السنة الدراسية مهدّدة ... وفصل جديد من العبث بالتعليم!

كتب ابراهيم حيدر في النهار:

يسلك التعليم الرسمي مع انتهاء عطلة الأعياد مساراً مختلفاً بعد تلويح الأساتذة بالإضراب والمقاطعة مجدّداً طلباً لتحسين ظروفهم المعيشية عبر زيادة الرواتب ومنح الحوافز بالدولار، في الوقت الذي تحاول فيه وزارة التربية إيجاد حلول للأزمة المالية وتوفير مقوّمات استكمال السنة الدراسية. وفي المقابل يستعدّ أساتذة الخاص لتنفيذ سلسلة من التحركات بعد 8 الجاري ورفعت نقابتهم مطالب تتعلق بتحسين أوضاعهم ومساواتهم بالتقديمات التي يحصل عليها أساتذة الرسمي انطلاقاً من وحدة التشريع بين القطاعين.

التعليم عامة يمر بأسوأ أزمة في تاريخه سببها الانهيار في البلد والتراكمات المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات. فإذا قرر المعلمون مجدداً المقاطعة فسنكون أمام منعطف جديد يحمل الكثير من الأخطار على المدرسة ويزيد من نسبة الفاقد التعليمي، ويهوي بهذا القطاع إلى منزلقات ليس من السهل الخروج منها.

ومنذ انطلاق السنة الدراسية في التعليم الرسمي، في تشرين الثاني الماضي، التي تأخرت نحو شهر تقريباً بسبب الإضرابات وأدّت إلى خسارة المدرسة الرسمية نحو 20 في المئة من تلامذتها، ها هي المدرسة أمام تحدٍّ جديد للاستمرار في التعليم، فقبل أسبوعين من الدخول في العطلة أضرب الأساتذة تحذيراً لمدة يومين كل أسبوع، ملوّحين بمقاطعة مفتوحة ما لم يحصلوا على منح الجهات المانحة بالدولار، وهو ما يعلّق مجدداً الدراسة ويدفع الكثير من التلامذة للبحث عن بدائل في الخاص، ويطرح في المقابل تساؤلات عن الطريقة التي يقارب بها الأساتذة تحركهم والجدوى منه، وما إن كان يحقق فعلاً أهدافه في ظل الفوضى السائدة التي تطيح كل القطاعات.

تتجه الأمور في قطاع التعليم إلى تكبيل السنة الدراسية، أولاً بفعل الانهيار في القدرة المعيشية للمعلمين، وثانياً بسبب عدم وجود حكومة قادرة على تلبية المتطلبات التي تؤمن العيش الكريم لهم. يطرح هذا الواقع تساؤلات عمّا إن كانت وزارة التربية هي الجهة المسؤولة عن تأمين الأموال للأساتذة وتوفير مقوّمات استمرارهم، ما دامت الأزمة لا تقتصر على المعلمين بل تشمل كل القطاع العام وموظفي الإدارة. وهؤلاء، أي الموظفون، كانوا قد طالبوا بمنحة الدولار الأميركي التي أمّنها وزير التربية العام الماضي من الجهات المانحة لكنها هذه السنة لم تُمنح حتى الآن بسبب خلافات سياسية وعقبات قانونية تتخطى وزارة التربية، خصوصاً تحويل قرض البنك الدولي إلى حوافز للأساتذة من خلال قانون يصدر عن مجلس النواب.

تأمين حوافز الـ130 دولاراً للأساتذة لم يتحقق حتى الآن، علماً بأنهم نالوا راتبين إضافيين كسائر الموظفين لكن قيمتهما تبخرت بعد رفع سعر دولار صيرفة إلى 38 ألف ليرة. وفي المعلومات، إن وزير التربية عباس الحلبي يسعى مع الجهات المانحة ومع رئيس الحكومة ووزير المالية إلى صرف منح للأساتذة عبر تحويل المبلغ الباقي من قرض البنك الدولي البالغ 50 مليون دولار لهم، إلا أن الأمر تعقد في وزارة المال، ولم يعد متاحاً صرفه إلا عبر مجلس النواب، علماً بأن الحلبي أجرى اتصالات، تبعتها لقاءات مع بعض الجهات المانحة قد تؤدّي إلى توفير حوافز جديدة للمعلمين تضاف إلى ما تم تحصيله من اليونيسف لدعم صناديق المدارس.

الأزمة مرشّحة للانفجار ما لم يتدارك كل المعنيين بالقطاع التربوي الأخطار التي تهدّد التعليم. فبعد شهرين من التعليم في الرسمي وثلاثة أشهر في الخاص، والرهانات على استكمال السنة بتعويض الفاقد التعليمي، توضع المدارس أمام تحدٍّ جديد، يمكن أن يؤدّي إمّا إلى هلاكها أو تحمّل المسؤولية لإنقاذ ما بقي. فتصويب التحرّك المطلبي للأساتذة رغم شدّة الأزمة يجب أن يؤخذ في الاعتبار، ذلك أن تمنّع أساتذة كثر عن الذهاب إلى المدارس أو المقاطعة الشاملة سيحدث قطيعة مع التعليم، لا يؤدّي فقط إلى تراجع المستوى أو خسارة تلامذة أو إقفال مدارس بل هلاك المدرسة الرسمية التي يدفع البعض في السلطة إلى إنهائها.