السعودية على التزاماتها بمساعدة لبنان...طبقوا الطائف ولو على حساب السلطة!

عقب جريمة تفجير مرفأ بيروت في آب 2020 حدّد ولي العهد السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ثوابت المملكة في الكلمة التي ألقاها لمناسبة انعقاد الدورة 75 للأمم المتحدة في نيويورك دعماً للشعب اللبناني، حيث وصف حزب الله بالإرهابي واعتبر أن الحل يكون بنزع سلاحه. موقف إن دل على شيء فهو تتويج حزمة الثوابت السعودية إزاء لبنان وانحياز مباشر إلى المؤسسات الدستورية. وحتى اللحظة التي يتردد في كواليس بعض الغرف السوداء والصالونات السياسية كلاماً عن انسحاب السعودية من لبنان أو تراجعها عن التزاماتها، لا تزال المملكة حاضرة بقوة في كل المحطات المصيرية كما كانت عليه منذ نهاية الستينات وإلى ما بعد الحرب الأهلية فيما سُمي بمرحلة إعادة الإعمار مرورا بالمحطة الأساس وهي اتفاق الطائف عام 1989 الذي دخلت بنود أساسية منه على شكل تعديلات دستورية.

ومع أن الطائف رسم خارطة طريق للإصلاحات ومفهوم السيادة إلا أن شيئا من هذين الشقين الواردين فيه لم يطبّق. لا بل ثمة محاولات عديدة للإلتفاف على الطائف من خلال الدعوات المتكررة لفريق الثنائي الشيعي وآخرها وليس أخيرها دعوة العشاء التي وجهتها السفيرة السويسرية لشخصيات سياسية وفكرية وثقافية  من الممانعة والمعارضة .

هنا استشعرت السعودية خطراً من أن يتحول هذا العشاء الى منصة للحوار اللبناني – اللبناني تنتج عنه تسوية للأزمة اللبنانية تكون بديلاً عن اتفاق الطائف في ظل الخلاف الأميركي – السعودي الأخير. وعليه، أعلنت عبر سفيرها في لبنان وليد بخاري عن التحضير لعقد مؤتمر في الخامس من تشرين الثاني المقبل أي بعد خمسة أيام على نهاية عهد الرئيس ميشال عون في قصر الأونيسكو تحت عنوان"الطائف 33 الميثاق الوطني اللبناني".

شهود الطائف سيحضرون ومن أبرزهم الرئيس حسين الحسيني و الأخضر الابراهيمي الذي تولى رئاسة اللجنة الثلاثية العاملة على خطوط التماس اللبنانية في العام 1989. إضافة الى النواب الذين شاركوا في اجتماعات الطائف وعدد من النواب والوزراء والشخصيات الفكرية من كل الأطياف والأفرقاء. فهل كان عشاء السفارة السويسرية المحفّز الأول لتحرك المملكة السعودية وعقد المؤتمر المزمع، أم أن ثمة رسائل تريد السعودية إيصالها إلى السياسيين وتحديدا إلى القوى التي لا تزال تسعى جاهدة للإلتفاف على الطائف من خلال طرح ندوات وحوارات في حين أن المطلوب واحد: تطبيق بنود الطائف!.

المدير التنفيذي لـ"رؤية العوربة" نوفل ضو ينطلق في كلامه عن ثبات الدور السعودي في لبنان معتبرا "أن ما يتردد اليوم عن انسحابها من لبنان أو تراجعها عن التزاماتها أو أنها في صدد عقد صفقة على حساب لبنان يهدف وبكل أسف للتنصل من اتفاق الطائف". ويؤكد عبر "المركزية" "أنه في الذكرى 33 على توقيع اتفاق الطائف لا تزال المملكة العربية السعودية متمسكة برعاية التوافق بين اللبنانيين وبهوية لبنان العربية والعيش المشترك من خلال الإصلاحات الدستورية وسيادة لبنان من خلال خروج الجيوش الأجنبية منه وحل الميليشيات.وهذه الثوابت وردت في اتفاق الطائف وما على اللبنانيين إلا تنفيذها".

المؤتمر المقرر عقده في الأونيسكو سيكون واحدا من المحطات المفصلية للدور السعودي في لبنان بحيث سيحمل  رسائل عدة مفادها "أن السعودية تقف إلى جانب لبنان ومساعدة شعبه إذا أراد أن يحافظ حكامه ومسؤولوه على الهوية، وصون العيش المشترك وكذلك في عملية السيادة التي تتردد على لسان وزير خارجية المملكة وملكها وولي العهد في كل مناسبة". والأهم يضيف ضو أن السعودية تريد التأكيد من خلال مؤتمر الأونيسكو أنها لا تزال على التعهدات التي قطعتها للشعب اللبناني وستعمل بما لها من ثقل عربي على لعب دور رعاية الطائف".

ايضاً من الرسائل التي ستوجهها السعودية إلى لبنان في مؤتمر الطائف 33 التأكيد أن الكرة في ملعب اللبنانيين لتطبيق الطائف "وهي جاهزة للمساعدة إذا ما طلبوا منها ذلك ، وستؤكد من جديد وبشكل واضح أنها ليست في صدد عقد أي صفقة على حساب لبنان".

لكن هل يتعظ من تجاهل تنفيذ بنود الطائف لا سيما في ما يتعلق بنقطتي السيادة والإصلاحات من خلال مؤتمر في الذكرى 33 على توقيعه، أم تكون هناك عملية التفاف جديدة ودعوة "عشاء مبطنة أخرى"؟ " الإلتفاف على الطائف على غرار ما حصل في الدوحة غير وارد ولا أحد عربيا أو دوليا مستعد للدخول في هذه المتاهة. ربما يستطيع الإحتلال الإيراني ضرب الطائف وإفراغه من مضمونه ومنع تنفيذه بقوة السلاح لكنه غير قادر على إنتاج صيغة جديدة تضمن سيادة لبنان. ما يسعى إليه الإحتلال الإيراني هو تغيير هوية لبنان وصيغة العيش المشترك المؤمنة من خلال المناصفة للوصول إلى المثالثة لكن كل المؤمنين بالطائف سيقفون في وجه مثل هذه الدعوات والمؤتمرات والحوارات".

عمومًا "كلن مع الطائف" فلماذا لم يطبق بعد مرور 33 عاما على تنفيذه؟ " كل من يوقع على صفقات على حساب الدستور وآلية المؤسسات وتحت شعار حماية الأمن والمؤسسات إنما يضرب الطائف السعودية ليست مسؤولة عن تصويب البوصلة . هي تحاول أن تذلل كل الشكوك المتعلقة بوجود صفقة على حساب لبنان والتأكيد على التزاماتها في رعاية الوفاق الوطني وسيادة لبنان لكن الواضح أن الكل ينادي بالوفاق الوطني ويرفع شعار اتفاق الطائف لكن السلطة أولوية لدى الحكام وإذا كان الوصول إليها من خلال الإلتفاف على الطائف فلن يتأخروا"يختم ضو.