القطاع العام على حساب القطاع الخاص.. فما مصير الأخير؟

يشتكي القطاع الخاص من زيادة الضرائب عليه من اجل تأمين رواتب موظفي القطاع العام بعد الزيادة التي أقرت لهم مؤخراً ، لكن السؤال كيف يمكن للدولة ان تمول زيادة الرواتب من دون زيادة الضرائب سيما واًن الجميع يحذر من طباعة الليرة ؟

فهل اصبحت اعادة هيكلة وترشيد القطاع العام امراً ضرورياً سيما وان هذا الامر هو احد مطالب صندوق النقد الدولي؟

والسؤال الأهم كيف يمكن للقطاع العام ان يعيش ضمن امكانياته ولا يتكل على القطاع الخاص؟

في هذا الإطار اوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث للديار أن القطاع العام ليس لديه اي امكانيات لا في لبنان ولا في أي بلد في العالم ،فهو لا يعيش الا على حساب القطاع الخاص لأن القطاع العام مداخيله تتأتى من جباية الضرائب التي يدفعها القطاع الخاص والموظفون الذين يدفعون ضريبة الدخل واصحاب العمل الذين يدفعون ضريبة على الارباح وبالتالي لا يمكن ان يعيش القطاع العام من دون القطاع الخاص فهو دائماً يعيش على حسابه.

ووفق مارديني المشكلة في لبنان ان القطاع الخاص هو الحصان الذي يجر العربة والقطاع العام هو العربة التي اصبحت ثقيلة جداً الى حد لا يمكن جرها، والمطلوب زيادة الاحصنة اي يجب تكبير حجم القطاع الخاص عبر حوافز معينة وفي نفس الوقت تصغير القطاع العام ليتمكن هذا البلد من الانطلاق ، مؤكداً ان خنق القطاع الخاص يؤذي القطاعين العام والخاص.

ورأى مارديني ان زيادة الضرائب على القطاع الخاص وعلى الشركات قد يؤدي الى تهشيلها واقفالها وبالتالي سينخفض عدد الشركات بينما تخفيض الضرائب يُحفّز على جذب الاستثمارات وجذب الشركات وزيادة عددها في لبنان مما يؤدي في المقابل الى زيادة مداخيل الدولة الضرائبية.

وفصل مارديني بين نسب الضرائب وبين المداخيل الضريبية وقال اذا خفضنا النسب الضريبية من الممكن ان تزيد مداخيل الدولة الضريبية لأن هذا الأمر يحفّز على دخول الشركات الى السوق اللبناني مشيراً الى أن الطريقة الوحيدة لزيادة مداخيل الدولة هي جذب الاستثمارات الذي لا يمكن ان يحصل اذا تمت زيادة الضرائب.

ورداً على سؤال هل اصبحت اعادة هيكلة وترشيد القطاع العام امراً ضرورياً سيما ان هذا الأمر هو أحد مطالب صندوق النقد الدولي ؟

أكد مارديني على ضرورة ترشيد القطاع العام سواء كان مطلباً لصندوق النقد أو لم يكن لأن حجم القطاع العام في لبنان كبير جداً بل هناك تخمة في القطاع العام وفي نفس الوقت لا يقوم باعطاء الخدمات الأساسية التي من المفترض أن يعطيها للمواطنين.

ووفق مارديني هذا العدد الكبير من الموظفين لم يؤد الى تحسين الانتاجية بل على العكس أدى الى ترهل أكبر وأكبر ولذلك برأي مارديني من الضروري خفض عديد موظفي القطاع العام على الأقل الى النصف وعندها يمكن زيادة الرواتب لهؤلاء الموظفين بشكل اكبر ،مشدداً على ضرورة فتح المجال للخروج الطوعي للموظفين من القطاع العام مشيراً ان هناك موظفين يرغبون في الاستقالة او ترك وظائفهم لأن رواتبهم لم تعد تكفيهم مشدداً على ضرورة اعادة هيكلة القطاع العام بعد ترشيقه وترشيده.

وأكد مارديني ان اعادة هيكلة القطاع العام وترشيده لا يمكن ان يتم اذا لم يكن هناك غطاء سياسي وحزبي ولم يكن هناك اجماع على هذا الموضوع ، مشيراً الى ان السواد الاعظم من الموظفين دخلوا الى القطاع العام على أساس المحسوبيات والطائفية والانتماء الحزبي والدوافع الانتخابية مشدداً على ضرورة التوافق بين جميع القوى السياسية من اجل ترشيد القطاع العام.

ورداً على سؤال كيف يمكن للدولة ان تمول زيادة الرواتب من دون زيادة الضرائب سيما ان الجميع يحذر من طباعة الليرة ؟

قال مارديني: "هذا الامر يمكن ان يتم عن طريق النمو فاذا كان لدينا نمو اقتصادي فسترتفع مداخيل الدولة ولا داعي ان نزيد النسب الضريبة اذا كان حجم الاقتصاد اكبر وعدد الشركات اكثر مشدداً على ضرورة ان تكون الاولوية في لبنان اطلاق النمو الاقتصادي الذي يتم من خلال سياسة ضريبية تحفيزية تستند على تبسيط النظام الضريبي وتخفيض الضرائب من اجل جذب الاستثمارات التي تعطي مداخيل اكبر للدولة".