الصحة النفسية للصحافيين في زمن الازمات... هل من داعٍ للقلق؟!

برزت الصحة النفسية وكثر الكلام عنها بعد انتشار جائحة كورونا، وعن مدى تأثيرها المباشر على الجسد ونتائجها المدمّرة أحيانًا لارتباطها الوثيق بالاسرة والمحيط والعمل.

إلا أن هذا الجزء من الصحة موجود قبل ظهور الوباء المستجدّ، لذلك فلنتحدث في هذه السطور عن الصحة النفسية بجزئها المتعلّق بالصحافيين خصوصًا في زمن الازمات مع مشاهد الحروب والاشلاء والدماء...القصص المأساوية.. والتهديدات، دون أن ننسى أيضًا الصحفي الجالس خلف مكتبه الذي يراه البعض في مهنة "مُريحة" يُحسد عليها في الكثير من الأوقات. ولكن السؤال المطروح ماذا عن نفسيّته؟ أيُعقل أن تكون بخير بعد كل هذه الضغوطات؟

موقع Kataeb.org  تحدث عن هذا الموضوع مع الاختصاصي في التنمية البشرية جوزيف فغالي، الذي رأى ان الصحفي يتعرّض اليوم أكثر من أي وقت مضى للكثير من الضغوطات وفي بعض الاحيان يواجه حملات التنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مواقفه وتصرّفاته، الى جانب طبعًا التعب الجسدي والتعامل مع عدة أفرقاء ما يؤثر على نفسية الشخص، فكيف بالحري إذا كان محيطه يواجه كل أنواع الضغوط؟

وبالنسبة لفغالي هناك العديد من الطرق التي قد تساعد الصحفي على التخفيف من وطأة الضغوط على النفس، منها الالتزام بروتين معيّن في حياته، أي تنظيم طريقة العيش من موعد النوم الى الخروج مع العائلة والاصدقاء وصولًا الى الشقّ المالي، لمواجهة الفوضى الموجودة حوله.

واضاف:" من المهم أيضًا أن يشرح الصحفي لمحيطه وعائلته ما يتعرّض له من كبت نفسيّ كبير في هذه الظروف وان يختار الاشخاص المناسبين لدعمه، لان في حال عاد الصحفي الى منزله بعد ضغوط العمل ولم يجد من يسمعه أو من يعطيه الطاقة الايجابية لمواجهة الواقع وتشجيعه على الاستمرار بمسيرته المهنية بالرغم من كل ما يمرّ به، فذلك سيعرّضه لسقطة نفسية ستؤثر عليه بشكل كبير خصوصأ وان الازمات تكبر يومًا بعد يوم".

وردًا على سؤال، حول مدى قدرة المحيط على المساعدة في حين انه يتعرّض بدوره للضغوط، فقال:" لا يمكن للانسان ان يعتمد 100% على نفسه من دون مساعدة المجموعة فهذا وهم وصعب جدًا، إذ يمكن للانسان ان يتحمّل 80% من الضغط من خلال اساليب عديدة يعتمدها إلا ان نسبة الـ 20% المتبقية هي من مسؤولية الآخرين للعب دورهم في التقدير والوقوف الى جانبه، وهذه العملية لا تكلّف شيئًا إنما تقتصر على مشاركة الهموم وتحويلها الى مزحة أحيانًا، فنحن هنا لا نبحث عن حلٍّ للمشكلة إنما استعادة الطاقة للمواجهة من خلال الدعم المقدم، وهذا يكون عبر مكالمة هاتفية بسيطة ربما".

وتابع شرحه، قائلاً:" اضافة الى كل ذلك، على الصحافي ان يكون على دراية بما سيواجهه في هذه المهنة من ضغوط وتعب نفسي ليستطيع الاستمرار فيها، بمعنى أنه يجب ان يتحمّل المسؤولية دون تذمّر لان هذه الضغوط ستصقل خبرته ومهاراته في هذا المجال، أما التذمّر فسيؤدي الى تدهور الصحة النفسية ".

واشار الى ان هذه الامور الثلاث يمكن ان يعتمد عليها الصحفي لتقوية صحته النفسية بوجه ما يتعرّض له في زمن الازمات إن كان على الصعيد المحلي أو العالمي.