الراعي: الانتخابات وسيلة لاحداث الفرق بين الحاضر والمستقبل ولا يحصل ذلك من دون كثافة الاقتراع

قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس أحد الشعانين:" نرجو أن يكون العيد مباركًا، وفاتحة خير عليكم وعلى أطفالكم الذين يعيشون، وهم أبرياء، في الفقر والحرمان والعوز، بسبب الأزمات السياسيّة والإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة، التي تسبّب بها الكبار من المسؤولين السياسيّين."

وتابع:" في كلّ حال ظهرت في هذا الأسبوع تباشير ثلاثةهي: إعلان زيارة قداسةِ البابا فرنسيس للبنان في حزيران المقبل؛ الاتّفاقُ المبدئيُّ مع خبراءَ صندوقِ النقدِ الدُولي؛ عودةُ سفراءَ الدولِ الخليجيّةِ إلى لبنان. وإذ تأتي هذه الخُطوات الإيجابيّةُ بينما تَحصُل تطوّراتٌ مهمةٌ على الصعيدين الإقليميِّ والدُوليّ، نأمل أن تستفيدَ منها الدولةُ اللبنانيّةُ وُتوظّفُها في الإطارِ الوطنيِّ دون سواه.إنّ زيارة قداسةِ البابا فرنسيس،تأتي في سياقِ سعيِّ الكُرسي الرسوليِّ إلى مساعدةِ لبنان للخروجِ من أزْمتِه العميقة، وإبقائِه بين منظومةِ الأممِ الديمقراطيّة. وهي تُكمِّلُ سلسلةَ الزياراتِ البابويّةِ التي قام بها تباعًا القديس البابا بولس السادس في طريقه إلى الهند سنة 1964، والقديس البابا يوحنا بولس الثاني سنة 1997 لتوقيع إرشاده الرسوليّ "رجاء جديد للبنان"،والبابا بِنديكتوس السادس عشر سنة 2012. تُشكّل زيارةُ البابا فرنسيس بركةً للشعبِ وأملًا للوطن ومنبّهًا للمسؤولين. فالبابا حريصٌ على أن يَتمتَّعَ لبنانُ بحوكمةٍ رشيدةٍ وبجماعةٍ سياسيّةٍ تَضع الصالحَ العامَّ فوقَ كلِّ اعتبار. وهو مدرك بالتقصيرَ الحاصلَ في التصدّي بجرأة وجِدّيةٍ لقضايا الشعب، وبالتردّدَ في تجاوبِ الدولةِ مع المساعي الدُولية. إنّنا ندعو اللبنانيّين للاستعداد نفسيًّا وروحيًّا لاستقبال قداسته بالفرح والرجاء."

واضاف:" بالنسبة إلى الاتّفاقِ المبدئيّ بين لبنان وصندوقِ النقدِ الدُوليّ، فإننا ننتظر من الحكومة ومجلس النواب الإسراع في إقرارِ القوانينِ التطبيقيّة لهذا الاتّفاقِ ولإجراء الإصلاحاتِ المتّفق عليها كأساس وشرط للحصول على المال اللازم. وفيما نَتطلّعُ إلى إصلاحاتٍ تَضمَنُ مصلحةَ اللبنانيّين لاسيّما المودِعين، وتَحمي خصوصيّاتِ النظامِ الاقتصاديِّ اللبنانيِّ الحرّ، وتعبّر عن جدّية الدولة اللبنانيّة ومصداقيّتها، نأمل بالمقابل أن ترتفع قيمة الـثلاثةِ ملياراتِ دولارٍ المُقسَّطةٍ على أربعِ سنوات، لكونها لا تتناسبُ مع الفَجْوةِ الماليّةِ ومع الحاجاتِ الاقتصاديّةِ والمعيشيّةِ والاجتماعيّة. "

وقال:" أمّا عودة سفراء دول الخليج، وفي مقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الكويت، فإنّها تعود لتشدّ عرى الصداقة والتعاون بين هذه الدول ولبنان. فلبنان صديق مخلص لها، وعشرات الألوف من اللبنانيّين يعملون فيها، ويسهمون في نموّها وازدهارها بخبرتهم وإنجازاتهم، والسلطات المحليّة من جهتها تقدّر نشاطهم وإخلاصهم. وإنّ هذه العودة تُشعر لبنان بأنّه عضو فاعل في الأسرة العربيّة وجامعتها.ونزيد على هذه التباشير، السير الجدّي في إعداد الإنتخابات النيابيّة في 15 أيّار المقبل فإنّها وسيلة لإحداث الفرق بين الحاضر والمستقبل، بتكوين مجلس نيابيّ يحقّق حلمالتغييرِ وإرادةَ الشعب. ولا يحصُل ذلك من دون كثافةِ الاقتراع. واجبُ المواطنين اللبنانيّين أن يمارسوا حقَّهم، بل دورَهم في نهضة الوطن. فالانتخاباتُ النيابيّةُ مسؤوليّةٌ وطنيّةٌ في ظروف تحتاج إلى تجديدِ الحياةِ السياسيّةِ والجماعةِ السياسيّةِ وتغييرِ الأداءِ والخِيارات. فلتكن هذه الانتخاباتُ وسيلةً ديمقراطيّةً لمحاسبةِ الـمُخطِئين والفاشلين والفاسدين، وانتخابِ أصحابَ المواقفِ الثابتةِ والطروحات الإنقاذيّةِ والخِياراتِ الوطنيّةِ التي شكّلت علّةَ وجودِ لبنان ونجاحِه في ما مضى، وفي طليعتها معالجةُ الوضعِ المعيشيِّ والاجتماعيِّ والتربويِّ، والعودة إلى الحياد، وتحقيق اللامركزيّةُ الموسَّعةُ، والمطالبة بمؤتمر دُوليّ إصلاحيّ،وتعزيز الانتماء العربيّ والانفتاح العالميّ. نريد أن يخرجَ من صناديق الاقتراعِ لا أسماء النوابِ فقط، بل هُويّة لبنان."