الحلبي يتريث بملف التفرغ: دراسة شاملة لا تعيق إقراره

وصلت شكاوى عدة إلى الوزير عباس الحلبي حول ملف التفرغ الذي رفعه رئيس الجامعة بسام بدران. كان من المتوقع ألا يستغرق الملف الكثير من البحث في مكتب الحلبي لرفعه إلى الأمانة لمجلس الوزراء. لكن بعد الشكاوى، تبين أن الملف منتفخ ولا يؤمن الحد الأدنى من التوزان. وبات الحلبي مضطراً للتدقيق بالملف جيداً. وقد وعد الذين تواصلوا معه بأن يرفع ملفاً متوازناً ويؤمن استمرارية الجامعة.

رمي المسؤولية على مجلس الوزراء
مصادر متابعة للملف أكدت لـ"المدن"، أن رئيس الجامعة كان أشبه بمن يريد رفع مسؤولية عدم إقرار الملف عن كاهله. فرفع الملف المنتفخ والذي يسقط أمام أول امتحان بما يتعلق بالتوازن وحاجة الجامعة الفعلية. ثم رمى كرة النار التي يشكلها المتعاقدون المطالبون عن حق بالتفرغ، بين يدي الحلبي ومجلس الوزراء لاحقاً. هذا رغم أنه في الظروف الحالية لا الحلبي لديه القدرة والمعرفة بكيفية تأمين حاجة الجامعة، ولا مجلس الوزراء يمتلك الصلاحية الأكاديمية، وليس السياسية، لإقرار ملف تفرغ يخدم الجامعة اللبنانية. فهذه الصلاحية منوطة بمجلس الجامعة، الذي لديه السلطة والصلاحية أكاديمياً للنظر بالتفرغ وفق حاجة الجامعة. لكنه منحل ولم يصر إلى تعيين مجلس جديد.

المشكلة التي يعاني منها وزير التربية أن المستشارين يعدون له الملفات وهو يوقع. فيما هو في الأساس شريك أساسي في اتخاذ القرار في الجامعة، طالما أن مجلس الجامعة غير قائم. ويفترض به أن يراجع ليس الملف الحالي، بل حتى إعادة مراجعة العقود التي وقعت في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في كل الكليات التي تعاقدت مع أساتذة من دون إعلان أي شغور مسبق.

الملف معرّض للرفض
الذين تواصلوا مع الحلبي يؤكدون أنه شدد أمامهم أنه لن يرفع أي ملف لا يفي حاجة الجامعة وغير متوازن، كي يبت سريعاً في مجلس الوزراء. فهو لا يريد أن يرفع الملف بعدما بات على يقين أنه في وضعه الحالي سيُرفض في مجلس الوزراء، ويكون حينها قد قرر رفع المسؤولية عن نفسه أمام الأساتذة، لكن يخذلهم مجلس الوزراء. فالترجيحات أنه في حال قرر الحلبي رفع الملف كما هو إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فسينتهي التفرغ مثل سلفه في العام 2014، أو يرفض كلياً. ففي العام 2014 جرى نفخ ملف التفرغ بأعداد غب الطلب لتأمين بعض التوازن والمحسوبيات. أما في الملف الحالي والمشكو منه من جميع الأطراف السياسية، فالخيارات محصورة: إما يرد مجلس الوزراء الملف كله، أو يقر مجلس الوزراء ملفاً بعد تقليص العدد وحذف الأسماء لتقليصه، لكن من دون أي معايير أكاديمية. وحينها يكون إعداد الملف من الأساس بلا أي فائدة للجامعة.

نفخ الملاكات والأنصبة
وتشرح المصادر، أن مشكلة انتفاخ العدد حجة أساسية لـ"تطيير" الملف، والذريعة هي الانعكاسات المالية، بمعزل عن الخلل بالتوازن الطائفي. علماً أن المشكلة ليس في العدد المنتفخ، بل تكمن في إعداد الملف من الأساس ووفق أي دراسة تم. لو كان القرار في مجلس الجامعة لكان التفرغ يتم وفق مبدأ التقاعد. فمنذ العام 2014 تقاعد أقل من ألف أستاذ، لأن المعدل الوسطي للتقاعد بحسب صندوق التعويضات هو نحو 75 أستاذاً سنوياً. أما التفرغ على أساس الحاجة فغير جائز، لأن تغيّر نظام المواد أو البرامج أو عدد الطلاب، يستدعي التغيير في الهيئات التعليمية لناحية نسب الملاك والتفرغ والتعاقد.  

وتضيف المصادر، أن عدد المتقاعدين سنوياً ووجود نحو مئة أستاذ بالاستيداع، وتخفيض أساتذة الملاك عدد ساعاتهم السنوية، زادت الحاجة إلى التعاقد. لكن مبدأ حاجة الجامعة لا يمكن أن يتم إلا من خلال مقارنة الجامعة اللبنانية مع الجامعات الأخرى في لبنان والخارج. فنفخ ملاكات الجامعة لم يأت وفق دراسة، لأنه في السابق كان عدد الطلاب يزيد عن 85 ألف طالب، فيما تراجع العدد العام المنصرم إلى نحو ستين ألف طالب، وحالياً سيتراجع أكثر. بالتوازي مع هذا التراجع، جرى نفخ الأنصبة (عدد ساعات التدريس) أيضاً في الجامعة، وذلك من خلال التشعيب والمواد الاختيارية. أي أن الانتقال إلى النظام الجديد LMD، الذي كان هدفه فتح المسارات أمام الطلاب للانتقال بين الاختصاص، جرى الالتفاف عليه. ففيما كان المطلوب بعد الانتقال إلى نظام LMD تخفيض التشعيب وتقليص الأنصبة من خلال المواد المشتركة، وتخفيض عديد الهيئة التعليمية تباعاً، جرى تشعيب إضافي للطلاب والمواد، عوضاً عن تجميع الطلاب في مواد مشتركة لاختصاصات متنوعة في الكلية عينها. وذلك لتبرير التعاقد مع أساتذة جدد.

ووفق المصادر، حاجة الجامعة الفعلية لا تزيد عن 800 أستاذ متفرغ في ظل الوضع الراهن. وفي حال كان المراد تأمين التوازن الطائفي فلا يمكن تفريغ أكثر من 1100 أستاذ كحد أقصى. لكن المطلوب من الوزير الحلبي تشكيل لجنة أكاديمية وفنية وإدارية لدراسة وضع الجامعة والحاجة الفعلية للتفرغ. لجنة كان يفترض أن يشكلها رئيس الجامعة، لكنه لم يفعل. غير ذلك، سيطرح الحلبي على مجلس الوزراء ملفاً خاضعاً للرفض المسبق، أو لتعديلات سياسية وطائفية وليست أكاديمية. ويضرّ الجامعة أكثر وأكثر.