العودة الطوعية للنازحين... تشابك وزاري-أمني وتقاذف مسؤوليات وعقم

تعقيدات كثيرة ومعطيات متشابكة بين المحلي والاقليمي والدولي ما زالت حتى اليوم تحيط بملف عودة النازحين السوريين في لبنان الى بلادهم، على رغم استتباب الامن والاستقرار في سوريا بنسبة 90 في المئة. وليست الاسباب الخارجية السياسية فقط تقف عائقا امام العودة في ظل استمرار الوجود الاجنبي الروسي والتركي والايراني في البلاد، انما عوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة تضاف اليها لتزيد الازمة تعقيدا وتشابكاً.

 

في لبنان، دخل ملف العودة الطوعية للنازحين سوق التجاذب الوزاري بين وزيري المهجرين عصام شرف الدين والشؤون الإجتماعية هيكتور حجار، وخرج التنازع حول الصلاحيات فاقعا الى العلن. فأين اصبح وهل تم تحديد المهام والمسؤوليات؟ جوابا، يعتبر الوزير شرف الدين ان الملف من صلاحية الوزارتين.  في ما يتعلق بالشق السياسي، تم تكليف وزير المهجرين متابعة الملف مع الجانب السوري بشكل رسمي، أما وزارة الشؤون الاجتماعية فعليها، بحسب ما يقول الوزير شرف الدين لـ"المركزية"، ان تعنى حصرا بالقضايا المالية والتواصل مع مفوضية شؤون اللاجئين. من هذا المنطلق كان تنسيق شرف الدين مع الجانب السوري لا بد منه، ويصف زيارته الى سوريا لهذا الغرض بالناجحة. وفي إشارة الى تكليفه ضمنيا من الحكومة مجتمعة ومن لجنة عودة النازحين، يذكر شرف الدين انه أبلغ الأمانة العامة لمجلس الوزراء خطيا  بالزيارة وتلقى موافقة على اجرائها. 

 

ويدرج شرف الدين وضع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار في مواجهته إعلاميا في اطار ايهام الرأي العام ان ثمة خلافا بين الرجلين في حين ان التنسيق يينهما كان قائما،  والغاية من هذه الحركة تأخير العودة الطوعية اذعانا لرغبة الدول المانحة والمفوضية العليا للاجئين، لا سيما بعدما تبين  ان الزيارة التي قام بها شرف الدين الى دمشق كانت ناجحة بكل المعايير، على حد قوله.

 

ويكشف شرف الدين ان الدفعة الثانية من السوريين النازحين العائدين الى بلادهم، والذين غادروا لبنان السبت الماضي، ضمت 300 نازح من الأشخاص المسجلين في القائمة الثانية التي اعدتها وزارته، وذلك بعدما عادت مئات الأسر، في 26 تشرين الأول الماضي، وكانت وزارة المهجرين هي التي أعدت اسماءهم أيضا.

 

اذن الوزارة  كانت تعمل  في المرحلة الثانية من العودة، عبر منسقيها في عرسال وفي الشمال. ويرى الوزير شرف الدين ان العودة الطوعية كانت لتكون انجح وبأعداد أكبر لو تمت المباشرة بها في أيارالماضي. أما الآن وقد أوكل الملف الى المديرية العامة للامن العام، فإن وزارة المهجرين تعلن استعدادها للعمل والمساهمة طوعيا، على ان تتضح مسار الامور في المرحلة القادمة.

 

وفي حين تعتبر المفوضية العليا للاجئين ان المديرية العامة للأمن العام  تقوم بالنيابة عن الحكومة اللبنانية بتيسير عودة السوريين المسجلين لديها لهذه الغاية، تقول  أوساطها لـ"المركزية" ان هؤلاء  أعربوا عن رغبتهم في العودة، لذا تحترم المفوضية حق اللاجئين الأساسي في العودة بحرية وبشكل طوعي إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي يختارونه.

 

وتلفت المفوضية الى أن عمليات العودة التي تتم بتيسير من المديرية العامة للأمن العام غير تابعة للمفوضية، الا انها تشارك فيها كجزء من وظيفتها المتصلة بالحماية والمساعدة، وذلك من خلال التواصل مع اللاجئين وتزويدهم بالمشورة عند الإمكان، والتواجد في نقاط المغادرة، قبل عودتهم.

 

وترفض أوساط المفوضية  التعليق لـ"المركزية" على الاخبار المتداولة عن عمليات اعتقال او تصفية طالت نازحين عائدين رغم التسويات الامنية المعقودة سابقا، معتبرة ان عدم تناولها لتلك الحالات الفردية هو لأسباب تتعلق بالسرية والحماية الشخصية.

وفي هذا السياق، يؤكد مصدر أمني لـ"المركزية ان حين يتضح ان هناك من هو  لاجئ سياسي في عداد النازحين، فإن على المفوضية ان تعمل على إيجاد بلد ثالث له. وهذا ما أثير بالتفصيل مع المفوض  السامي للاجئين من قبل المسؤولين اللبنانيين الذي اكدوا له حق لبنان بالتنسيق مع سوريا لعودة النازحين طبعا دون الرجوع للأمم المتحدة كون لبنان غير موقع على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. أما من يرغب من النازحين لأسباب سياسية في العودة الى سوريا، فله ان يتقدم بطلب  لمنحه العفو وغالبا ما يتم هذا الأمر.