المصدر: لوريان لوجور
الكاتب: توماس دوكين
الخميس 31 تموز 2025 13:05:42
توماس دوكين - "لوريان لوجور" - ترجمة الذكاء الاصطناعي
أحيت اللقاءات الأخيرة، خصوصًا تلك التي جرت بين الرئيس اللبناني جوزف عون ونظيره القبرصي نيكوس كريستودوليديس في أوائل يوليو، الأمل بإحراز تقدم في هذا الملف المحوري لمستقبل الطاقة في لبنان.
بعد أن ظل مجمدًا لفترة طويلة، يبدو أن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص بات يقترب من نهايته. يُعتبر هذا الملف ذا أهمية استراتيجية كبيرة لبيروت، التي تسعى لتسوية جميع نزاعاتها الحدودية مع جيرانها المباشرين – أي قبرص، إسرائيل وسوريا – لكي تبرز كوجهة موثوقة للشركات النفطية الراغبة في استكشاف ثروات لبنان الهيدروكربونية، لا سيما تلك الكامنة في مياهه الإقليمية.
وبما أن الملف القبرصي لا يشكل تحديات أمنية كبيرة، فهو يبدو اليوم الأقرب إلى الحسم. في بداية يوليو، وعد الرئيسان اللبناني والقبرصي خلال قمة في نيقوسيا بمواصلة المفاوضات. وقالت ديانا قيسي، عضو اللجنة الاستشارية في مبادرة الشفافية في النفط والغاز اللبنانية (LOGI) والمطلعة على الملف، في تصريح لـ"لوريان لو جور"، إن الاتفاق قد يُختتم "قبل نهاية العام".
ملف عالق منذ 2007
كان الملف قد تقدم بشكل كبير منذ سنوات. ففي عام 2007، أعدّت بيروت ونيقوسيا اتفاقًا أوليًا حدّدت فيه النقطة الثلاثية مع إسرائيل عند النقطة البحرية 1، قبالة ساحل الناقورة جنوب لبنان. إلا أن البرلمان اللبناني لم يصدق على هذا الاتفاق بسبب ضغوط تركية.
وكما يوضح الخبير الدولي في التفاوض ميشال غزال، فإن أنقرة تعارض أي استغلال للمنطقة الاقتصادية الخالصة (ZEE) الخاصة بقبرص، دعمًا لـ"جمهورية شمال قبرص التركية". وتُذكّر منى سكريّة، مستشارة المخاطر السياسية والشريكة المؤسسة في Middle East Strategic Perspectives، أن "تركيا بين عامي 2003 و2010، رفضت جميع الاتفاقات الموقعة من قبل قبرص مع جيرانها لترسيم الحدود البحرية".
بسبب هذه العوائق، إضافة إلى الإهمال الرسمي اللبناني، ظل الملف معلقًا حتى أكتوبر 2011، حين أودع لبنان لدى الأمم المتحدة المرسوم رقم 6433، الذي يحدّد بشكل أحادي نطاق منطقته الاقتصادية الخالصة بين النقطة 23 جنوبًا والنقطة 7 شمالًا.
الاتفاق مع قبرص دون انتظار دمشق
النقطة 23 حاسمة لأي اتفاق حدودي بين لبنان وقبرص، لأنها تمثّل التقاء الحدود البحرية اللبنانية مع تلك القبرصية والإسرائيلية. وقد تم حلّ هذا النزاع فعليًا بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في أكتوبر 2022 برعاية أمريكية، رغم تهديدات تل أبيب لاحقًا بإلغائه بعد فتح "جبهة غزة" من قبل حزب الله في أكتوبر 2023، إلى أن تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.
أما النزاع اللبناني-السوري عند النقطة 7 فلم يُحل بعد، رغم سقوط النظام السابق في دمشق أواخر 2024. لكن بحسب غزال، لا يُشترط حله مسبقًا لإتمام الاتفاق اللبناني-القبرصي، نظرًا لعدم وجود حدود مباشرة بين ZEE القبرصية والسورية.
توضح ديانا قيسي أن "النقطة 7 محددة في المرسوم 6433، وقد قبل بها القبارصة"، رغم أن النزاع مع سوريا يشمل مساحة تقدر بـ750 إلى 1000 كلم². جرى تبادل بين بيروت وحكومة دمشق الانتقالية في مارس لمتابعة هذا الملف، لكن الخلافات السورية-التركية تعقّد المسار.
وعلى الرغم من أن لبنان كان يملك المقومات لاستئناف المفاوضات، إلا أن الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية ميشال عون في أكتوبر 2022 جمد الملف، إلى أن أعيد تفعيله في قمة يوليو 2025.
سباق الغاز: قبرص تتقدّم
منذ أكثر من عقد، تشهد منطقة شرق المتوسط سباقًا محمومًا لاكتشاف الغاز، خصوصًا بعد اكتشاف حقلي تمار وليفياثان في إسرائيل، وحقل أفروديت في قبرص.
في هذا المضمار، تتقدم قبرص على لبنان. فمنذ أوائل 2010، أصدرت نيقوسيا تراخيص استكشاف عدّة، وأطلقت مشاريع لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر أنابيب أو منشآت للغاز المسال. وفي يوليو الماضي، أعلنت شركتا إكسون موبيل وقطر إنرجي عن اكتشاف جديد قبالة الساحل الجنوبي الغربي لقبرص.
أما في لبنان، فقد بدأ كونسورتيوم يضم توتال إنرجي، إيني، ونوفاتك (تحوّل لاحقًا إلى توتال/إيني/قطر إنرجي بعد الاتفاق مع إسرائيل في 2022) حفرًا استكشافيًا في عام 2020 في كتلتين من ZEE اللبنانية، لكن دون نتائج واعدة. وتصاعدت التوترات السياسية بسبب النزاع مع إسرائيل وتأخر التراخيص، ما دفع الشركات لتعليق أعمالها.
ضرورة الاتفاق لإعادة الثقة
في هذا السياق، بات من مصلحة لبنان الوصول إلى اتفاق مع قبرص لتعزيز صورته كجهة جاذبة للشركات النفطية.
تقول قيسي: «الشركات تلعب دورًا سياسيًا، رغم نفيها، كما حصل في اتفاق لبنان-إسرائيل حيث كانت لها مصلحة مباشرة في استكشاف الكتلة 9 المحاذية لحقل كاريش الإسرائيلي».
وتضيف أن حل النزاع مع سوريا ليس شرطًا لاتفاق مع قبرص، لكنه يبقى ضروريًا لاستكمال الترسيم الشامل، لأن "أي استكشاف جدي للغاز قبالة السواحل اللبنانية لن يحدث دون ترسيم كامل، ولا ترسيم كامل دون قرار سياسي واضح تجاه سوريا".
وقد حاولت صحيفة L’Orient-Le Jour التواصل مع سفارتي لبنان في قبرص وقبرص في لبنان، لكن دون تلقي رد.