الشيباني لم يزُر برّي: رسالة سياسية تجاه الثنائي؟

تفاوتت القراءات حيال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبيروت، بعدما شكل استثناؤه رئيس المجلس نبيه بري من لقاءاته الرسمية الحدث الأبرز، لما حمله هذا الاستثناء من دلالات ورسائل سياسية، مزدوجة الاتجاهات. أحدها إلى السلطات اللبنانية التي اختصرها الشيباني بالسلطة التنفيذية الممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فيما ذهبت الثانية في اتجاه الثنائي الشيعي، وإن كانت في الأساس موجهة في شكل خاص ومحدد إلى "حزب الله"، ومفادها أن سوريا الجديدة لم تطوِ صفحة الصراع معه وعدم طلب موعد للشيباني من رئيس المجلس يهدف إلى إبلاغ الحزب بهذه الرسالة، بحيث لم يميّز الرئيس الجديد للديبلوماسية السورية في أول زيارة رسمية لمسؤول سوري منذ سقوط نظام الأسد، بين موقع بري رئيساً للبرلمان وبين بري رئيس حركة "أمل" والضلع الثاني في الثنائية الشيعية.

تعاملت أوساط بري ببرودة مع زيارة الشيباني وقللت من شأن عدم زيارته عين التينة وعدم طلب موعد لذلك. لم تعلق على الخلفيات السياسية التي تردد أنها وراء عدم حصول الزيارة، معتبرة أنه ربما يكون للوزير أسبابه، و"نحن نحترم ذلك"، ولا سيما أن الزيارة تأتي ربما رداً على زيارة رئيس الحكومة لدمشق، وتتصل بملفات أمنية قضائية.

لا بد من التذكير بأن علاقة بري بنظام بشار الأسد لم تكن في أحسن أحوالها، إن لم يكن الأصح القول إنها كانت في أسوئها. لم يخفِ بري ارتياحه لسقوط ذلك النظام، من دون أن يفتح هذا الأمر صفحة جديدة في العلاقة بين الزعيم الشيعي ونظام الشرع.

لا يفوت هذه الأوساط التذكير بأن الزيارة التي كانت مقررة قبل أسبوعين وتأجلت، تمت برعاية ودعم سعودي واضح بدأ قبل أشهر عندما استعاضت الرياض عن أول لقاء لبناني سوري في دمشق باستضافته في المملكة، حيث عقد في تموز الماضي اجتماع أمني برعاية وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان يعاونه المبعوث السعودي إلى لبنان والممسك بالملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان، وقد حضر عن الجانب اللبناني مدير المخابرات العميد طوني قهوجي وعن الجانب السوري نظيره حسين السلامة.

أول الاهتمامات السورية تمثلت بالملف الأمني ولا سيما ما يتصل بوضع الحدود بين البلدين. وقد تطورت اللقاءات التنسيقية في هذا الشأن برعاية سعودية لم تتوقف بهدف ضبط الأوضاع الأمنية في ظلّ الهشاشة الأمنية على الجانبين. وسبق ذلك توقيع وزيري الدفاع اللبناني ميشال منسى والسوري مرهف أبو قصرة اتفاقاً لترسيم الحدود في مدينة جدة. وحتى زيارة الشيباني التي تأتي بعد اجتماعات تنسيقية سابقة بين البلدين، أعطت الأولوية لملف الموقوفين السوريين في لبنان، من دون إغفال البعد السياسي الرامي إلى استعادة العلاقات بين البلدين مستواها التمثيلي الديبلوماسي بحيث أعلن عن تعليق العمل بالمجلس الأعلى اللبناني السوري، كما أعلن عن عزم سوريا على تعيين سفير جديد لها في بيروت.

يبقى أن المرحلة الثانية من البحث ستتناول الاتفاقات الثنائية التي تم توقيعها في زمن الوصاية وكانت في غالبيتها مجحفة في حق لبنان. والسؤال: هل ستعبّد مسألة تعديل الاتفاقيات التي ستحتاج إلى تشريعات جديدة الطريق نحو عين التينة؟