الرئاسة تترنّح بين الخلافات الداخلية والتسويات الإقليمية...لا مبادرات للحل

في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة التي تؤشر إلى تسوية تُطبَخ على نار "حامية"، يتأرجح لبنان بين انتظار التغييرات الإقليمية لاتضاح الخيط الأبيض من الأسود، وبين محاولات داخلية لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، خاصة مع تمسّك الثنائي الشيعي بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وإعلان المعارضة استمرار تقاطعها مع "التيار الوطني الحر" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور بانتظار "المرشح الثالث"، تتحضر المعارضة لإطلاق مبادرة بهذا الاتجاه، واللجنة الخماسية تسعى جاهدة لحث المسؤولين على ايجاد المخرج المناسب، وأفادت المعلومات  ان سفراء اللجنة الخماسية سيجتمعون في الرابعة بعد ظهر غد في قصر الصنوبر. ويتم التداول بأجواء توحي بزيارة قريبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان يتبعه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان من ضمن حراك تعتزمه "الخماسية". فهل من بوادر لإنضاج حلّ للاستحقاق الرئاسي تلوح في الأفق؟

عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب بلال عبدالله يؤكد لـ"المركزية" ان "اي مبادرة بهذا الاتجاه يجب ان تكون مدعومة ومشكورة. لكن حتى الآن لم نسمع بصيغة او مبادرة واضحة من الفرقاء المعنيين أكانوا معارضة أم موالاة باتجاه هذا الاستحقاق. الأمر الوحيد الذي رشح هو الكلام المنقول عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه سيحاول إجراء حوار غير موسّع بل مع الكتل النيابية تمهيداً لدعوة انتخاب رئيس، ربما قبل شهر رمضان. لكننا لم نسمع عن مبادرة واضحة ومتكاملة من الرئيس بري او من فريق المعارضة، لذلك أعتقد أن من غير السهل، على ايقاع الحرب الإقليمية الدائرة والإبادة الجماعية في غزة والحرب على لبنان، الدخول في هذا الموضوع في الوقت الحاضر، خاصة وأن بعض الفرقاء يربط هذا الموضوع بالتطورات الإقليمية وهذا خطأ لأن المعادلات الخارجية، مهما يكن تأثيرها على لبنان، تتطلب معالجات داخلية مع مؤازرة اللجنة الخماسية التي كانت عاجزة، حتى الآن، عن تحقيق نجاح نوعي في هذا الاتجاه بسبب المشكلة اللبنانية. وبالتالي، اعتقد ان من المبكر الحديث اليوم عن قرب إنجاز هذا الاستحقاق، فكل المؤشرات الداخلية والخارجية تدل على ان الحديث عن هذا الموضوع ربما قد يطول للأسف".

وعما سمعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط خلال زيارته الى موسكو، يشير عبدالله إلى ان "روسيا موجودة في المنطقة ولها دور، خاصة في سوريا، وهذا الدور نحاول الاستفادة منه ايجابا لصالح لبنان، ودعا جنبلاط روسيا للعب دور مساعد لا سيما في موضوع القضية الفلسطينية وإنشاء دولة فلسطينية لما تملك روسيا من موقع دولي. دور روسيا موجود حكماً في المنطقة، ويهمنا ان نكون متفاعلين مع كل هذه الأدوار، لأن المجتمع الدولي متنوع، ويجب التعاطي مع الجميع في هذا الملف، بالاضافة الى علاقاتنا التاريخية مع روسيا وقبلها مع الاتحاد السوفياتي". وعن دور روسيا في الملف الرئاسي يجيب: "روسيا لا تتدخل في الأسماء، تاريخيا روسيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية، بل تحاول المساعدة قدر الإمكان، لكن ليس على الطريقة الاوروبية او الاميركية، فهي لا تدخل في التفاصيل الصغيرة".

ورداً على سؤال حول العلاقة مع "تيار المستقبل" يقول: "إذا كان هناك من أمور عالقة بيننا وبين "المستقبل"، فأفضّل معالجتها ليس عبر الإعلام".

وعن التسوية في المنطقة، يجيب عبدالله: "ليس هناك أي مؤشر لتسوية، أو أن المجتمع الغربي استطاع ان يضغط على اسرائيل المستمرة في عدوانها وإبادتها للشعب الفلسطيني وتحضر لمعركة رفح. ما زلنا في اول الطريق، وكل الكلام عن الدولة الفلسطينية وهم، ولا تواكبه جهود جدية".

وعن ربط لبنان بمصير المنطقة، يؤكد ان "بعيدا عن التنظير، لبنان مرتبط بمشاكل سوريا وفلسطين بحكم الجغرافيا، مع التأكيد على أن ضريبة الجغرافيا السياسية مرتفعة. لكن في المقابل، يجب عدم ربط ملف الرئاسة بأي من الملفات الأخرى، وكان يجب انتخاب رئيس منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال عون. لذلك المطلوب تسوية داخلية وانتخاب رئيس تماماً كما فعلت اسرائيل التي شكّلت حكومة وحدة وطنية. للأسف في لبنان لسنا ناضجين الى هذه الدرجة".