البابا في بيروت الأحد.. "الفرصة الأخيرة" لدرء الهجوم الإسرائيلي المحتمل

أكد خبراء لبنانيون أن زيارة البابا لاوون الرابع عشر، إلى بيروت، الأحد المقبل، تشكّل فرصة أخيرة للبنان لتأجيل أي عدوان إسرائيلي محتمل، في ظل التهديد المتصاعد بسبب عدم نزع سلاح حزب الله وغياب تسوية سياسية واضحة.

وأشار الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن الزيارة البابوية تعطي رسالة رمزية مهمة للسلام والحوار، وتبعث رجاء لدى اللبنانيين بأن بلادهم لا تزال أرضاً للتلاقي والمصالحة، لكنها تبقى ضعيفة أمام الواقع العسكري والسياسي دون اتفاق على خريطة طريق لملف السلاح.

سلسلة لقاءات رسمية

وتتضمن زيارة البابا سلسلة لقاءات رسمية ودينية، تبدأ برئاسة الجمهورية ومجلس النواب، مروراً بالسراي الكبير، واجتماعات مع الحكومة وممثلي المجتمع المدني والدبلوماسيين، وصولاً إلى دير القديس مارون ومرفأ بيروت، قبل مغادرته الثلاثاء إلى روما.

وأكد البطريرك الماروني الكاردينال  مار بشارة بطرس أن الحل لملف سلاح حزب الله يجب أن يكون دبلوماسياً، رافضاً الربط بين انسحاب إسرائيل من الجنوب وتسليم السلاح، ومشدداً على ضرورة امتثال الحزب.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن اللبناني، عماد الشدياق، أن زيارة البابا إلى بيروت يعول عليها لتأجيل أي حرب إسرائيلية على لبنان، وليس لمنعها بشكل كامل.

وأضاف الشدياق في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذا التأجيل قد لا يتحقق، وإذا قررت إسرائيل استهداف  حزب الله مجدداً، فقد تؤجل زيارة البابا إلى اللحظة الأخيرة.

ضغوط أميركية على إسرائيل

ولفت إلى أن هناك ضغطاً أميركياً ودولياً على إسرائيل لاحترام الزيارة البابوية، وسينتظر انتهاء جدولها قبل أي تحرك عسكري، مع احتمال أن يمتد التأجيل حتى نهاية العام، بما يتوافق مع المهلة التي طرحتها الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات فعالة في ملف حصر السلاح قبل نهاية الشهر القادم.

بدورها، تقول الباحثة اللبنانية المتخصصة في التواصل السياسي، نسرين علي ميتا، إن زيارة البابا إلى لبنان تأتي في لحظة حرجة، بعد مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار الذي لم يحقق استقراراً فعلياً بسبب استمرار الخروقات والاستهدافات من جانب إسرائيل، وعقدة حصر سلاح حزب الله الذي يرفض خطة الحكومة ويهدد بحرب أهلية في حال محاولة نزع السلاح بالقوة، وهي عوامل تجعل الخوف من تجدد الحرب حاضراً على الدوام.

إنهاء العنف

وأوضحت ميتا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه لا شك من أن زيارة البابا تستهدف السلام والحوار وإنهاء العنف الذي يهدد لبنان وكل هذه الأمور تعطي رسالة رمزية مهمة وتبعث رجاء عند الكثيرين بأن لبنان مازال أرض تلاقٍ ومصالحة، لكن مع غياب تسوية سياسية حقيقة أو اتفاق على خريطة الطريق لملف السلاح، تبقى هذه الرمزية هشة أمام الواقع الناري. 

وشدّدت ميتا على أن مسؤولية القوى السياسية كبيرة، مشيرة إلى أن الزيارة البابوية تضع عبئاً أخلاقياً ورمزياً عليها لتحويل الزخم إلى خطوات ملموسة، تشمل اتفاقات دولية وإقليمية، وحواراً داخلياً، وضمانات أمنية، وخطة وطنية لإعادة بناء مؤسسات الدولة، مع انتظار مبادرات دولية وإقليمية خلال هذه الفترة تهدف إلى وقف خطر مواجهة عسكرية.

 وأردفت ميتا أن من دون هذه الخطوات، ستبقى زيارة البابا مناسبة روحية ومعنوية لا أكثر، مؤكدة أن احتمال تجنب مواجهة شاملة قائم إذا اختارت جميع الأطراف ضبط النفس وتجنّب الاستفزازات، أما في حال أي تصعيد أو خطأ حسابي، فلن يشفع الزخم الرمزي حين تتحول النار إلى معارك على الأرض.

مبادرات عربية للتسوية

وأشارت إلى أن هناك أملاً أن تفضي المبادرات العربية والدولية التي تُجرى، حالياً، إلى تسوية تمنع الحرب، وسيكون هناك من المؤكد تحول في تهدئة الوضع في لبنان في حال إجراء شكل من التفاوض الحقيقي بين الولايات المتحدة وإيران.

بدوره، يؤكد الخبير الإستراتيجي اللبناني ميشال أبو نمر أن زيارة بابا الفاتيكان تمثل آخر فرصة أمام لبنان، في وقت تواجه فيه السلطة، سواء رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب، أكبر تهديد بتدمير مناطق واسعة عبر عدوان إسرائيلي متحفّز بسبب سلاح حزب الله.

وشدد أبو نمر في تصريحات لـ"إرم نيوز" على ضرورة تحرك حزب الله في الفترة القليلة المقبلة، خاصة خلال الأسبوعين المقبلين، لتقديم أي خطوات ملموسة نحو نزع السلاح، خاصة في جنوب الليطاني، بما يتيح للحكومة عرض أي نية لحصر السلاح. 

إعاقة خطة الحرب الإسرائيلية

وأضاف أن هذا التحرك قد يجعل واشنطن تعيق خطة الحرب الإسرائيلية، التي أصبحت جاهزة، وقد تؤجل مؤقتًا حتى انتهاء زيارة البابا وما بعدها بفترة قصيرة.

واستكمل أبو نمر أن حزب الله حتى الآن لا يدرك أن حاضنته هي الخاسر الأكبر، في وقت لا يأخذ فيه الدولة اللبنانية في الحسبان، بسبب ارتباطه بالقرار القادم من طهران التي ترى أن السلاح في لبنان ما زال ورقة تستخدم في لعبها مع واشنطن.