الكهرباء على حالها... والاتفاقات المبرمة في خطر

كتب ميشال نصر في الديار: 

بات واضحا من خلال "خارطة" المعطيات والمواقف، ان لا حركة جدية في محور استحقاق رئاسة الجمهورية، الذي اضيفت جلسة الامس الى جلسات سابقة ولاحقة هي لزوم ما لا يلزم، باستثناء تمرير الوقت وتفتيت الجهود، حيث الامل الشبه مقطوع باخراج اي من الملفات من دائرة الكباش في ما تبقى من ايام للعهد، قبل دخول البلاد في الفراغ القاتل، حيث الحديث يتراوح عن اشهر عند اصحاب النظريات المتفائلة، وسنتين عند اولئك المتشائمين من المنظرين.

وعلى نار الوقت الضائع والدولار "الاخد مجده " جارا خلفه اسعار كل السلع واهمها المحروقات، وفي مقدمتها المازوت الذي بات سلعة حيوية، بعدما اضحت المولدات مصدر الطاقة الوحيد، خاب ظن اللبنانيين الذين تأملوا خيرا مع اعلان رئيس الجمهورية الموافقة على الاقتراح الاميركي للترسيم البحري، باعتباره الباب الالزامي لوصول الغاز المصري الى دير عمار والكهرباء الاردنية، قبل ان "يدوب الثلج ويبان المرج" وتسقط الاحلام. زاد من الكارثة تحول وزير الطاقة بشخصه الى ازمة، بعدما تردد ان رئيس الحكومة مصر على تغييره، فيما يتمسك رئيس التيار الوطني الحر به.

فرغم الحديث السابق عن ربط وضع الاتفاق مع مصر والاردن بتوقيع اتفاق الترسيم بين لبنان و "اسرائيل"، استنادا الى ما كان المح اليه الوسيط الاميركي اموس هوكستين اكثر من مرة خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، الا ان ذلك لم يحصل، حيث حمّل الاخير البنك الدولي مسؤولية التأخير، حيث انه وفقا لاوساط مواكبة للاتصالات، فان الضغوط الاميركية والفرنسية الممارسة لم تنجح في اسقاط الشرط الاساس للبنك الدولي لتمويل العملية، وهو تعيين الهيئة الناظمة للقطاع والعالق عند حسابات المحاصصة بين المسؤولين اللبنانيين، فضلا عن ان الادارة الحالية مترددة في تقديم الضمانات المطلوبة لكل من القاهرة وعمان في ما خص عقوبات قانون قيصر المفروض على سوريا، مرجحة ترحيل الموضوع الى ما بعد الانتخابات النصفية الاميركية. فالوزير فياض سمع في القاهرة الكلام نفسه الذي سمعه في المرات السابقة.

اما على الجبهة العراقية، فقد برزت خلال الايام الماضية وعلى خلفية انتخاب رئيس جديد وتعيين رئيس حكومة جديد، مخاوف من وقف العمل باتفاقية الفيول مع الدولة اللبنانية. وفي ما خص الاتفاق مع ايران ورغم كل الايجابيات المتداولة، التي أدت علاقة الوزير الشخصية بالجانب الايراني دورا فعالا، والحديث عن موافقة اميركية غير مباشرة، تؤكد مصادر متابعة ان طهران لم تبلّغ بعد الجانب اللبناني بالردود التي طلبها، لجهة المواصفات من جهة، وبنود الاتفاق.

اما المشكلة الكبرى التي كانت السبب في انفجار الازمة بسرعة، وهي التي كانت قائمة مع شركة "سوناطراك" وبالتالي مع الدولة الجزائرية التي ابلغت السلطات اللبنانية انها اتخذت الاجراءات اللازمة حيال موظفي الشركة المخالفين سابقا، مطالبة الحكومة اللبنانية باسقاط الدعاوى القضائية بحق الشركة في بيروت، ومحاسبة اللبنانيين المعنيين من مسؤولين واصحاب شركات دون ان تتخذ اي اجراءات لاكثر من ثلاث سنوات، وهو الامر الذي انفجر ازمة مستجدة في القاهرة مع تراجع وزير الطاقة الجزائري عن الدعوة التي وجهها لنظيره اللبناني بحجة ارتباطه بمواعيد سابقة، عارضا تحديد موعد جديد بالتنسيق بين الوزارتين، فيما الحقيقة تكمن في مكان آخر، عبرت عنه تغريدة الوزير السابق وئام وهاب، علما ان المصادر ذاتها تؤكد ان الاتفاق مع الجزائر سيساهم في رفع التغذية بنسبة كبيرة.

هكذا، وبحكم الامر الواقع، رحّل ملف الكهرباء، كما "اولاد خالته وعمومه" الى العهد الجديد، حيث مكتوب على اللبناني ان يكتوي بنار المولدات او بحريق شمعة الى ان يكتب الله الفرج، ويخرج هذا القطاع من شد الحبال بين فساد الداخل من جهة، وتنافس الخارج بمحاوره على الهيمنة على هذا القطاع للتحكم بجزء اساسي من قرار الدولة.