الرئاسة تأجيل..وبري جاهز للدعوة الى الحوار فوراً

الحقيقة الثابتة في المشهد الداخلي، هي أنّ تجميع الصورة الرئاسية ما زال يراوح في دائرة الفشل، والحراكات التي تجري حول الملف الرئاسي، سواءً من الداخل، أو عبر سفراء اللجنة الخماسية، لم تتمكّن حتى الآن من تقليص مساحة الفوارق بين الأطراف المعنية، المعطّلة لهذا الملف، وخصوصاً انّ هذه الحراكات ثبت بالملموس انّها تفتقر إلى الآليات المطلوبة لإنضاج الطبخة الرئاسية، وإقناع الاطراف المتناقضة بضرورة الإنخراط في حوار يكسر حلقة التعطيل ويعجّل في انتخاب رئيس للجمهورية.

وكان لافتاً في هذا السياق، تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّه متفق مع «الخماسية» على أولويّة الحوار بين الأطراف المعنية كمعبر إلزامي لحسم الملف الرئاسي، إلّا انّ الأفق الرئاسي لم يقترب من مرحلة النضوج بعد، بل يحتاج إلى محاولات جديدة لإنضاجه. وهو الأمر الذي يبقي الكرة في ملعب «الخماسية» لمتابعة مهمّتها في هذا الاتجاه، وكذلك في ملعب سائر الأطراف للتجاوب مع ضرورات الحوار، ورئيس المجلس، وفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، جاهز لأنّ يوجّه الدعوة فوراً الى هذا الحوار لإنهاء هذه الأزمة، في اللحظة التي يلمس فيها استعداداً لذلك من قِبل الأطراف».

حلقة مفرغة

وإذا كانت كل المؤشرات تؤكّد أنّ حراك سفراء الخماسية يدور في حلقة مفرغة، الّا انّ السفراء، على ما تؤكّد مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، يقرّون بصعوبة مهمّتهم، لكنّهم في الوقت ذاته، يسعون إلى النأي بمهمّتهم عن الفشل، بالسعي الحثيث إلى إحداث خرق ما لهذا الجو المقفل، ومن هنا جاء اعلان السفير المصري علاء موسى باسم السفراء عن أنّهم سيستكملون مسعاهم عبر لقاءات جديدة سيجرونها مع الكتل النيابية في وقت لاحق.

لا شيء في اليد!

وفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» من مطلعين عن كثب على ما في جعبة «الخماسية»، انّه ما خلا الحث العلني على اولوية الحوار، فلا يُلمس وجود أي فكرة جديدة في جعبة السفراء يمكن أن تُبنى عليها إيجابيات من شأنها أن تكسر المنطق الرافض للحوار، او تليّنه، وخصوصاً انّ النقاشات مع السفراء، سواءً مجتمعين من خلال اللجنة الخماسية او منفردين، تؤكّد أنّ اللجنة حدّدت لنفسها مهمّة أساسية وهي مساعدة اللبنانيين على إتمام الاستحقاق الرئاسي واختيار رئيس الجمهورية بالتوافق في ما بينهم، دون أن يعني ذلك إقران هذه المساعدة بممارسة اي ضغوط على أي طرف».

وحول هذا الأمر، قال مصدر سياسي رفيع رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «وضع اللجنة «الخماسية» كمن يرقص الدبكة في مكانه، وبهذه الجولات واللقاءات والاستطلاعات التي تجري، يمكن القول فقط بأنّ الغاية الأساس منها، هي إبقاء الملف الرئاسي حاضراً على مائدة المتابعة لا أكثر ولا أقل. وفي هذه الأجواء لا مجال للتفاؤل على الإطلاق، في إمكان حصول تقدّم نحو الحسم الإيجابي للملف الرئاسي. حيث تؤكّد كل المؤشرات أنّ اشارة حسم هذا الملف، معلّق إطلاقها حتى إشعار آخر، ولنكن صريحين، أنّه لو كان لدى القوى الدولية الفاعلة قرار جدّي بالحل الرئاسي، فهل كان هذا الحل تأخّر حتى الآن»؟

جولة البخاري

يُشار في هذا السياق، إلى حراك لافت للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري امس، حيث قام بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب. حيث اكّد حرص المملكة العربية السعودية على استقرار لبنان ودعمها تعزيز التقارب بين اللبنانيين، مشدّداً على أهمية المساعي والجهود التي تبذلها اللجنة الخماسية لمساعدة لبنان. معرباً عن امله في أن تصل هذه المساعي الى حلول سريعة من خلال الحوار الذي تجريه مع الجميع».

وفيما دعا المفتي دريان القوى السياسية إلى «التجاوب مع سعي اللجنة الخماسية التي لديها مصداقية في التعاطي مع القوى السياسية لإيجاد مخارج ترضي الجميع، مشدّداً على أنّ الإصلاح يبدأ في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قوية، والّا سيبقى لبنان يعيش في الفوضى»، فيما أمل الخطيب أن «تفضي جهود الخماسية الى إيجاد حلول تُخرج لبنان من حالة الانسداد السياسي ويتوافق اللبنانيون على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذية تُخرج لبنان من أزماته المتفاقمة وتعزز اللحمة الوطنية في مواجهة العدوان الصهيوني وتعيد بناء ما هدّمه».

وفي سياق الحركة المرتبطة بالملف الرئاسي، زار وفد من تكتل «الاعتدال الوطني» امس، معراب، والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على مدى ساعة ونصف، كما التقى الوفد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.

وبحسب معلومات، فإنّ تكتل «الاعتدال الوطني» حمل الى لقاءيه مع جعجع وباسيل فكرةً جديدة لكسر الاستعصاء القائم حول مبادرته، لخّصها عضو التكتل النائب عبد العزيز الصمد لـ«الجمهورية» بقوله، إنّها تقوم على اقتراح ان يدعو التكتل الى جلسة التشاور او الحوار المقترحة في مبادرته، طالما انّ الخلاف قائم حول من يدعو الى الجلسة.

وقال الصمد: «سنلتقي الرئيس نبيه بري بعد جلسة التشريع المقرّرة اليوم لمناقشة هذا الاقتراح والخروج بموقف منه، الى جانب افكار اخرى قد تُطرح للبحث. وبعدها لكل حادث حديث».

فيما قال باسيل انّه أبلغ وفد كتلة «الاعتدال» أنّ الأساس هو التوافق على رئيس إصلاحي وسيادي ووطني. امّا إذا تعذّر ذلك، فإنّ التنافس الديموقراطي، من خلال التصويت، يبقى أفضل بكثير من الفراغ. لذلك، ومع استمرار تعاطينا الإيجابي مع المبادرة المطروحة، نرى أنّ الشكليات، على أهميتها أحياناً، يمكننا الترفّع عنها إذا كانت النتيجة مضمونة بالتوصل إلى انتخاب رئيس. ولكي يتمّ ذلك، يجب ضمان حصول جلسة الانتخاب من خلال التزام الأطراف المشاركة بورقة مكتوبة توضِح كل النقاط المتفق عليها، على أن تعطى الأولوية لتوافق المشاركين على اسم واحد، خلال فترة محدّدة بثلاثة أيام مثلًا. وإذا تعذّر ذلك، فمن خلال جلسات انتخاب متتالية في دورات متتالية لفترة ثلاثة أيام خلال اسبوع.