التزلج رياضة المقتدرين في لبنان.. و"الذهب الأبيض" في متناول الجميع

الثلج في لبنان موسمي، بحسب العواصف القطبية التي تترك ثلوجا تتراكم على الجبال من ارتفاعات متوسطة وقصوى.

بعد طول انتظار، فتحت محطات التزلج أبوابها تباعا، وباكورتها المحطتان الكبريان في الأرز شمال لبنان، وفاريا ـ كفرذبيان في كسروان: الأولى بسبب ارتفاعها الشاهق عن سطح البحر، حيث تعمر الثلوج أطول فترة ممكنة وصولا الى نهاية أبريل كحد أدنى، والثانية بارتفاعها الكبير، الى تجهيزها بمعدات لا تقل شأنا عن المحطات والمنتجعات الأوروبية، فضلا عن تمتعها بمدرجات ومنحدرات عدة تستوعب العدد الأكبر من الرواد من محبي التزلج والرياضات الشتوية على انواعها، الى السياح الراغبين في التمتع بالثلج.

اما محطتا الزعرور في المتن الشمالي واللقلوق في جبيل فتفتتحان الموسم عادة بعد الأرز وفاريا، وهما محببتان للرواد الراغبين في الابتعاد عن الصخب، والذين يتطلعون الى سهولة الوصول الى مدارج التزلج، بعيدا من الازدحام في فاريا ـ كفرذبيان وبعد مسافة محطة الأرز عن بيروت.

فمع بداية كل موسم، يهتم الرواد بمعرفة الأسعار، وهي، على رغم ارتفاعها، تعتبر «منطقية» قياسا بالمصاريف التشغيلية للمحطات سواء في داخلها او في تأمين الطرقات، التي تتولى جرافات تابعة للمحطات فتحها، وما يتطلبه ذلك من استهلاك لمادة المازوت الغالية الثمن.

ويضاف الى الأكلاف المدة الفعلية للموسم، والتي لا تتعدى الثلاثة أشهر في أحسن الأحوال وفقا لتراكم الثلوج وعدم ذوبانها سريعا.

«اليوم الثلجي لا تقل كلفته عن 100 دولار أميركي للشخص الواحد، ينفقها بين ايجار المعدات الخاصة بالتزلج ودفع ثمن تذكرة الدخول وقبلها خدمة ركن السيارة، الى تناول وجبة الغداء»، بحسب مجموعة من تلامذة مدرسة الليسيه اللبنانية الفرنسية الذين يستفيدون من عطلات خاصة بالتزلج تدرجها المدرسة في روزنامتها السنوية.

تخطط مجموعة من تلامذة الصفوف النهائية لتمضية عطلة تمتد يومين في فبراير المقبل اثناء فترة التوقف الدراسية، «في منتجع اللقلوق كونه الأقل كلفة، سواء في إيجار شاليهات فندقية او اللعب على المدرج»، بحسب احداهن.

في كفرذبيان، تبدأ الاسعار من خدمة ايقاف السيارات بواقع خمسة دولارات، ثم تذكرة الدخول التي تصل الى 40 دولارا في بحر الاسبوع ولا تشمل مدرج «وردة» الذي أعيد افتتاحه هذا الموسم. وترتفع الى 60 دولارا في عطلة نهاية الاسبوع وأيام الأعياد التي تشهد إقبالا كثيفا.

التعرفة في الارز أقل، بسبب بعد المسافة عن الساحل، وأقل بنسبة ضئيلة في الزعرور واقل منهما في اللقلوق حيث المساحات المخصصة للتزلج أضيق.

وكما متاجر الأدوات الرياضية التي اتخذت مساحات لها في المحطات لتأجير وبيع أدوات خاصة بالتزلج، كذلك المطاعم المشهورة تمركزت في المنتجعات وتدرجت أسعارها صعودا مختلفة عن تلك المعتمدة على الساحل، بدءا من منقوشة الزعتر التراثية.

على المدارج أيضا «خدمة تعليم التزلج» من قبل مجموعات متخصصة من الشباب، من الطلاب الجامعيين ومحترفي الرياضات الشتوية. وتترواح الحصة بين 25 و35 دولارا للساعة الواحدة.

الى محطات التزلج، يبرز الإقبال على المنتجعات الشتوية من فنادق وبيوت ضيافة، وتبدأ الاسعار من 100 صعودا الى 500 دولار اميركيا وفقا للرفاهية التي يحصل عليها الزبائن. وتشهد الشاليهات إقبالا من مجموعات تتولى اقتسام السعر، فيصبح مقبولا للفرد الواحد او حتى للعائلة.

«الموسم مزدحم على رغم قساوة الظروف التي تمر بها البلاد»، يقول صاحب منتجع في اللقلوق يقع فوق محطة التزلج، وهو يتولى فتح الطريق بجرافات مملوكة منه، ويؤمن مادة المازوت كذلك لجرافات وزارة الأشغال لتعمل بدورها. «الحجوزات كثيرة وغب الطلب. نعمل بالطاقة التشغيلية القصوى رغم ظروف الحرب التي بعيشها البلد. فاللبناني اعتاد ظروفا مشابهة منذ أكثر من نصف قرن، وبات متمرسا في الاستفادة من العطل والسياحة الشتوية ايا تكن الأحوال».

والجدير ذكره انه في مقابل الدولارات الكثيرة التي تنفق للاستمتاع بـ«الذهب الأبيض»، لاتزال الغالبية الكبرى من اللبنانيين «على قد بساطك مد اجريك» اي لا يتخطى مصروف مشوار الثلج لديهم كلفة المحروقات التي تستهلكها السيارة للوصول الى نقطة ثلجية سواء في عنايا واهمج واللقلوق في جبيل، او بشري شمالا وأعالي المتن وكسروان. يذهب الأهل مصطحبين أولادهم ويلعبون قليلا على الثلج ويلتقطون الصور وينشرونها على وسائل التواصل، وسقف الإنفاق ثمن معجنات او وجبة غداء في مطاعم لا تبدل من تعرفتها السنوية.