوريا والذي يجب إنجازه في القريب العاجل. من هنا، على الدولة اللبناني توظيف علاقاتها العربية لاستقدام الجانب السوري إلى طاولة المفاوضات وإقفال هذا الملف، ونكون بذلك رسّمنا كل حدود لبنان البحرية".