الجنوب: المدارس الكاثوليكية "تتشبث بالأرض".. والرسمية تتخوف من السوريين

مع استمرار الوضع الأمني جنوباً على توتره، تواصل المدارس الرسمية والخاصة إقفال أبوابها. لكن ثمة مباحثات للعودة إلى فتح المدارس أبوابها في حال بقاء الوضع على حاله. 

الأوضاع الأمنية المتوترة أدخلت أهالي الطلاب وإدارات المدارس الخاصة في نقاش حول الخطوة المقبلة الواجب اتباعها. وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل، لـ"المدن"، إن جزءاً من أهالي الطلاب في المناطق الحدودية يريدون البقاء في مناطقهم وإعادة فتح المدارس، فيما جزء كبير منهم نزحوا من بيوتهم تخوفاً من القصف العشوائي. لكن اليومين المقبلين يحسمان الأمر. ففي حال استمر الوضع على حاله من دون توسع الاشتباكات، لربما يتخذ قرار بالعودة إلى فتح المدارس أبوابها. فالأهالي وإدارات المدارس لا يريدون فتح المدارس أبوابها ووضع التلامذة بدائرة الخطر من ناحية، لكنهم لا يريدون إضاعة عام دراسي جديد على الطلاب أيضاً. لذا، بدأت العديد من المدارس بإجراء بعض الحسابات للعودة إلى التعليم من بعد، وتجري استبيانات لمعرفة أماكن سكن الطلاب وأماكن نزوحهم، وإذا كان النزوح سيطول.

مواصلة التدريس في لبنان
الخوف من تفاقم الأوضاع الأمنية الأسبوع الفائت، استدعى إقفال جميع المدارس أبوابها في الأقضية المحاذية للحدود الجنوبية، ووصل الإقفال إلى مدارسة البعثة الفرنسية في النبطية وحناويه. لكن الليسيه حبوش عادت إلى التدريس اليوم الاثنين، وستستمر على هذه الحال طالما أن الأوضاع الأمنية في الجنوب ما زالت مقتصرة على الحدود، تقول مصادر إدارية لـ"المدن".
أمين عام المدارس الكاثوليكية ومنسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، الأب يوسف نصر، أكد أنه باستثناء المدارس الواقعة على الحدود اللبنانية الجنوبية، ستواصل جميع المدارس التدريس. وقد عُقد اجتماع لجميع المدارس الكاثوليكية في المنطقة الحدودية، الممتدة من صور مروراً بالناقورة ووصلاً إلى مرجعيون، وتقرر فيه تفعيل التواصل بين أهالي الطلاب والمدرسة للاطلاع على أوضاعهم. ففي حال تمكنت المدرسة من تنظيم الدورس من بعد يكون الأمر جيداً، وفي حال عدم وجود تقنيات، تقرر أن تُرسل الدروس عبر واتساب في انتظار جلاء الأمور.  

وأضاف، أن المرحلة الحالية هي لتجميع البيانات عن أهالي الطلاب ومعرفة من نزح ومن بقي في مناطقه، لاتخاذ القرارات الفضلى. وحالياً وباستثناء مناطق الحدود حيث وضعت خطط طارئة لاستكمال الدروس وفق الإمكانات، تستمر جميع المدارس الخاصة بالتدريس في انتظار كلمة الميدان ومدى تطور الأوضاع.

ترسيخ فكرة العودة
ويشير الأب نصر إلى أنه في حال تفاقمت الأمور وتوسعت دائرة الحرب على لبنان، فالمدارس الكاثوليكية، مثلها مثل باقي المؤسسات الخاصة، لن تقف على الحياد، بل ستساعد الشعب اللبناني بكل ما تستطيع، بما في ذلك فتح أبواب المدارس لإيواء اللبنانيين.
لكن الأولوية كما يقول الأب نصر هي ترسخ فكرة الانتماء إلى المدرسة والانتماء إلى الأرض. فلا بديل للأهل أي مدرسة أخرى. بل يجب ترسيخ فكرة العودة إلى المدرسة الأم، وأن النزوح في حال حصل فيجب أن يكون مؤقتاً.
كلام الأب نصر هذا يتزامن مع موجة نزوح كبيرة حصلت من المناطق المسيحية في القرى الحدودية. وبات أهالي الطلاب يبحثون عن مدارس بديلة لأبنائهم في بيروت وجبل لبنان. وهذا يتنافى مع مساعي الكنيسة بتعزيز صمود الأهل بمناطقهم وعدم تركها، على قاعدة أن من يرحل عن أرضه لن يعود إليها.

النزوح السوري في المدارس الرسمية
رسمياً، حصر وزير التربية عباس الحلبي قرار إقفال المدارس الخاصة والرسمية بالمناطق الجنوبية الحدودية، في انتظار اتضاح صورة الوضع الأمني في الجنوب. فالأولوية هي الحفاظ على انطلاقة العام الدراسي. وقد شكل الحلبي خلية أزمة في وزارة التربية لمتابعة الشؤون التربوية، ضمت جميع رؤساء الوحدات والمديريات. لكن في ظل عدم توفر الوسائل والمقومات، فلا انتقال للتعليم من بعد في القطاع الرسمي.
اجتمعت اللجنة اليوم الإثنين وقررت إلحاق طلاب الأقضية الحدودية في أقرب مدرسة رسمية لهم تفتح أبوابها، إلى حين عودة الهدوء. ما يشي بأن المدارس الرسمية ستبقى مقفلة في حال استمر الوضع الأمني على حاله.
أما المشكلة التي واجهت الوزارة، فهي إقدام طرف حزبي على فتح مدرسة صور الثانية للبنات والثانية المختلطة ومهنية صور كمركز لإيواء للنازحين السوريين من المناطق الحدودية، من دون العودة إلى الوزارة. وبات متعذراً فتح أبواب هذه المدارس أمام الطلاب إلى حين إجلاء النازحين، الذين يشرف عليهم كشافة الرسالة. فالحديث ليس عن اللبنانيين الذين أتوا من قرى يارين ومروحين والضهيرة، الذين عاد معظمهم إلى منازلهم، بل عن جعل المدارس الرسمية مراكز إيواء للسوريين، مع إمكانية بقائهم، خصوصاً بعد قدوم المنظمات الدولية والمحلية وبدء توزيع المساعدات عليهم، تقول مصادر مطلعة.