المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الجمعة 5 أيلول 2025 11:51:24
لا يزال العام الدراسي غير واضح فيما يتعلق بمدارس القرى الحدودية، لا سيما لجهة الأساتذة المتعاقدين. للعام الثالث على التوالي لا تزال المدارس مغلقة أمام التعليم الحضوري للطلاب الذين نزح أهاليهم إلى القرى المجاورة، أو توزعوا بين النبطية وصور وصولاً إلى بيروت.
مدارس مدمرة وقرى مفرغة من السكان
الثابت الوحيد أن وزارة التربية قررت عدم الاستمرار في التعليم عن بعد، كما كان في السابق، لكن من دون إيجاد حلول بديلة تحافظ على المدارس في انتظار عودة النازحين إلى قراهم. بل على العكس تُركت إدارات المدارس لمصيرها لتدبر أمرها من خلال إيجاد حلول مؤقتة، تعرضها على وزارة التربية لنيل الموافقة أو الرفض.
يختلف واقع مدارس القرى الحدودية بين بلدة وأخرى لجهة حجم الدمار الذي أصابها، بين مدارس مدمرة بالكامل، كحال مدرسة الظهيرة أو مدارس تعرضت لأضرار وتحتاج إلى إعادة تأهيل كحال مدرسة حولا، على سبيل المثال لا الحصر. إلا أن الواقع المشترك للمدارس يكمن في أن القرى أفرغت من سكانها ونزح أهلها وأقدموا على تسجيل أبنائهم في مناطق نزوحهم. لكن إدارات المدارس سعت لاستقطاب الطلاب وتسجيلهم للتعليم عن بعد لعدم إقفال المدارس نهائياً. وبعد قرار وقف التعليم عن بعد اندفع مديرو المدارس باتجاه البحث عن مباني في القرى المجاورة لقراهم الحدودية لنقل مدارسهم إليها موقتاً، في انتظار توقف الحرب وعودة السكان. لكن هذا الحل دونه مشاكلات تهدد مصير الأساتذة المتعاقدون.
في القرى الحدودية لقضاء صور المدمرة تدميراً شبه تام، اقترح مديرو مدارس الضهيرة والبستان ويارين وعلما وطير حرفا، تأمين مبنى مدرسي مشترك للحفاظ على مدارسهم. لكن طلبت منهم الوزارة البحث عن المبنى، بدلاً من انشغال الوزارة بهذه المهمة. وبعد تعثر نقل المدارس إلى مبنى جامعة المدينة (تم منحه لمدرستي بلدتي عيتا وراميا) وجدوا الحل في الجامعة الألمانية التي تحولت إلى مركز إيواء للنازحين. وطلبوا إخلاء طابق لهم لافتتاح مدارسهم فيه. وهم ينتظرون القرار النهائي لمعرفة مصير نحو مئتي طالب وطالبة، ومصير الحفاظ على الهيئة التعليمية وعقود الأساتذة، كما أكد أحد المديرين لـ"المدن".
منطقة آمنة داخل القرية
في كل قرية من القرى الحدودية إشكالات لا تعد ولا تحصى حول كيفية الحفاظ على المدرسة. فسكان المنطقة النازحون نقلوا أولادهم إلى مدارس أخرى بعدما طال زمن الأزمة للسنة الثالثة على التوالي، وذلك أن غالبية المنازل مدمرة ولا أفق أمامهم حول مصير عودتهم إلى قراهم. واستمرار هذا النزيف يعني لاحقاً إقفال المدرسة. بيد أن الإشكالية الأساسية تبقى في الأساتذة المهجرين الذين لا يقيمون في القرى المجاورة لقراهم، بل هم موزعون بين النبطية وصيدا وبيروت.
في بلدة ميس الجبل ثمة مشروع لافتتاح مجمع تربوي يتألف من 25 غرفة جاهزة ستوضع في منطقة غرب البلدة لناحية بلدة شقرا. وستخصص هذه الغرف لثانوية ميس وللمدرسة المتوسطة وللمعهد الفني (المهنية). لكن الأمر محفوف بمخاطر أمنية ومادية أيضاً، إذ لا إقبال على التسجيل بعد لمعرفة العدد النهائي للطلاب. أما نزوح الأساتذة إلى مناطق بعيدة فيطرح إشكالية انتقالهم اليومي من النبطية أو بيروت لتعليم الطلاب.
مصير الأساتذة المتعاقدين
إشكالية الحفاظ على الهيئة التعليمية وعقود الأساتذة مشتركة في كل القرى الحدودية. فقرار وقف التعليم عن بعد (غير المجدي بكل الأحوال لتعليم الطلاب) يؤدي إلى خسارة مئات الأساتذة المتعاقدين مصدر رزقهم الوحيد. لكن لم يكن أمام مديري تلك المدارس إلا خيار البحث عن مبانٍ في القرى المجاورة لقراهم الحدودية لتعليم الطلاب تعليماً حضورياً، أو البحث عن مبانٍ في أطراف القرية نفسها.
حولا كجارتها ميس الجبل، قررت الإدارة فتح المدرسة في مركز الرعاية الاجتماعية، الذي يقع في أطراف البلدة لناحية بلدة شقرا. فهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على المدرسة، التي طالتها أضرار كبيرة وباتت بحاجة إلى إعادة ترميم. ورغم أن الوضع الأمني لا يزال غير مستقر، تسجل في المتوسطة نحو ستين طالباً. لكن وضع الهيئة التعليمية، وجميعها من الأساتذة المتعاقدين، غير مستقر. فالأستاذ النازح إلى النبطية أو بيروت عليه التوجه كل يوم إلى أقصى الجنوب لتعليم طلابه، أو التخلي عن عقد العمل. أما الحلول المطروحة لإنقاذ الأساتذة فهي قبول وزارة التربية بنقل عقودهم إلى مناطق نزوحهم.
لكن مرة جديدة، تثير هذه الحلول إشكالية إيجاد ساعات تدريس لمئات الأساتذة المتعاقدين النازحين في المدارس في مناطق نزوحهم. فالمدارس متخمة بالأساتذة من ناحية وتقليص أيام التدريس إلى أربعة أيام ينعكس تقليصاً بعدد الحصص الأسبوعية. وفي حال عدم إيجاد دوامات لهم سيخسرون ساعات تدريس أو عقد العمل كاملاً، وتنخفض مداخيلهم لتضاف هذه المأساة إلى مأساة نزوحهم القسري عن قراهم.