المصدر: النهار
الجمعة 5 تموز 2024 06:40:32
مع أن الطابع الانتقامي لاغتيال إسرائيل أحد كبار القادة الميدانيين في "حزب الله" محمد نعمة ناصر طغى على الهجمات الصاروخية الكثيفة التي شنها الحزب لليوم الثاني أمس على عشرات المواقع العسكرية الإسرائيلية، فإن اليوم المتفجر هذا اكتسب أيضاً دلالات مثيرة لمزيد من القلق من احتمالات تفلت المواجهات من آخر حدود الضبط والتزام آخر الخطوط الحمر من جانب إسرائيل والحزب معاً. ولولا عامل محدد تزامن مع اليوم الميداني الناري المتفجر تمثل في المعلومات الإيجابية عن تحريك مفاوضات جديدة في شأن تسوية لتبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس" قد تحمل انفراجاً "مأمولا"، لكان الوضع المتفجر على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية قفز بصورة خطيرة الى واجهة المشهد الإقليمي برمته خصوصاً مع مسارعة "اذرع" إيرانية في المنطقة كبعض الفصائل العراقية الى دق نفير التطوع للحرب في لبنان ضد إسرائيل!
وفي انتظار نتائج المفاوضات الجديدة البادئة على جبهة حرب غزة، وما يمكن أن تفضي إليه، رصدت الأوساط اللبنانية بدقة المعطيات المتوافرة عن اللقاءات الأميركية- الفرنسية في باريس حول الوضع اللبناني. وأعلن مسؤول في البيت الأبيض أن مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن آموس هوكشتاين، التقى مسؤولين فرنسيين الأربعاء الماضي في باريس وناقش الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط. وأضاف، "أن فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في هدف حل الصراع الحالي عبر الخط الأزرق بالوسائل الديبلوماسية ما يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم مع ضمانات طويلة الأمد بالسلامة والأمن"، في إشارة إلى الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
"النهار" من باريس
وفي السياق، أفادت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين أن التخوّف المشترك لدى كل من باريس وواشنطن حول إمكان قيام إسرائيل بشنّ حرب أوسع على لبنان واستمرار "حزب الله" بعدم الاقتناع بأن مثل هذا الاحتمال وارد بقوة، خيّم على المحادثات المعمّقة التي أجراها هوكشتاين في باريس في مقر الرئاسة الفرنسية ومع المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الذي تناول معه أيضاً مسألة جمود أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان. وقام هوكشتاين بزيارة الى باريس لتنسيق المواقف مع الجانب الفرنسي ووضعه في صورة اتصالاته الأخيرة في لبنان إسرائيل في ما يتعلق بمنع توسيع حرب غزة إلى لبنان، وذلك بعد القمة الاميركية- الفرنسية التي عقدت في باريس بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن الشهر الماضي. ويشارك هوكشتاين محاوريه الفرنسيين القلق من أن خطر توسيع الحرب إلى لبنان جدّي وزيارته الأخيرة إلى لبنان كانت بهدف الضغط على "حزب الله" بواسطة رئيس مجلس النواب نبيه بري لوقف القصف على إسرائيل.
والمعلومات التي لدى واشنطن وباريس أن جزءاً من القيادة العسكرية الإسرائيلية يريد الهجوم الواسع على لبنان وأن الراي العام الإسرائيلي يؤيد ذلك. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فخلال اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون به يوم الثلاثاء الماضي لم يكن موقفه واضحاً تماماً، إذ قال إنه مستعد للحل الديبلوماسي مع لبنان ولكن في الوقت نفسه يهدد بأنه اذا استمرّ "حزب الله" في المواجهات، فإن إسرائيل مستعدة لشنّ هجوم واسع.
وتعرب المصادر عن قلقها لأن جزءاً من الجيش يؤيد الحرب على لبنان وأيضاً وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس، ويؤيدهم قسم من الكنيست. وتحاول واشنطن وباريس تنسيق الضغوط من أجل التهدئة على الجبهة اللبنانية. وما يقلق الجانبين الانطباع السائد لدى "حزب الله" من أن إسرائيل لن تهاجم لبنان وهذا خطأ خطير في التقدير.
وكان هوكشتاين حذر في بيروت من هذا الخطر الحقيقي وأن الولايات المتحدة لن تتراجع عن دعمها لإسرائيل. أما على صعيد انتخاب رئيس في لبنان، فالجمود والتعطيل ما زالا سيدا الموقف ولا جديد على هذا الصعيد.
وليس بعيداً من هذه الأجواء، أعرب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن قلق المملكة العربية السعودية من خطر توسّع الحرب في لبنان، لافتاً في تصريح إلى "أننا لا نرى أي افق سياسي".