المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: عامر زين الدين
السبت 8 تشرين الثاني 2025 00:28:00
يسارع مزارعو جبل لبنان الخطى لإنجاز مواسمهم الخريفية، وسط الاضطراب المناخي - الزراعي - البيئي الحاصل، والذي بات يهدد الطبيعة على مختلف مستوياتها، نتيجة شح المياه وغياب الأمطار التي ترتوي منها الأشجار وتعثر مسارها الطبيعي.
لم يعتد أبناء الجبل على غياب الأمطار بالشكل الحاصل، ليأتي وكأنه استكمال لموسم الشتاء، الذي حل نادرا من حيث ضعف مخزونه المائي، إذ تسجل قاعدة الشتاء الذهبية هطولا في حدود 14 سبتمبر من كل عام و5 أكتوبر منه، فتكون زخات المطر قد روت الأرض العطشى بكامل عناصرها من الأشجار والنبات. بينما شهدت السنة الحالية تراجع معدل الأمطار في لبنان إلى نحو 40%.
الآبار الارتوازية باتت شبه جافة، وبعضها لم ينضب منذ إنشائه قبل مئة عام، كما أفاد «الأنباء» أحد أصحاب البساتين الكبيرة في بلدة بتلون بالشوف سهيل أبوصالح ومنها التفاح، مؤكدا «تراجع نسبة إنتاج الموسم السنوي، مقارنة بالسنوات السابقة من ألفي صندوق إلى نحو 200 صندوق، وحتى بيع التفاح جرى بربع القيمة تقريبا بسبب ضعف الثمار، نتيجة غياب الري للأشجار كالمعتاد وجفاف البئر الذي كان يغطي تلك الحاجة من دون انقطاع».
مزارعو الرمان عاجلوا بدورهم إلى إنجاز الموسم باكرا وعدم انتظار الأمطار أكثر من الوقت الذي مر، بعدما تفتحت الثمار بسبب العطش الحاد للأشجار وعدم قدرة المزارعين على شراء المياه، إذ يصل سعر الخزان الواحد سعة 20 برميلا إلى نحو 40 دولارا.
يقول أحد المزارعين لمواسم الرمان الذي يملك بستانا بين منطقتي بسابا الشوف وبسري أحمد مشموشي إن بستانه الذي كان ينتج نحو طنين من الرمان سنويا «تراجع هذه السنة إلى نحو 450 كيلوغراما فقط. وقد أدى العطش إلى تفتح ثمار الرمان باكرا، ما تسبب بتلف قسم كبير منها، جراء تعرضها في هذه الحال من الطيور والحشرات، وقمنا ببيع الإنتاج على أساس نحو نصف دولار للكيلو غرام الواحد».
مسؤولة أحد المطابخ في بعقلين قالت لـ «الأنباء» إن فريق عمل المطبخ، الذي يقوم بتجهيز حبوب الرمان للعصر ثم عصرها وطبخها، لم يستطع تلبية كامل طلبات أصحاب المواسم، بحيث يترافق ذلك مع إنهاء موسم البندورة، التي لم تستطع شتلتها الصمود أيضا أمام الواقع المناخي، وبالتالي باتت الاستفادة من جمعه باكرا أفضل من بقائه أكثر، ويحاول الجميع إنهاء العمل بمواسمهم قبل التعرض لتلفها بالكامل.
وقدرت السيدة الخسائر للمواسم «بما لا يقل عن 60%، بينما ضاعفت مطابخ العصر أعمالها، وذلك بعد تحول معظم الإنتاج إلى الطبخ والعصير بدلا من الاحتفاظ بجزء منه لفصل الشتاء».
أما حال بقية المواسم فتقع بنفس الإطار، لكن الأهم بالنسبة إلى المزارع سامي ايليا، الذي يملك بستانا بين الفوارة ووادي الست في منطقة العرقوب في الشوف، هو «كيفية وضع الخطط الزراعية والبيئية والحياتية لموضوع المياه بالنسبة إلى المقبلة، في حال استمر الاضطراب المناخي على هذا النحو».
وأضاف: «نحن نروي حقولنا من مياه نبع الصفاء القريب وضمن المسار الجغرافي للبساتين عندنا، لكن مع الشح الكبير الذي بلغته مياه النبع والمجرى الذي يصل أيضا إلى بقية قرى الشريط حتى بيت الدين، بات الأفضل لنا التوقف عن الزراعة حاليا، وتاليا عدم المجازفة مجددا بمواسم، لاسيما من الشتول الصيفية كالبندورة والخيار والكوسا والباذنجان والبقدونس وسوى ذلك».
وأشار إلى أن «العديد من المزارعين في مناطق مثل البقاع وغيره توقفوا عن زرع الحبوب، خوفاو من عدم حصول المطر خلال فترة الربيع المقبل كما حال السنة الحالية».