"اللبنانية": من لا يريد التعليم الحضوري فليستقل من الجامعة!

تعيش الجامعة اللبنانية أزمة وجودية يستحيل على الرسوم الجديدة المتوجبة على الطلاب انتشالها منها. ففي السابق، كانت رسوم مرحلة الإجازة الجامعية تصل بحدها الأقصى إلى نحو مئتي دولار سنوياً، ولم تكن تشكل إلا جزءاً بسيطاً من الموازنة حينها (نحو 3.2 بالمئة)، أما اليوم فباتت بعد رفعها تقدر بنحو ثلاثين دولاراً. ما يزيد فقر الجامعة المادي فقراً، رغم أن الطلاب في المناطق والأطراف، سيعتبرون الرسوم المعدلة مرتفعة.

الرسوم الجديدة
بعد تحديد الرسوم المعدلة للتسجيل في الجامعة اللبنانية، أصدرت الجامعة مذكرة إدارية حول المهل القانونية، لفتح المجال أمام الطلاب للانتساب إليها. ومددت الجامعة مهل التسجيل في ظل تراجع الإقبال على التسجيل، وبات بإمكان الطلاب تقديم طلباتهم بدءاً من اليوم الثلاثاء في الأول من تشرين الثاني ولغاية 16 كانون الثاني 2023. ووفق الرسوم الجديدة، بات الطلاب اللبنانيون والفلسطينيون ملزمين بدفع رسم 885 ألف ليرة، والطلاب الأجانب يدفعون مليونين و835 ألف ليرة، للتسجيل في مرحلة الإجازة الجامعية. وفي مرحلة الماجستير يدفع اللبنانيون والفلسطينيون مليونين و85 ألف ليرة، والأجانب خمسة ملايين و85 ألف ليرة، وفي مرحلة الدكتوراه يدفع اللبنانيون والفلسطينيون خمسة ملايين و585 ألف ليرة، والأجانب 15 مليون و585 ألف ليرة. وكذلك يدفع جميع الطلاب رسوم المختبر 150 ألف ليرة ورسم الانتساب 105 آلاف ليرة.

في انتظار الهبات
وكانت إدارة الجامعة قررت اعتماد التعليم الحضوري لمدة تترواح بين ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع، والتوقف عن التعليم من بعد الذي كان سارياً العام الفائت. ففي ظل الأزمة التي تعيشها الجامعة جراء تراجع موازنتها، وافتقادها لأبسط مقومات الصمود من حبر وورق، فضلاً عن المحروقات وصيانة المباني الجامعية، اشترطت الدول المانحة على الجامعة تسيير التعليم الحضوري كي تقدم لها الهبات. لكن وصول الهبات قد يأخذ وقتاً طويلاً، رغم تقدم المحادث مع الدولة المانحة، كما أكدت المصادر.

وبعيداً من لجوء أساتذة إلى تقديم طلبات استيداع وإجازات غير مدفوعة، وإجازة السنة السابعة، جراء تراجع رواتبهم، وقعت الإدارة في مشكلة الأساتذة الذين هاجروا سابقاً وكانوا يدرسون الطلاب من بعد. وتبين أن الشغور الحالي (نقص بعدد الأساتذة) كبير في مختلف الكليات.

إشكالية التعليم من بعد
ووفق مصادر "المدن"، بدأ رئيس الجامعة بسام بدران بإجراء سلسلة اجتماعات مع العمداء لحل مشكلة الشغور. وقد قدم العمداء أعداد ونسب الشواغر في كلياتهم وتبين أن العدد كبير. وبالتالي سيصار إلى طرح الحلول المناسبة.

وطرحت سابقاً أفكار تتعلق بإمكانية العودة إلى التعليم من بعد في حالات محددة. لكن الأمر قد يفتح الباب على مشكلة مع الأساتذة في لبنان. فمن هاجر ووجد وظيفة في الخارج يكافأ من خلال الاتاحة له التعليم من بعد، فيما من بقي في لبنان ملزم بالتعليم الحضوري، وتكبد نفقات بدل الانتقال. ما يؤدي إلى مشكلة يصعب التكهن بمدى اتساعها، تقول المصادر.

وتؤكد المصادر، أن ثمة طرق عدة لسد النقص بالأساتذة، إما من خلال التعاقد مع أساتذة جدد أو من خلال رفع ساعات أساتذة المتعاقدين وفي الملاك، ومن خلال تقليص المواد الاختيارية. وربما يصار إلى إجراء استثناء للأساتذة الذين يدرسون من الخارج من خلال تحديد مواعيد لهم للمجيء إلى لبنان لإعطاء المحاضرات في مدة زمنية محددة. وهذا بحاجة لدراسة قانونية تبيحه. غير ذلك، فإن السماح لهم باعتماد التعليم من بعد لمواد محددة، يؤدي إلى مشاكل مع زملائهم في لبنان. لذا قرر بدران التعليم الحضوري طالباً من الأساتذة غير القادرين أخذ إجازات أو تقديم طلب وقف العقد. فلا استثناءات في هذا المجال، وعلى جميع الأساتذة الذين هاجروا العودة إلى قاعات الدراسة في لبنان. 
قضية الشواغر تضاف إلى أزمة الجامعة مع أساتذتها بعد تراجع مداخيلهم. والجامعة في هذا المجال لا تشذ عن قطاعات الدولة الأخرى، التي يعاني فيها الموظفون، الذين لجأوا إلى تقليص دوامات حضورهم إلى الوظيفة. وهذا ما دفع بدران إلى تقليص أيام التعليم الحضوري، طالباً من العمداء اتباع السبل المناسبة لتسيير كلياتهم، سواء من خلال اعتماد يومين أو ثلاثة وأربعة أيام حضورية، حسب وضع كل كلية. أما من حدد بعض الساعات للتعليم من بعد مثل كلية الهندسة وكلية الطب، بسبب ظروف خاصة تتعلق بمواعيد معقودة قبل اتخاذ قرار التعليم الحضوري حصراً، فسيعودون مثل غيرهم إلى التعليم في القاعات.  

انتخابات الرابطة
ووفق أساتذة في الجامعة، جميع الحلول المعروضة، سواء من خلال تقليص دوامهم الحضوري لتخفيف أعباء بدلات الانتقال، أو من خلال اتاحة المجال أمامهم لأخذ إجازة لمدة سنة إلى حين تحسن الأوضاع الاقتصادية، ليست إلا حلول ترقيعية. لكنهم في الموازاة يشكون من رابطتهم، التي خذلتهم في عدم الوقوف بوجه العمداء الذين فرضوا عليهم العودة إلى إجراء الامتحانات، رغم قرار الرابطة الرسمي بالإضراب. 

ويضيف الأساتذة أن قرار الإضراب الذي ما زال سارياً رسمياً بات منذ مدة في خبر كان. فقد بدأ الأساتذة بإنهاء امتحاناتهم في ظل صمت رابطتهم المطبق. ولم يتبق أمامهم إلا انتظار الانتخابات المقبلة للرابطة لتعديل موازين القوى داخلها. وحسب المادة الثانية من النظام الداخلي للرابطة يبدأ الأساتذة بدفع اشتراكاتهم السنوية اليوم الثلاثاء في الأول من تشرين الثاني وحتى قبل سبعة أيام من انتخاب المندوبين. وتحدد كل كلية عدد المندوبين الذين يفترض انتخابهم، وذلك وفق عدد الأساتذة المتفرغين وفي الملاك. بعدها تدعو الهيئة الإدارية للرابطة إلى انتخاب المندوبين، الذين يجتمعون لاحقاً لانتخاب رئيس مجلس المندوبين وأمين السر. ويدعو رئيس المجلس إلى انتخاب هيئة الإدارية جديدة.