المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الخميس 18 أيلول 2025 14:17:25
انطلق العام الدراسي في المدارس الرسمية متعثراً جراء الحسابات الخاطئة وعدم إلمام الإدارة بواقع المدارس الرسمية على الأرض. فقد سبق وأن حددت وزيرة التربية ريما كرامي يوم 15 أيلول الجاري آخر موعد لتسجيل الطلاب وبداية الدروس. لكن الوقائع على الأرض أتت مغايرة للتوقعات. لم يبادر أهالي الطلاب إلى التسجيل (إذ لم يعتادوا بداية مبكرة للعام الدراسي في المدرسة الرسمية) ولا المدارس كانت جاهزة لبدء التدريس. فضلًا عن تعثر بَدْء التدريس في القرى الحدودية عقب قرار وقف التعليم عن بُعد ولجوء الإدارات إلى تجهيز مبان للطلاب.
تجهيز المدارس في القرى الحدودية
عندما وضعت كرامي خطة انطلاق العام الدراسي التي تضمنت زيادة وقت حصص التعليم وبداية الدوام الرسمي قبل 20 يوماً عن المواعيد المتعارف عليها في المدارس الرسمية، لم تكن مدركة للعديد من العقبات التي من شأنها إعاقة انطلاق العام الدراسي. ووفق مصادر مطلعة، عندما اجتمعت كرامي مع ممثلي روابط المعلمين ناقشوها في عدم جدوى زيادة وقت الحصة خمس دقائق لأنها ستكون مربكة للإدارات والأساتذة، ولأن تمديد الدوام يتعارض مع دوامات مدارس بعد الظهر للطلاب السوريين ومع المدارس التي تستخدم لتعليم طلاب الثانوية في الفترة المسائية. لكن لم تنصت إليهم بل قررت المضي بخطة وضعها بعض المستشارين على الورقة والقلم.
وعليه انطلق العام الدراسي يوم أمس لكن ليس في جميع المدارس، التي ما زالت غالبيتها تسجل الطلاب وتجري امتحانات دخول، أو ما زالت تبحث عن أساتذة لاستكمال الدوامات. وعليه عادت كرامي ومددت مهلة التسجيل إلى مطلع الشهر المقبل، كي يتسنى للأهالي مواصلة تسجيل أبنائهم. لكن مدارس القرى الحدودية ما زالت غير مؤهلة لإطلاق العام الدراسي، وتعمل الإدارات على تجهيز مبانٍ لنقل مدارسها. ففي حولا بدأت الإدارة أمس وضع غرف جاهزة في أطراف البلدة لاستخدامها كمدرسة، وهذا الحل لجأت إليه مدرسة وثانوية ومهنية ميس الجبل، التي تعمل على تشييد مجمع تربوي مؤلف من غرف جاهزة.
الدوام المدرسي غير منتج
بالإضافة إلى مشكلة تعثر انطلاق العام الدراسي في كل لبنان، تواجه كرامي معضلة الدوام المدرسي، وسط ترجيحات بالعودة إلى الدوام القديم، أي عدم رفع وقت الحصة إلى خمسين دقيقة. ووفق المصادر، ستجتمع روابط المعلمين مع نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري بحضور كرامي قريباً. وستعود الروابط وتطرح ضرورة تعديل طريقة العمل وتوحيد الدوام المدرسي والعودة عن زيادة خمس دقائق على الحصة.
وتشرح المصادر أن الدوام حدد بثلاث حصص تليها فرصة لعشرين دقيقة ثم حصتين يليها فرصة لعشر دقائق وتتبع بحصتين. والنتيجة كانت أن الدوام المدرسي طال لغاية الساعة الثالثة بعد الظهر ما يؤثر على الدوام المسائي الذي يبدأ عند الساعة الثانية. كما أن تخصيص فرصتين في وقت قصير أدى إلى إرباك في كيفية تنظيم الطلاب ولا سيما في المراحل الابتدائية، فعشر دقائق للفرصة غير كافية لإعادة الطلاب إلى الصفوف، فكيف لهم أن يتناولوا وجبات الطعام وقضاء حاجاتهم؟ تسأل المصادر، وتقول: إن زيادة الدوام بحجة محاولة ردم هوة الفاقد التعليمي أدت إلى عكس الهدف منها. فالإرباك الذي تعيشه الإدارات فيه إضاعة للوقت أكثر من السابق، لأن الحسابات على الورقة والقلم شيء والواقع على الأرض شيء آخر.
وتضيف المصادر أن توزيع الحصص بين 50 دقيقة صباحاً و45 دقيقة بعد الفرصة الثانية أدى إلى انعدام العدالة في كيفية تعليم الطلاب، بمعنى أنه بات طالب في مدرسة معينة يتعلم الرياضيات لخمسين دقيقة في حين يتعلم طالب آخر في مدرسة أخرى يتعلمها لـ45 دقيقة. وهذه الأمور ظهرت على أرض الواقع ولم تأخذها الوزارة في الحسبان عند وضع الخطة. وهذا يشبه تماماً ما سبق وأقدم عليه المستشارون في عهد الوزير عباس الحلبي عندما وضعوا خطة على الورقة والقلم من دون معرفة الوقائع على الأرض ومن دون استشارة الإدارات المعنية، ثم اصطدم بالمعوقات اللوجستية ثم عدّل الخطة.
لا إقفال للمدارس المتعثرة
أمر آخر ظهر في اليومين الأخيرين كشف مشكلة المدارس المتعثرة، والمقصود هو المدارس التي ليس فيها عدد طلاب كاف لافتتاح مدرسة. ومثل سلفها وزير التربية السابق عباس الحلبي، لن تقدم كرامي على إقفال أو دمج أي مدرسة متعثرة مع مدرسة أخرى. وفضلت تأجيل هذا الاستحقاق الذي من شأنه تفجير أزمات مناطقية وطائفية. وفي التفاصيل، هناك العديد من المدارس والثانويات طلابها يعدون على أصابع اليد، وهي مصنفة متعثرة. وعلى سبيل المثال، لم يبدأ العام الدراسي في ثانوية صبحي المحمصاني في بئر حسن لأن عدد الطلاب المسجلين يقارب الـ15 منهم عشرة في البكالوريا، وموزعون على قسمين. وتسجل في الصف الأول ثانوي طالبان، وكذلك الأمر في الصف الثاني ثانوي. ويعود السبب إلى عزوف الأهالي عن تعليم أولادهم المنهج الفرنسي. وعليه، إن عدم دمج مثل هذه المدارس ينطوي على هدر كبير، لأن عدد الأساتذة سيفوق بكثير عدد الطلاب.