الكشف عن خيوط شبكة الـ 12 التي تُحاكم في "العسكرية"...كيف تورّطت "الجماعة الإسلامية" مع "حماس"؟

تتشابه حركة "حماس" و"الجماعة الإسلامية" كما يتشابه غصنان خارجان من جذرٍ واحد. كلاهما نما في تربة عقائدية واحدة هي المدرسة الإخوانية، غير أن الرياح حملت كلّ غصن في اتجاه مختلف في السياق والميدان: "حماس" اختارت درب البندقية، فيما آثرت "الجماعة" طريق الدعوة والسياسة، بعد أن طوت صفحة ذراعها العسكرية ـ "قوات الفجر". ومع ذلك، ظلّ بينهما خيط فاصل لا يُرى لكنه حاضر. فرغم تباعد المسارين، ظلّ بينهما تاريخ من التأثير المتبادل، وخيط سميك من الودّ، يشدّ أحدهما إلى الآخر.

صحيحٌ أنه لم يصل الامتزاج يومًا إلى الانصهار العسكري بين "حماس" و "الجماعة"، أقلّه منذ اعتزال "الجماعة" العمل العسكري، لكن، الطرق التي تقاطعت في السابق، تطابقت في الصيف الفائت. ففي تموز، تمّ الكشف عن شبكة مؤلّفة من 12 إسلاميًا، أحدهم قاصر، يتوزع أفرادها بين منتمين إلى "حماس" وآخرين إلى "الجماعة الإسلامية". جرى توقيف 11 منهم في بلدة بتبيات ـ حمانا في قضاء بعبدا من قبل مخابرات الجيش اللبناني. وقد ضجّت وسائل الإعلام بشبكة بتبيات بعد توقيف الجيش عناصرها، وأثيرت المواقف حولها، إلّا أن خيوط القضية ظلّت خفية.

بحسب معلومات "نداء الوطن"، يتوزع أفراد الشبكة بين عشرة لبنانيين وفلسطينيَيْن يحملان الجنسية الأردنية. خيوط الشبكة تمتدّ من المخيّمات الفلسطينية إلى أعالي المتن، وهناك شبهات بخيط اتصال مع "خلية الفوضى" في الأردن، حيث ضلع آخر من أضلاع "حركة الإخوان المسلمين"، إضافة إلى تأكيد بوجود خيط آخر مع معسكرات تدريب لـ "حماس" في سوريا. وقد اجتمع أفرادها في مسار واحد بقصد النيل من سلطة الدولة اللبنانية وهيبتها وتعريضها للخطر، بحسب ما جاء في مطالعة المحكمة العسكريّة، وفي القرار الاتهامي، انتهى بهم جميعًا خلف القضبان، باستثناء واحد لا يزال متواريًا عن الأنظار حتى الساعة، وثلاثة آخرين مجهولي الهوية.

ثلاثة أشقاء هم ز.ي.ي.، وح.ي.ي.، وج.ي.ي.، أوقفوا وجاهيًا بتاريخ 12 آب الفائت، إلى جانب لبناني آخر هو س.د.م.ط. وبعد حوالى أسبوعين، وتحديدًا في 28 آب، طالت التوقيفات الوجاهية شقيقين هما ب.م.ع.، وه.م.ع.، بينما بقي والدهما م.ع.ع. طليقًا ولا يزال، بسبب تواريه عن الأنظار، وقد صدرت بحقه مذكّرة توقيف غيابيًا. وفي اليوم ذاته، أي في 28 آب، أوقف شقيقان وجاهيًا، هما أ.م.ر.، وح. م.ر.، إضافةً إلى غ.م.أ.ق.، وجميعهم لبنانيون. أمّا الحلقة الأخيرة من الشبكة، فهي ابنا عم فلسطينيان يحملان الجنسية الأردنية، هما م.ح.ش.، وا.م.ش، وقد أوقفا بدورهما وجاهيًا في 28 آب الفائت. وثمّة حلقة لا تزال مفقودة، قوامها مسؤول عسكري في الجماعة الإسلامية ملقب بـ "أبو خالد"، ومسؤول ثانٍ ملقب بـ "أبو علي"، ومسؤول ثالث يدعى "أبو عماد" يُرجّح أنه قُتل، ورجل دين يستقطب الشبان تحت عنوان الدروس الدينية، ويستدرجهم للانخراط في الشبكة، لم تتمكّن مخابرات الجيش حتى الساعة من تحديد كامل هوياتهم.

وقد علمت "نداء الوطن"، أن مطالعة المحكمة العسكرية والقرار الاتهامي في شأن خلية الـ 12، اعتبرا أن الشبكة كانت تعمل للنيل من سلطة الدولة اللبنانية وهيبتها، وقد أقدمت بالفعل على حيازة ونقل أسلحة وذخائر حربية، وعلى إجراء رمايات وتدريبات عسكرية، وأعمال من شأنها تعريض لبنان لخطر عدوان.

قضية متشعّبة، تحتمل مجموعة أسئلة متشابكة، أهمّها: كيف انزلقت "الجماعة الإسلامية" إلى خندق العمل العسكري بكلّ ما يحمله من شبهات ومحاذير لا سيّما بعد اتفاق وقف إطلاق النار؟

هل عادت "قوات الفجر" إلى الواجهة بعد سنوات من الغياب؟

وما طبيعة الصلة بين "الجماعة" وذراعها القديمة "قوات الفجر"؟

ثمّ أين تقف "حماس" من هذا المشهد المتشابك؟

وهل ثمّة خيوط خفية تربط بين شبكة بتبيات ـ حمانا و "خلية الفوضى" في الأردن؟

ثمّ هل من صلة بين شبكة الـ 12 ومعسكرات تدريبية لـ "حماس" في سوريا؟

وهل التدريبات الأولية لشبكة الـ 12 جرت في المخيمات الفلسطينية أم خارجها وأين؟

ومن هو الشيخ الذي يلعب دورًا رئيسيًا في التجنيد؟

وبماذا أدان قاضي التحقيق أفراد الشبكة؟ وهل ينتمون إلى جماعات إرهابية؟

أسئلة كثيرة وملحّة تفتح أبواب الحلقة الثانية من هذه السلسلة، في محاولة لقراءة ما وراء شبكة الموقوفين الـ 12، ومن يحرّك خيوط اللعبة من خلف الستار.