في لحظة مفصلية من تاريخ لبنان، يتقدم اسم الرئيس نواف سلام كوجه جديد، يحمل في ملامحه مزيجاً من الهدوء الأكاديمي والصلابة الإصلاحية. رجل القانون والدبلوماسي المحنك، القادم من تجربة قضائية مشرّفة في محكمة العدل الدولية، وجد نفسه في قلب عاصفة وطنية عنوانها الأكبر: الفساد المستشري في الدولة اللبنانية.
منذ توليه مسؤولياته، بدا واضحاً أن الرئيس سلام لا يريد أن يكون مجرّد شاهد على الانهيار، بل مصمّم على أن يكون شريكاً في عملية الإنقاذ. مدركاً أن أي خطة إصلاح اقتصادي أو تعافٍ مالي لن تنجح ما لم يُرفع الغطاء السياسي عن منظومة الفساد، التي نهبت الدولة وأفقدت اللبنانيين ثقتهم بوطنهم.
الرئيس سلام لا يواجه خصماً عادياً. هو يواجه شبكة متجذّرة، تضم مافيات الطوائف، وتجار السياسة، ومصارف فَقدَتْ شرف المهنة. لكنه قرّر المواجهة، من موقعه المستند إلى القانون والشرعية الدولية، ومن خلفه شعب جائع للتغيير، سئم الشعارات الكاذبة والمناورات العقيمة.
لقد بدأ الرئيس خطوات جريئة، أبرزها:
• الدفع نحو استقلال القضاء ليتمكن من ملاحقة الفاسدين مهما علا شأنهم.
• رفضه الانخراط في أي صفقات سياسية ملوثة.
• مطالبته بتفعيل دور أجهزة الرقابة والمحاسبة وإعادة هيبتها.
• إصراره على التعاون مع الهيئات الدولية لتوفير بيئة شفافة للإصلاح والمساعدات.
لكن المواجهة ما زالت في بداياتها. فالمعركة مع الفساد في لبنان ليست قصيرة، وهي تتطلب إرادة صلبة، وغطاءً شعبياً، ودعماً عربياً ودولياً واضحاً. الرئيس سلام يدرك أنه ليس ساحراً، لكنه أيضاً ليس تابعاً... وهو بذلك يعطي الأمل بأن هناك بعد في لبنان من يؤمن بالدولة والمؤسسات.
فهل ينجح نواف سلام في كسر منظومة الفساد؟ وهل يسنده الداخل والخارج في هذا المسار الصعب؟
الأيام المقبلة ستجيب، لكن الأكيد أن لبنان بحاجة إلى رجال دولة... لا رجال تسويات، والرئيس سلام يبدو أنه اختار أن يكون من الصنف الأول.